29 رجب 1433

السؤال

هل يجوز لغير المسلمين زيارة جزيرة العرب بغرض الفُرجة على الآثار، والسياحة؟ وهل لذلك من ضوابط؟

أجاب عنها:
د. عبد الله الجبرين رحمه الله

الجواب

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيجوز ذلك إذا كانوا من المعاهدين أو المستأمنين، لقول الله تعالى: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) (التوبة: 6)، وهكذا أهل الذمة من الكتابيين ومن تبعهم، فدخولهم جزيرة العرب وتجولهم في البلاد لا مانع منه، إلا أنهم لا يمكنون من دخول الحرم المكي لقول الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) (التوبة: 28)، وهكذا على الصحيح يمنعون من دخول المدينة النبوية ويمنعون أيضًا من الاستقرار والتملك في جزيرة العرب وعليه يحمل قول النبي صلى الله عليه وسلم : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب متفق عليه عن ابن عباس(1).
وقال صلى الله عليه وسلم : "لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلا مسلمًا" رواه أحمد ومسلم عن عمر رضي الله عنه(2).
وعن عائشة قالت: آخر ما عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال : "لا يترك بجزيرة العرب دينان" رواه أحمد(3).
وله عن أبي عبيدة قال: آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أخرجوا يهود أهل الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب"(4)، ولذلك أجلى عمر رضي الله عنه يهود خيبر من أرض الحجاز إلى تيماء وأريحاء وقد حددت جزيرة العرب بأنها ما بين أقصى عدن إلى ريف العراق ومن جدة وما والاها من أطراف الشام وسميت جزيرة لإحاطة البحار بها شرقًا وغربًا، وأضيفت إلى العرب لاستقرارهم بها قبل الإسلام وبعده، وفيها مساكنهم، وأوطانهم، وإن وجد العرب في غيرها، وقد يوجد فيها مسلمون من غير العرب، وذلك كله محمول على إقرارهم متملكين ساكنين دوامًا إلى غير أمه، بخلاف دخولهم كعالة ومستخدمين، مع إذلالهم وإهانتهم، وعدم تصديرهم في المجالس، وعدم القيام لهم، أو بداءتهم بالسلام، والأمر بالاضطرار لهم، إلى أضيق الطريق، ليشعروا بالهوان، وأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، وبرؤيتهم قوة الإسلام وأهله وأمنهم واطمئنانهم تقوى معنوية الإسلام، ويعرفون فضل المسلمين، ورفعتهم، مما يكون سببًا لاعتناقهم دين الإسلام أو يُردوا خائبين، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
______________
(1) البخاري (4/85)، ومسلم (1637).
(2) برقم (1767).
(3) أخرجه أحمد (6/275) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/328): "رواه أحمد والطبراني في الأوسط ورجال أحمد رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع".
(4) أخرجه أحمد (1/195) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/328): "رواه أحمد بإسنادين ورجال طريقين منها ثقات متصل إسنادهما، ورواه أبو يعلى".