تأجيل الانتخابات المصرية.. المخاوف و"المبررات"
19 جمادى الثانية 1432
تقرير إخباري ـ نسيبة داود

رغم تأكيد اللواء ممدوح شاهين عضو المجلس العسكرى الحاكم في مصر في تصريحات صحفية اليوم السبت بأن تأجيل الانتخابات البرلمانية أمر غير وارد، إلا أن الشكوك تحيط بالمستقبل السياسي لمصر، وسط نداءات متعددة لتأجيل الانتخابات، وتخبط لقسم غير هين من الناشطين المصرين الذين يطالب بعضهم بتأجيل الانتخابات.

 

ومن المقرر أن تجرى الانتخابات البرلمانية في سبتمبر المقبل، حيث تليها انتخابات رئاسية.

 

وتمثل هذه الانتخابات مفصلا حيويا في الحياة السياسية المصرية حيث ستفضي إلى مجلس شعب منتخب مخول بتشكيل لجنة لصياغة دستور دائم للبلاد.

 

النداءات المتعددة لتأجيل الانتخابات جاءت من جانب عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية الذي أعلن مؤخرا نيته الترشح لرئاسة البلاد، ومحمد البرادعي الأمين العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي أعلن هو الآخر اعتزامه الترشح.

 

وكلاهما يتبعه فريق من الشباب الناشط على الإنترنت وله مؤيدوه في مسعاه لهذا المنصب الأكثر أهمية.

 

عمرو موسى برر دعوته لتأجيل الانتخابات بالقول إن الغموض يحيط ببعض مواد قانون مباشرة الحقوق السياسية، تتمثل فى عدم وضع نص دستوري صريح يقضى بحق المصريين بالخارج في التصويت وهم يقدرون بنحو 8 ملايين.

 

إلى جانب ما اعتبره غموض يتعلق بشطب المرشحين، حيث يرى ضرورة تسليط الضوء على إعادة توصيف تلك المادة.

 

موسى الذي تحدث في اجتماع لجنة الوفاق الوطني التي قاطعها أبرز التيارات الإسلامية -وهو الاجتماع الذي قاده يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء الذي يطالب الناشطون بإزاحته من المنصب- استند في دعواه إلى مزاعم بوجود "حركة سياسية قوية" فى اتجاه تأجيل الانتخابات البرلمانية، نظرا للأوضاع الحالية.

 

ولم ينس موسى -الذي كان أحد أعمدة النظام السابق لفترة طويلة من حياته السياسية إلى أن تم الإطاحة به من منصب وزير الخارجية إلى أمانة الجامعة العربية خشية أن تتجاوز شعبيته شعبية الرئيس المخلوع حسني مبارك- لم ينس التحذير من خطورة إطالة الفترة الانتقالية، معتبرا أن المخرج من هذه الفترة في ظل إلغاء الانتخابات البرلمانية هو بالطبع؛ إجراء الانتخابات الرئاسية، التي يريد هو خوضها، وبالتالي صياغة دستور جديد في ظل الرئيس الجديد وقبل إجراء انتخابات برلمانية.

 

أبلغ ما يمكن أن يقال في ذلك السيناريو الذي يتمنى موسى ومن على شاكلته وقوعه، هو ما قاله سابقا المحامي صبحي صالح عضو جماعة الإخوان المسلمين: أن نأتي برئيس قبل بناء المؤسسات وصياغة الدستور الجديد معناه أننا خلعنا الديكتاتور ونصّبنا "الإله" أو الفرعون.

 

ففي ظل عدم وجود مؤسسات ولا مجالس ولا دستور يصبح الرئيس "إله"، حيث يقوم بتفصيل الدولة بمؤسساتها ومجالسها التي تعمل على صياغة دستورها كما يحلو له. لكن المفترض والمنطقي أن يتم بناء الدولة بمؤسساتها، ثم يؤتى لها برئيس يدير شؤونها طبقا لقوانينها التي وافق عليها ممثلو الشعب.

 

الفكرة التي طرحها موسى أيده فيها نقيب المحامين حمدى خليفة في كلمته خلال الاجتماع الذي عقد السبت فى مركز المؤتمرات بمدينة نصر بالقاهرة، بحضور عدد من القوى السياسية والأحزاب.

 

وبين خلط الحقائق وتغييبها، قال خليفة إن "ثورة 25 يناير قد حققت مكاسب سياسية واقتصادية واجتماعية لم تحقق من قبل، ولابد أن يتم استثمار هذه المكاسب والحافظ عليها والعمل على تنميتها"، معتبرا أن الحفاظ عليها يأتي بإلغاء الانتخابات البرلمانية!

 

وقال: "إن هذه المكاسب تجعلنا نعمل على صناعة دستور يتماشى مع هذه الإصلاحات والمكاسب، على أن يكون دستور جيد يحقق طموحات الشعب ومتطلباته، على أن يعد الدستور قبل إجراء الانتخابات المقبلة"، وهو ما يعني أن يعد هذا الدستور لجنة ليست منتخبة، وبمعجزة ما "تحقق طموحات الشعب"!

 

لم يوضح المحامي المحسوب على النظام السابق كيف يمكن صياغة دستور يحقق طموحات الشعب دون أن يقوم عليه برلمان منتخب، لكنه اهتم بأن تمتلئ تصريحاته بعبارات رنانة على غرار "إصلاحات ترجع على الشعب والوطن بالصالح العام".

 

ليس المطمئن الآن تصريحات عضو المجلس العسكري الحاكم بأن إلغاء الانتخابات ليس واردا، خاصة أن هذه التصريحات جاءت في إطار الاجتماع ذاته. لكن المطمئن هو أن هذه الدعوات لتأجيل الانتخابات وهذه المبررات التي سيقت لها، كانت كلها معلنة مسبقا قبيل التصويت على التعديلات الدستورية في 19 مارس الماضي، وهو الرهان الخاسر في الاستفتاء.

 

وكانت الأصوات ذاتها قد تعالت برفض التعديلات على الدستور مطالبين بصياغة دستور جديد قبل إجراء انتخابات لمجلس الشعب.

 

لكن كانت النتيجة المذهلة بالموافقة على التعديلات بنسبة زادت عن 77%، رغم تجييش البرادعي وموسى ومن على شاكلتهما لرفض التعديلات.