أنت هنا

اللهو والمتعة
2 شعبان 1432
اللجنة العلمية

إن شريعة الإسلام عاملت الإنسان على أساس مراعاة غرائزه النفسية وحاجاته الجسدية بحيث كفلت له قدراً كافياً محدوداً لإشباعها مع تحديد الضوابط والمجالات لتصريفها وإمتاعها ولم يكن الإسلام يوماً من الأيام عدواً متسلطاً على طبيعة النفس البشرية بل هو دين الفطرة يتعامل معها بما يحقق مصالحها وحاجاتها دون انفلات أو تضييق فالتوازن صبغته والاعتدال طبيعته وقد أقر حق النفس في الترويح والترفيه والاستجمام(1).
ويتبين فيما تقدم بأن اللهو واللعب أصلهما على الإباحة في أصح أقوال أهل العلم فلا يمنع الإنسان من ذلك إلا إذا قام الدليل على المنع والتحريم(2).

 

وعلى هذا فالسياحة في أماكن اللهو والمتعة إن اشتملت على منكرات ومحاذير شرعية ومفاسد راجحة كسائر ما يتلهى به البطالون في عصرنا هذا من أنواع اللهو المحرم في ذاته كالنرد والشطرنج والمزاجلة بالحمام والملاكمة وألعاب القمار وصبر البهائم والتحريش بينهما وغير ذلك مما لا يستعان به في حق ولا يستجم به في درك واجب أو من أنواع اللهو المحرم لما يؤدي إليه من المفاسد أو لما يترتب عليه من تضييع الواجبات والفرائض أو لاشتماله على منكرات أخرى كالسياحة في أغلب المنتجعات والفنادق ومدن الألعاب والأسواق والمقاهي وقاعات السينما والسيرك ونحوها مما يشتمل على منكرات التبرج والسفور والعري والاختلاط والغناء والمسكرات وشيوع الفواحش وغير ذلك.

 

فهذا كله من اللهو المبطل والسياحة في مثل تلك الأماكن محرمة شرعاً لما تشتمل عليه من منكرات ومفاسد ظاهرة تضافرت أدلة الشرع على تحريمها والتحذير منها من سحر واختلاط وإشاعة للفواحش ومجاهرة بالمعاصي وشرب للخمور وغيرها، وقد صور الله تعالى لنا الهلاك الذي يحل في المواطن التي تكثر فيها المحرمات وتظهر ويفشو فيها المنكر لتوخي الحذر منها وليقوم المسلم بالدور المنوط به من التغيير والإنكار والإصلاح لا المشاركة في الهدم والفساد، فقال سبحانه: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) (الإسراء:16)(3).

 

فإذا رأى المسلم شيئاً من تلك المنكرات وجب عليه المناصحة والإنكار فإن لم يكن قادراً على ذلك فلا يجوز له بحال البقاء في تلك الأماكن الموبوءة؛ لأن ذلك موجب للعقوبة وإعانة على الإثم، والله سبحانه وتعالى يقول: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة: من الآية2).

 

 

________________
(1) ينظر: قضايا اللهو والترفيه بين الحاجة النفسية، والضوابط الشرعية، مادون رشيد، ص (121).
(2) ينظر: موسوعة القواعد الفقهية، جمع وترتيب محمد البورنو (1/121)، القاعدة الرابعة والأربعون بعد الأربعمائة.
(3) ينظر: الدعوة إلى الله تعالى في المواقع السياحية، للأحمد، ص 111، بتصرف.