أنت هنا

العبادة
2 شعبان 1432
اللجنة العلمية

والسياحة بغرض العبادة تعرف بالسياحة الدينية.
وفي هذه التسمية نظر فإنها مستلة من مصطلحات السياحة الغربية التي صنفت السياحة لعدة أنواع منها الدينية وذلك ناشئ عن رواسب فكرية وعقدية وفيه إشارة إلى منهجهم في فصل الدين عن الحياة، والمسلم يمتثل شرع الله عز وجل في كل أعماله وعاداته كما قال سبحانه: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام:162).

 

وليس في الإسلام ما يسمى بالسياحة الدينية التي تتخذ عبادة في ذاتها إذ لا رهبانية في الإسلام وليس هناك انقطاع للعبادة ورهبنة وسياحة في الأرض غير هادفة كما أنه لا يعظم ولا يقدس غير ما عظمه الله وقدسه، والآثار القديمة والمزارات والمشاهد التي يعظمها الناس اليوم ليست مما يعظم ومن ثم فالنظرة إليها كالنظرة إلى غيرها من المعالم السياحية الأخرى، ومن الخطأ أن نسمي زيارتها بالسياحة الدينية.

 

وذهب البعض إلى أنه لا يليق إطلاق اسم (سائح) على الحجاج والمعتمرين نظراً لاشتهار وغلبة الترفيه واللهو على السياحة المعاصرة فلا علاقة بين عمل السائح فيها وعمل الحاج والمعتمر؛ لأن عمل السائح في الغالب مجرد عادة دنيوية وتلك عبادات فالأليق بهم هو لفظ (وفد الله) و(ضيوف الرحمن).

 

ولا مشاحة في الاصطلاح لكن المراد بيان وجهة من فضل عدم إطلاق هذه الألفاظ على الأغراض الدينية التعبدية في السياحة لغلبة غرض اللهو والترفيه عليها في هذا العصر وهو رأي له وجاهته وحظه من الاعتبار(12).
وتتمثل هذه السياحة في زيارة الأماكن الدينية المقدسة كالمساجد الثلاثة وغيرها من المساجد الإسلامية والمشاهد والقبور والآثار الدينية تعظيماً لها وطلباً للثواب في زيارتها أو للاطلاع والتعرف والتأمل في آثار السابقين وتراث الأمة الإسلامية(13).
ويدخل في السياحة الدينية السياحة لأداء مناسك الحج والعمرة وكذلك سياحة التفكر والتبصر في آيات الله وبديع خلقه وإحكامه لنظام الكون وهذا من أعظم العبادات كما تقدم، ولذا قال تعالى: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (العنكبوت:20).

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(12) ينظر: أثر السياحة على اقتصاديات المملكة، ناصر الطيار ص(41)، ومبادئ السفر والسياحة لمثنى الحوري والدباغ ص (87)، وصناعة السياحة، للزوكة ص(107 وما بعدها)، بتصرف.
(13) ينظر: المصادر السابقة.