اعتقال رائد صلاح في لندن.. "وعد بلفور" مستمر!؟
3 شعبان 1432
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

"إنها حكومة أكثر (إسرائيلية) من (إسرائيل) نفسها".. بهذه المقولة علق الكاتب الفلسطيني الأصل عبد الباري عطوان على اعتقال الحكومة البريطانية للشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر(الأراضي المحتلة عام 48) لدى وصوله لندن بحجة أنه ممنوع من دخول الأراضي البريطانية، مستجيبة بذلك لحملة التحريض التي أطلقها اللوبي الصهيوني في بريطانيا وهو إن دل فإنه يدل على الانصياع الأجنبي الأعمى وراء الأجندات الصهيونية.

 

ويبدو أن هذا الوصف الذي أطلقه الكاتب على الحكومة البريطانية جاء في محله، فبينما لم يحاكم الشيخ رائد صلاح البتة بشأن معاداة السامية في "إسرائيل" فإن الحكومة البريطانية ونواب بريطانيين اتهموه بأنه "معادي للسامية" وخطر على بريطانيا وقاموا بالتواطؤ مع "إسرائيل" لإبعاده عن وطنه وقضيته وعن المسجد الأقصى الذي لقب ب"حارسه". 

 

وبشهادة رئيسة حملة "التضامن مع فلسطين" البريطانية سارا ماكولبرون فإن الشيخ صلاح -الذي ألقى مؤخرا كلمة من على منصة في جامعة تل أبيب- لم يحاكم مرة بشأن معاداة السامية في "إسرائيل"، فقد كان دائما يردد موقفه المعارض لكل أشكال العنصرية بما يتضمن معاداة السامية والإسلاموفوبيا والعنصرية ضد شعبه الفلسطيني.

 

ويتضح أن وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي تطبق أعلى مستويات المصلحة العامة في بريطانيا أكثر مما تطبقه "إسرائيل" ذاتها في ما يتعلق برجل لم تتردد في ملاحقته بشأن قضايا أخرى، بحسب صحيفة الجارديان التي أكدت فشل جميع محاولات نزع الشرعية عن الحركة الإسلامية بدعوى التحريض داخل المحكمة العليا "الإسرائيلية".

 

كما أن هذا الموقف ليس غريبا على حكومة يرأسها ديفيد كاميرون أحد الأعضاء البارزين في جمعية "أنصار (إسرائيل)" في البرلمان البريطاني.

 

ومنذ اللحظة الأولى التي استلم فيها الشيخ صلاح الدعوة للمشاركة في فعاليات "يوم فلسطين" والذي ينظمه "المنتدى الفلسطيني" في بريطانيا -واحة الديمقراطية والحرية -، واللوبي الصهيوني يصدر البيانات ويكتب المقالات المحرضة ضد الشيخ صلاح الذي لا يكاد يخرج من معتقل "إسرائيلي" أو ملاحقة قضائية للاحتلال، حتى وجد نفسه هذه المرة معتقلا في لندن.

 

ويرد محامي الشيخ صلاح، فاروق بجوة، على قرار اعتقال الشيخ صلاح بحجه أنه ممنوع من دخول البلاد قائلا إنه "لم يتم إخطاره على الإطلاق بأن اسمه على لائحة الممنوعين من دخول المملكة المتحدة"، وإن موكله لم يختبئ من أحد، فالجميع كان يعلم بأنه قادم"، موضحاً أنه "وصل في نهاية الأسبوع بجواز سفره واسمه الخاصين وعبر نقطة تدقيق الشرطة من دون أي مشكلة".

 

وبحسب الحركة الإسلامية، فإن الشيخ صلاح يقف الآن أمام خيارين، أولهما الإبعاد الفوري عن الأراضي البريطانية، أو متابعة قضيته قضائيا وهذا قد يستمر أياما أو أسابيع مع استمرار حبسه، ملقية باللوم على اللوبي الصهيوني في بريطانيا بالضغط للقيام بهذه الخطوة.

 

أما الشيخ صلاح نفسه الذي اعتقل بعد وصوله إلى بريطانيا بنحو أربعة أيام،فقد حمل الاحتلال مسؤولية اعتقاله ، مشدداً على أنه لن يرضخ لقرار الترحيل طواعية وأنه سيقاضي معتقليه بالإجراءات القانونية حتى لو اضطر للبقاء في السجن الذي يمثل له "خلوة واستراحة".

 
وادعت "إسرائيل" على لسان وسائل إعلامها أن سبب توقيف الشيخ صلاح يعود إلى إطلاقه تصريحات معادية للسامية بشكل علني، وأن القضاء البريطاني برر توقيفه بأنه يمثل "خطراً على العامة في بريطانيا". وقد طالب نائب صهيوني الحكومة البريطانية بعدم السماح للشيخ رائد صلاح بالعودة إلى فلسطين 48، والعمل على إبقائه في بريطانيا.

 

وتصاعدت ردود الفعل المنددة من جهات دولية وعربية وإسلامية بقرار الاعتقال، الذي وصف الأمر بأنه مؤامرة "إسرائيلية" لتغييب الشيخ صلاح عن واجهة المشهد الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1948، بالنظر إلى دوره في مقاومة التهويد والاستيطان.

 

ومن الجدير بالذكر أن هذا النشاط السنوي للمنتدى الفلسطيني يعتبر أكبر تجمع لأبناء الجالية الفلسطينية في بريطانيا ولأصدقائهم من مناصري فلسطين في المجتمع البريطاني، ويحضره سنويا ما يزبد عن 1000 مشارك في كل من لندن ومانشستر.

 

ويرى الكاتب عبد الباري عطوان في مقال له بصحيفة القدس العربي أن وزيرة الداخلية البريطانية لا تقف على أي أرضية قانونية، وانما تخضع في موقفها لابتزاز جماعات ضغط يهودية صهيونية، تريد تحويل بريطانيا إلى جمهورية موز، وتشوه صورة مؤسساتها الديمقراطية، وبرلمانها الأعرق الذي كان الشيخ رائد صلاح سيحاضر في إحدى قاعاته، وبحضور عدد من نوابه.

 

وتمنى الكاتب لو أن الحكومة البريطانية قد اعتقلت إيهود باراك وزير الدفاع الصهيوني الذي ارتكب جرائم حرب في قطاع غزة، وأصدر أوامره باستخدام قنابل الفوسفور الأبيض ضد أبنائها العزل المحاصرين، أو بنيامين نتنياهو وأفراد حكومته الذين ارتكبوا مجزرة السفينة مرمرة في عرض البحر المتوسط في المياه الدولية في مايو 2010.
ومنددة باعتقال الشيخ رائد صلاح، اعتبرت الفصائل الفلسطينية اعتقاله جريمة سياسية بامتياز بحق حرية الرأي وانتهاك لحقوق الإنسان ويمثل استمرارا لسياسة وعد بلفور البريطاني"... وعد من لايملك لمن لا يستحق الذي سمح لليهود باغتصاب فلسطين.

 

ودخل الشيخ صلاح سجون الاحتلال مرات عديدة لأنشطته في الدفاع عن المسجد الأقصى والحرم القدسي الشريف، كان آخرها في أغسطس الماضي.

 

والآن ها هو الشيخ رائد صلاح المدافع عن الأقصى والذي يقف سدا منيعا أمام مساعي تهويده يرفض قرار الحكومة البريطانية الذي لا يستند إلى أي مبرر قانوني واعتبره كثير من المحللين انتهاكا صريحا للقانون وعار جديد يضاف إلى تاريخ بريطانيا الأسود في التواطؤ مع الصهاينة ضد العرب والفلسطينيين.