قرار تقسيم فلسطين.. تقنين الظلم الغربي
26 رجب 1432
منذر الأسعد

ربما كان القرار الذي اتخذته الأمم المتحدة في عام1947م، بتقسيم فلسطين بين أهلها العرب والغزاة الصهاينة، أكثر القرارات الدولية شهرة، وكذلك أشدها ظلماً وجوراً!!

غير أن الشهرة ظلت في نطاق محتوى القرار المشؤوم، وغابت عن الناس نصوصه وتفاصيله.والأشد إثارة للسخرية السوداء في هذا المضمار، جملة مفارقات، أبرزها:

* أن "شرعنة" الكيان الصهيوني تمت على أساس القرار الظالم، بالرغم من عدم تطبيقه!!
* أنه ما زال حتى اليوم أساساً نظرياً لمشاريع تصفية القضية الفلسطينية من خلال مهازل التسوية السياسية.والمضحك المبكي أن الفلسطينيين المشاركين في حفلة اغتيال القضية هم الذين يتشبثون بالقرار في حين يصر اليهود على رفضه هو وسائر القرارات الأممية بالرغم من انحياز هذه القرارات لهم!!
* أن المنظمة الإجرامية-المسماة: هيئة الأمم المتحدة-اشترطت لقبول الدولة العبرية في عضويتها، تنفيذ الجوانب المتعلقة بها في القرار لكنهم قبلوا عضويتها من دون تنفيذه!!!

 

ونحن نعرض هنا اليوم كتاب (قرار تقسيم فلطسين واتفاقيات أخرى) الصادر عن دار الركن ببيروت، الذي يتضمن نص القرار وملحقاته والخرائط التي اعتمدها قادة الحيف الغربي لتقسيم فلسطين، في خطوة إجرامية غير مسبوقة، وهي منح المعتدي ما يقرب من نصف أراضي شعب آخر!! والاتفاقات الأخرى التي يحتوي الكتاب عليها، هي: معاهدة بطرسبورغ بين الإنجليز والفرنسيين وروسيا القيصرية لتقاسم أراضي الدولة العثمانية التي تآمروا عليها على مدى مئات السنين، ومعاهدة سايكس بيكو الشهيرة بين لندن وباريس لتقاسم بلاد الشم والعراق بينهما، بعد دحر النفوذ العثماني بالضحك على الشريف حسين ووعده بلإقامة دولة عربية كبيرة يكون ملكاً عليها!! ويضم الكتاب الجوانب المتعلقة بالمشرق العربي في مؤتمر الصلح –باريس1919م- الذي عقدته الدول الاستعمارية المنتصرة في الحرب العالمية الأولى(1914-1918م)، ووثائق مؤتمر سان ريمو حيث اتفقت بريطانيا وفرنسا على رسم الحدود بين سوريا وفلسطين ولبنان والعراق-أي البلدان التي انقض عليها هؤلاء الكفرة الفجرة خلافاً لوعودهم الكاذبة-.

 

ويحتوي الكتاب على العهد البريطاني للسوريين السبعة في 16/6م1918م الذي يكمل لعبة الضحك على العرب بوعود خلّبية زائفة، سرعان ما تبددت تحت جنازير دبابات الغزاة أصحاب الوعود المعسولة.

 

وفي ملاحق الكتاب كذلك عدة برقيات فضحها البلاشفة الذين أطاحوا بالنظام القيصري في روسيا في خريف عام1917م، وأهم ما فيها أن الدول الاستعمارية كانت تتآمر على دولة الخلافة العثمانية مع الوالي العثماني على الشام جمال باشا السفاح!!هذا المجرم الذي كان يتظاهر بالتعصب الشديد للعنصر التركي ضد كل ما هو عربي، وذلك لـتأجيج الانقسامات بين المسلمين من أبناء السلطنة.وهذا العميل للغرب كان واحداً من يهود الدونمة الذين تآمروا على السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله، عبر انقلاب 1908م، تحت شعارات الدستور والإصلاح!!

 

إن الكتاب على قلة عدد صفحاته -134صفحة- كبير الأهمية من الناحيتين التاريخية والتوثيقية، لجمعه هذه النصوص التي لعبت دوراً مأسوياً في حياة الأمة الإسلامية، وما زلنا نكافح للتغلب على آثارها الفادحة.

 

لكن في الكتاب عيباً لا يخفى على الباحثين، وهو أن الذين نشروه ينتمون إلى الفكر القومي السوري المنحرف جملة وتفصيلاً، وإن كان شرهم قد اقتصر على المقدمة المؤدلجة التي تتغنى بما يسمونه ظلماً وزوراً: الأمة السورية.فهم لم يتدخلوا في نصوص الوثائق البتة.ولذلك لم تفسد مقدمتهم لب الكتاب وقيمته الفكرية والتأريخية.