يوم الغضب المصري.. هل تعي السلطة درس تونس؟
22 صفر 1432
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

لا شك أن ثورة الشعب التونسي ضد الظلم والاستبداد الذي مثله نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ألهم العديد من شعوب المنطقة في وقت ظن الكثيرون أن الشعوب العربية لا تواكب الحراك السياسي العالمي الذي أسفر عن عدة ثورات شعبية ضد الانظمة الدكتاتورية وبدأنا نستمع إلى تحليلات عن أسباب عدم المواكبة, إلا أن ما حدث في تونس حرك المياه الراكدة وانطلقت عدة مظاهرات تطالب بالتغيير والإصلاح وتحسين مستوى المعيشة في الجزائر واليمن والأردن ثم جاء الدور على مصر التي ينظر إليها باعتبارها قلب العالم العربي وروحه المتدفقة وتصور البعض أن البداية آجلا أم عاجلا ستكون منها ورغم التأخير فقد انطلق الثلاثاء الألوف من المصريين في مظاهرات حاشدة في "يوم الغضب" الذي دعا إليه ناشطون على الإنترنت في يوم تحتفل فيه الشرطة بـ "عيدها", في إشارة إلى الممارسات القمعية التي تمارسها تجاه المعارضة.

لم تقتصر الحشود التي انطلقت في مصر على العاصمة فقط بل شملت عدة مدن في أماكن متفرقة في الشمال والجنوب فقد شهدت مدن المحلة والسويس وبورسعيد وأسيوط والإسكندرية بالإضافة إلى العاصمة القاهرة تدفق الآلاف مطالبين بإلغاء قانون الطوارئ وإبطال البرلمان الجديد بسبب التزوير, وتعديل الدستور وعدم السماح للرئيس مبارك بالترشح لفترة أخرى, وقد تعرض المتظاهرون لهجمات من قوى الأمن بالقنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه.السلطات المصرية كالعادة لم تجد أمامها سوى جماعة الإخوان حتى تحملها المسؤولية عن المظاهرات حيث صدر بيان للداخلية يتهم الجماعة بأنها وراء الاحتجاجات رغم أن المظاهرات لم تشهد تواجدا ملحوظا لعناصر الجماعة وكان أكثر المتظاهرين من عامة الشعب ومن حركات أخرى, الرد الثاني الذي صدر تعقيبا على المظاهرات من جانب السلطة جاء على لسان أحد منظري الحزب الحاكم وهو الامين العام للإعلام في الحزب الوطني الدكتور علي الدين هلال الذي استخف بالاحتجاجات قائلا: إن المشاركين 30 ألفا من 80 مليون مصري, زاعما أن الشعب رفض الاستجابة للاحتجاجات. قد لا تؤدي هذه الاحتجاجات إلى ما أدت إليه في تونس ولكن نظرة السلطة المتعالية للمحتجين ومحاولة حصرهم في جماعة الإخوان لتخويف الغرب منهم وتحجيمهم؛ ستؤدي حتما إلى انزلاق الامور بدلا من معالجتها.

 

مسار الاحداث يشير إلى أن السلطة في مصر أمامها فرصة أكبر من الفرصة التي كانت متاحة للسلطة في تونس قبل انهيارها إذا أحسنت قراءة التوجه الشعبي وبدأت في اتخاذ إجراءات سريعة لتغيير الأوضاع وتعديل الدستور وخصوصا المادة التي تتيح الاستمرار في الرئاسة مدى الحياة, إلا أن غرور القوة الذي تكلم به بعض المسؤولين يشبه خطاب بن علي الاول الذي توعد وهدد ووصف المحتجين "بالإرهاب" قبل أن يتراجع بعد فوات الأوان, لقد أسفرت الاحتجاجات حتى الآن عن سقوط العديد من القتلى بالاضافة إلى عشرات المصابين, وهو ما ينذر بخطورة الاوضاع مع دعوات لمواصلة الاحتجاجات بعد التدخل الأمني العنيف في اليوم الأول. النظام المصري أعطى هامشا من الحريات أوسع مما كان متاحا في تونس, وهذا قد يخفف من ردة الفعل الشعبية نوعا ما ولكن التعامل الأمني غير المنضبط قد يؤجج الاوضاع, يقول المحلل السياسي نبيل عبد الفتاح: ان ما حدث يوم الثلاثاء تحذير مهم للنظام. انه امتداد للاحباط المكبوت والاحتجاجات المستمرة, مضيفا: ان الاحتجاج يمكن ان يكتسب قوة دفع ما لم تتحرك الدولة سريعا للتعامل مع مطالب الاصلاح.

 

قد ينجح التعامل الأمني هذه المرة ومرة أخرى ولكن المؤكد أن حجم الغضب يزداد ليس في مصر وحدها بل في المنطقة ككل وعلى الحكام أن ينظروا بشكل آخر لشعوبهم بعد أن كشفت الازمة الاقتصادية المتفاقمة عن مآسي هذه المجتمعات التي ترزخ تحت براثن الفقر والبطالة. الرئيس المصري ـ حسبما نشر موقع ويكيليكس في تسريباته ـ طالب الإدارة الأمريكية بعد غزو العراق بتولية دكتاتور عادل ونسيان موضوع الديمقراطية, وهو ما يشير إلى نظرة استراتيجية للنظام المصري بشأن طريقة الحكم المثلى وهو ما يتنافى مع تطلعات الشعوب في هذه الفترة التي شهدت ثورة كبيرة في الاتصالات, أضف إلى ذلك الخلاف حول مفهوم العدالة وكيفية تطبيقها في مجتمع أكثر من 40 في المائة منه يقع تحت خط الفقر بينما تزداد فيه عدد السيارات الفارهة عن بعض الدول الغنية .