أصحاب الستة عشر مربعا
22 ربيع الأول 1432
الشيخ/ خالد الصقعبي

الحمدلله وحده والصلاة على من لانبي بعده
 
أما بعد:

حينما ترسم مربعا يحتوي على أربع مربعات صغيرة طولا وعرضا فإن النتيجة للناظر من أول وهلة هي أن هذا المربع يحتوي على ستة عشر مربعا صغيرا..
 تلك هي النتيجة التي يتوصل لها من ينظرون للأمور نظرة سطحية ويحكمون على الأمور من أول وهلة ، لكن أهل البعد في النظر يستنتجون أن هذا المربع يحتوي على ثلاثين مربعا صغيرا، وانما توصلوا الى هذه النتيجة الصحيحة لمعرفة سابقة لديهم في كيفية حساب هذه المسألة مع طول نظر وتأمل ، وانطلاقا من قواعد مكنتهم للوصول الى هذه النتيجة الصحيحة ..

 

ومن البدهي أن تكون هذه النتيجة محل قبول لمن يبحث عن الحل والمخرج .. في حين أن هناك فئة لاتعنيها الوصول للنتيجة من الأساس ، فضلا عن التفكير فيها فهي فئة تحكم أنه ليس هناك مربعات أصلا ؛ لأنهم ببساطة لايفرقون بين المربع والدائرة ..
هذا المثال يصلح أن يكون منطلقا لبيان أقسام الناس في تقييم الأحداث التي تمر بها الأمة في وقتها الحاضر ، والتي تعصف بالأمة من أقصاها الى أدناها ، أصحاب الستة عشر مربعا ..
تلك الفئة لم تستوعب الدرس جيدا .. أصحاب مقالات النصف كم !!.. مازالوا في غيهم سادرون !!..

 

الأمة في واد ، وهم في واد اخر ..
أطروحاتهم لاتتعدى المطالبة بقيادة المرأة للسيارة ، وعملها كاشيرة حتى ولو كان ذلك على حساب أخلاق الأمة وشرفها !!..
الأمة في حاضرها أشبه ماتكون بامرأة تعسرت ولادتها ، وقد أشرفت على الهلاك ، فبدلا من أن يقوموا بانقاذها فاذا بهم يدقون الطبول تحت قدميها من أجل أن ترقص لهم!!.. حتى يشبعوا منها نزواتهم في خضم هذه الاحداث التي تمر بالأمة منذرة بتهديد كيانها ، نجد أنهم في الوقت ذاته مازالوا يراوحون أماكنهم لم يتزحزحوا عن بهيميتهم قيد أنملة !!..

 

ومن نظر إلى بعض أطروحاتهم في الوقت الحاضر يدرك بجلاء هذه الحقيقة ، بل بلغ من خبثهم في أكثر من أزمة مرت بها الأمة أنهم يعمدون إلى استغلال انشغال الأمة بقضاياها الكبرى ، لتمرير مخططاتهم التغريبية !.. وهذا مايجب على الدعاة أن يتنبهوا له ، لذا يجب على طائفة من أهل العلم أن يبقوا في مواقعهم لصد هذه الهجمة الشرسة ، وأن لاينشغلوا بالأحداث الراهنة عن مناجزة هؤلاء القوم ..
فإنني أخشى أن يكون هذا التخلي كتخلي الرماة عن مواقعهم في واقعة أحد ؛ لأن حسن النوايا ليس هو الطريق الأوحد للوصول إلى الحقيقة .. أصحاب الستة عشر مربعا حتى وإن حاولوا المشاركة في تقييم الأحداث حتى يوهموا الأمة ، إنهم يحملون هما لقضايا الأمة ومع ذلك فإن ورقة اجابتهم ستحمل صفرا مجردا !!.. وقد يكون هذا الصفر لتعبئة الخانات ليس إلا ..
وهو في كلتا الحالتين لاقيمة له فساد في التصور .. تقييم لايقل عن سابقه فسادا .. والنتيجة الطبيعية علاج لايقل عن سابقيه سوءا وفسادا ..
أنموذج واحد والنماذج كثيرة .. كم أزكموا أنوفنا لاقناعنا بإمكان التعايش مع الرافضة ..
واذا واقع الحال في البحرين حرسها الله وبلاد المسلمين يميط اللثام عن سوءاتهم وفساد تصوراتهم ، في الوقت الذي مافتئ علماء الأمة وربان سفينتها يحذرون من تقية الرافضة ومكرهم وكيدهم من سنوات طويلة !!..
إننا أمام حقائق ماثلة لاينكرها إلا مكابر ..

