التغيير المرتقب في العراق
24 ربيع الأول 1432
د. جاسم الشمري

الأحداث المؤلمة التي تجتاح القطر الليبي الشقيق تجعل الحليم حيرانا، ولا ادري عن أي حدث اكتب هل عن الدماء الطاهرة التي تسحقها آلة الحرب القذافية الإجرامية، أم عن حالة التحضير الجماهيري للتغيير في العراق( المظاهرات المليونية)، والتي من المقرر أن تخرج الجمعة 25/2/2011، لتعم البلاد من أقصاها إلى أقصاها.

 

وقبل أن أتكلم عن المأساة العراقية نقول لأهلنا في ليبيا اصبروا، فوالله إن النصر صبر ساعة، ونهاية هذا الطاغية قد أزفت، واعلموا أنكم بحق مفخرة من مفاخر العالم، ولقد أثبتم للعالم أن القوة العسكرية لا تحقق النصر دائماً، ولقد وقفتم بأجسادكم العارية الأبية بوجه الجبروت القذافي، وستنتصرون في نهاية المطاف بإذن الله.
أما فيما يتعلق بالعراق المحتل، فإن المظاهرات التي تعم بلاد القهرين اليوم تهدف إلى جملة من المطالب حُددت عبر العديد من البيانات، ومن أبرزها توفير الخدمات الأساسية ومكافحة الفساد والقضاء على البطالة، وإجراء إصلاحات سياسية وإبعاد مظاهر التسلح عن المدن.

 

التغيير المطلوب في العراق هو تغيير حقيقي وجذري، وليس تغييرا شكليا زائفا، تغيير يكون باجتثاث كل منْ جاء على الدبابات الأمريكية، وكل منْ صفق للمحتل من رجال العملية السياسية، تغيير يشمل كل منْ تباهى في يوم من الأيام بقتل العراقيين؛ لأن الدم العراقي خط احمر، والتسامح يمكن أن يكون في السب والشتم والتهكم، لا في الدماء والأرواح؛ لأنه لا يمكن التهاون بها، وإلا لعمت الفوضى في دنيا الناس.
هذه المظاهرات تمثل حقيقة الشعب الذي واجه اعتى آلة عسكرية في العالم، العراقيون صبروا بما فيه الكفاية، وأعطوا مئات الفرص لرجال المنطقة الخضراء لتحقيق برامجهم الإصلاحية والخدمية المزعومة، إلا أن الذي لمسه العراقيون، في نهاية المطاف، هو انشغال اغلب هؤلاء الساسة بأنفسهم ولا يهمهم الواقع المأساوي للعراقيين.

 

ومن بشائر الخير القادم نحو التغيير والحياة الحرة الكريمة إننا بدأنا نسمع بتصريحات مؤيدة للمتظاهرين، من داخل المؤسسات الحكومية، وآخرها ما أعلنه الفريق عبد العزيز حمدي الكبيسي مدير دائرة الأفراد في الجيش العراقي الحالي في مقابلة بثتها قناة الشرقية الفضائية فجر يوم الأربعاء 22/2/2011، حيث أكد رفضه للعمليات الإجرامية التي تقوم بها حكومة المالكي، ورفضه للفساد الإداري والحكم الطائفي المستشري فيها، مؤكداً أنه لم يعد هناك مكان للطائفية في العراق لا عند السنة ولا عند الشيعة، وخلع الكبيسي رتبته العسكرية أمام كاميرا التلفزيون ورماها أرضا، واصفا حكومة المالكي والنظام القائم بالفاسد من رأسه إلى ذيله، وأعلن عن استعداده لأي مصير في سبيل حرية الشعب العراقي المستضعف وكرامته، مؤكداً إنه يقول هذا الكلام من داره التي يجلس فيها ببغداد، وأن الذي دفعه للكلام هي صحوة الضمير وتأنيبه على اشتراكه مع حكومة المالكي الطائفية، وطلب من الحكومة التي جاءت من خارج الحدود أن تترك العراق وشعبه المسكين بعد أن استحوذت على المال العام وسرقوا قوت الشعب وثرواته، وانه سيخرج متضامناً مع العراقيين الثوار من أجل الإطاحة بهذه الحكومة التي لم يستبعد من أنها ستلقى نفس المصير الذي لقاه بن علي في تونس، ومبارك في مصر.

 

وفي ذات اليوم أكد مصدر موثوق لموقع ( العراق يرى) أن عدداً من ضباط وأفراد منتسبي وزارة الداخلية بينهم ضابط برتبة عقيد وضابطين برتبة ملازم أول ومفوض و(37) من عناصر الشرطة قد قدموا استقالاتهم والتحقوا مع المتظاهرين في ساحة الحرية.
وفي أول رد فعل حكومي هستيري على التصريحات التي أطلقها الكبيسي، وفي صباح الأربعاء اعتقلت قوة حكومية الكبيسي واقتادته إلى جهة مجهولة، وذلك في تطبيق عملي للديمقراطية الحكومية والأمريكية في العراق.
الموقف البطولي للكبيسي سيدفع العديد من رجال العراق للإعلان عن براءتهم من الخراب المستمر في بلادنا.

 

وأروع ما في الأمر أن المظاهرات انطلقت من مناطق كانت تظنها الحكومة أنها قد قتلت، أو دجنت بسبب التثقيف السلبي وهي المناطق الجنوبية والشمالية، وهذه الحالة تؤكد حقيقة الشعب العراقي الذي لا ينام على الضيم، وان يسكت عنه حيناً من الدهر، وسنعمل معاً من اجل بناء بلادنا الحرة، ونحاسب كل أولئك السراق الذي يتمتعون بالمال العام بينما يتضور أبناء العراق جوعاً وألماً؟!!
[email protected]

 

* نقلاً عن السبيل الأردنية