8 شعبان 1432

السؤال

هل لنا أن نعتني بالآثار الموجودة في بلادنا؟ حتى ولو كان بعضها يرمز إلى أقوام عاشوا قبل الإسلام؟

أجاب عنها:
د. عبد الله الجبرين رحمه الله

الجواب

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فلقد كثرت في هذه الأزمنة الدعايات إلى إحياء الآثار، والعناية بها في كثير من البلاد، كالأهرام والبنايات القديمة في مصر وغيرها، ومصانع طريق مكة في شمال المملكة وسبب ذلك أن الناس يندفعون إلى مشاهدتها، والتعجب من قوة أهل ذلك الزمان في القدرة على هذه الأبنية، والصناعات القوية التي بقيت طيلة قرون، وهي لم تنهدم ولم تندثر، ثم إن الغرض من وراء ذلك كله توافد الجماهير من شتى البلاد أفرادا وجماعات، لمشاهدة هذه الآثار، وهذه البقايا التي خلدت ذكر أهلها، والتي دلت على ما لديهم من إمكانيات، وقدرات استطاعوا بها إحداث هذه المخترعات، وبناء هذه القصور القوية الشاهقة، والقصد من الدعايات إليها ما يحصل للمواطنين وللدولة من مصالح، ومنافع، وفوائد، وأموال، وضرائب على الوافدين، يزيد بها دخل الدولة، واقتصاد الأهل، بحيث تنمو تجاراتهم، وتكثر أموالهم، سيما إذا كان الوافدون من أهل الثروة والغنى.
ولذلك يمنعونهم من الانتفاع بشيء من غير بلادهم، ويرفعون عليهم أجرة المساكن، وأجرة التنقل، وقيمة الأطعمة والمشتروات، ويستغلون وجودهم لاكتساح ما في أيديهم من المال، بحيث إن بعض من يأتي لمشاهدة تلك الآثار يخسر عشرات الألوف، ولا شك أن هذا من الخسران المبين، وأن الإنسان لا حاجة له إلى هذا التكلف، وقطع المسافات، وإنفاق الأموال الطائلة لقصد التفرج، والنظر في تلك الآثار، ولقد حرص بعض المواطنين في هذه البلاد على إحياء آثار لا حقيقة لها، أو لا أهمية لها، فصاروا يدعون إليها الوافدين إلى المملكة ففي مكة غار حراء وغار ثور ومولد النبي صلى الله عليه وسلم الذي فيه مكتبة مكة ومسجد بلال ومحبس الجن ومسجد الجن وأماكن كثيرة، وهكذا في المدينة كمسجد القبلتين ومسجد أبي بكر والمساجد السبعة ونحوها وقبر آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم بالأبواء وقبور أخرى، وأنا أتحقق أن لا حقيقة لهذه المساجد والقبور، وأنها حديثة مكذوبة، ولا عبرة بمن يكثر الطلب بإحياء الآثار، وإصلاح الطرق إليها، وإدراج أخبارها في التاريخ ليدرسها الأطفال، وعمارة تلك الآثار وترميمها، وما أشبه ذلك، فقد يسبب ذلك تعظيمها، وتعلق القلوب بها، كما حصل في النجف وكربلاء وقبر زينب والبدوي ونحوها حيث عبدت من دون الله، وأشبهت أصنام قوم نوح وقد حصل أن الذين يتجشمون الصعود إلى غار حراء أو غار ثور يتمسحون به، ويتبركون بتربته، ويلقون فيه النقود، ويصلون فيه، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك بعد فتح مكة ولا أحد من أصحابه، ولا الأئمة المقتدى بهم، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.