 

أصحاب الستة عشر مربعا لم يحملوا هم خلاص الأمة وعزها في أي مرحلة من مراحلها ..
إن من لم يحمل هم رقي الأمة وانتشالها من ورطتها في وقت رخائها وأمنها ، لهو أحقر من أن يملك تصورا واضحا ، فضلا عن علاج ناجع لانتشال الأمة في أوقات شدائدها وانتكاساتها ..
إن خلاص الأمة في نظر هؤلاء أن تخرج المرأة راقصة وعارية بالمايوه على شواطئ البحار !!..

 

تلك أمانيهم لقد قيل أن حلاوات المبادئ مرارات في العواقب ومرارات المبادئ حلاوات في العواقب !!.. لقد عاش أولئك ردحا من الزمن حلاوات المبادئ ، ولكنه بدأوا الآن يجنون مرارات العواقب !!..
والناظر بعين البصيرة يدرك بداية سقوط شعاراتهم وأطروحاتهم ، لقد تملكني العجب وأنا أقرأ لأحد رموزهم والذي طالما ناصب أهل العلم والدعوة العداء !!..
أقول قرأت له مقالا شعرت من خلاله مغازلته لمن كان يناصبهم العداء ، إن ذلك ولا شك شعور منه بقرب تدشين تلك الشعارات السقيمة إلى مزبلة التاريخ !!..
وصدق الله القائل (مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء)
(ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور) ..

 

أما أصحاب الثلاثين مربعا فهم وهج الأمة ونورها ، وقبطان سفنينتها ..
لقد عاشوا وما زالوا مرارات المبادئ .. وأحسب أنهم باذن الله سيجنون حلاوات العواقب ..
إنه وعد الله الذي لايتخلف أبدا (انا لننصر رسلنا والذين آمنوا) وبشائر النصر تلوح بالأفق باذن الله ..
لن أزايد على هؤلاء ولكن من نظر إلى الواقع المعاصر ، يدرك بجلاء أن تحليل علماء الأمة للأحداث تحفل به وسائل الاعلام بغض النظر عن توجهاتها وسياساتها ، وماذاك إلا لأن القائمين على هذه الوسائل يدركون قيمة كلام هؤلاء لدى جماهير الأمة ..
يضاف إلى ذلك وضوح رؤيتهم وتصوراتهم ، قلما نطالع وسيلة اعلامية لاتمارس أسلوب الاقصاء إلا ونجد لعلما الشريعة مساحة أوسع من غيرهم ، تقييما للأحداث وتوجيها للخلاص النافع ، بل لم يقتصر دور تلك الثلة المباركة على الجانب النظري ، بل تعداه إلى المشاركة العملية ..

 

ومن نظر في أحداث مصر وحماية الممتلكات في ظل انفلات الأمن ، يدرك دور هؤلاء ، ولا ينكر ذلك إلا حاقد جاحد ..
أصحاب الثلاثين مربعا ينطلقون من رؤية واضحة ابتداء من حمل هم انتشال الأمة ، صاحب ذلك دراسة لواقع الأمة عبر سنوات طويلة ، فاذا ما أشتدت الظلمة سطعت تصوراتهم ..
حينها تلمست الأمة العلاج من مشكاة توجيهاتهم ، وما ذاك إلا لعلمهم أنهم لن يجدوا الحل عند غيرهم ..
يكفي أن هؤلاء ينطلقون من خلال مايسمى بالسياسة الشرعية ، والتي زادت من تصوراتهم جمالا وبهاء ..

 

أما الفئة الثالثة فهم أصحاب الطرب والمجون والخلاعة ، والذين مافتئوا يضخون هذا العفن في واقع الأمة من خلال الرواية الهابطة ، والأغنية الماجنة ، والمسلسل الهابط !!..
فهؤلاء أحقر من أن يتكلموا في أحداث الأمة ، فضلا من أن يسهموا في علاجها .. إنهم يعيشون انحطاطا لامثيل له في حياتهم ، فهم لم يستطيعوا إسعاد أنفسهم فضلا عن أن يسهموا في إسعاد أمتهم ، فهم مابين ظلمة ، وأخرى يصدق عليهم قول الشاعر:
وكأس شربت على لذة *** وأخرى تداويت منها بها .
لذا لن أحفل كثيرا ببيان واقع حالهم ؛ لأنه لاواقع لهم حتى ننشغل بتحليله ..
ولله الأمر من قبل ومن بعد   ....