أنت هنا

الفتوحات الإسلامية في رمضان
1 رمضان 1437
اللجنة العلمية

الجهاد في شهر الصيام إذا دعت الحاجة إليه يكون أهم من الصيام نفسه

 

هنا يكون الحديث عن أهمية الجهاد، الذي يدافع فيه عن وجود الأمة وكرامتها، ودينها ووطنها ، وأن ذلك أعلى سنام الإسلام، وأعلى من أركان الإسلام العملية نفسها لدرجة أنه يشرع الفطر للمجاهدين إعلاء لقيمة الجهاد وأهميته عن الصيام،والحديث عن أن الصيام ليس من شأنه أن يقعد عن العمل ، فقد كان من قدر الله لهذه الأمة أن تخوض معظم معاركها سواء في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ( مثل بدر وفتح مكة) في شهر الصيام، والصيام أضخم وأعنف وأقسى ما عرفته البشرية من أعمال ، فكيف يليق بأمة هذا حالها أن تعد شهر الصيام شهر الكسل والدعة والراحة.

 

ويذكر هنا المواقف التي أفطر فيها النبي صلى الله عليه وسلم أثناء الغزوات إعلاء لقيمة الجهاد على ركن الصيام نفسه.

 

ويبرز هنا حديث جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان، فصام حتى بلغ كراع الغميم، فصام الناس، ثم دعا بقدح من ماء، فرفعه حتى نظر الناس إليه، ثم شرب... فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام! فقال: " أولئك العصاة، أولئك العصاة".

وفي رواية: فقيل له: إن بعض الناس قد شق عليهم الصيام، وإنما ينظرون فيما فعلت، فدعا بقدح من ماء (رواه مسلم في الصيام -2 / 785)... الخ.

ويبدو من الروايات أنه أمرهم أولاً بالإفطار، فلم يسارعوا إليه أخذا بالعزيمة فدعا بالقدح وشرب، ليكون لهم أسوة، فاجتمع الفعل والقول معًا، فلهذا سمي من تخلف عن الإفطار بعد ذلك: (العصاة).

 
وهنا يتم الإشارة إلى حكم الإفطار في الجهاد ، وأنه يختلف باختلاف الأحوال.
 

فيجوز الفطر ويستحب في حالة كون الجهاد في السفر يكون المسافر في حالة جهاد ومواجهة ساخنة مع العدو، وقد حمي الوطيس والتهبت المعركة، والفطر أقوى للمجاهدين، وأعون لهم، على ملاقاة العدو، ومصابرته، حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولا، بل قد يتعين الفطر هنا إذا كان الصوم يضعف المجاهدين، أو يقلل من قدرتهم

فإذا أمر القائد بالإفطار كان الفطر عزيمة، وكان الصيام مظنة الإثم.
 

روى مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ونحن صيام قال: فنزلنا منزلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنكم قد دنوتم من عدوكم، والفطر أقوى لكم". وكانت رخصة فمنا من صام ومنا من أفطر. ثم نزلنا منزلاً آخر، فقال: " إنكم مصبحو عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا " وكانت عزمة، فأفطرنا، ثم رأيتنا نصوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في السفر (صحيح مسلم في الصوم -789/2، الحديث -1120).

 
 
 
 
 
 
هل يجوز الفطر في الجهاد من غير سفر؟
 

وهنا تُعَنَّ مسألة، وهي حالة الجهاد من غير سفر، كما إذا حاصر العدو بلدًا مسلما فأهله يقاتلون ويقاومون وهم في عقر دارهم، فهل لهم أن يفطروا إذا كان في الفطر قوة لهم على عدوهم؟.

عرض لذلك المحقق ابن القيم في (الهدي النبوي)، وذكر في ذلك قولين للعلماء، أصحهما دليلاً: أن لهم ذلك، وهو اختيار ابن تيمية، وبه أفتى العساكر الإسلامية لما لقوا العدو بظاهر دمشق، ولا ريب أن الفطر لذلك أولى من الفطر لمجرد السفر، بل إباحة الفطر للمسافر تنبيه على إباحته في هذه الحالة، فإنها أحق بجوازه، لأن القوة هناك تختص بالمسافر، والقوة هنا له وللمسلمين.. ولأن مشقة الجهاد أعظم من مشقة السفر، ولأن المصلحة الحاصلة بالفطر للمجاهد أعظم من المصلحة بفطر المسافر ولأن الله تعالى قال: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة)- (الأنفال :60) - والفطر عند اللقاء، من أعظم أسباب القوة.

 

والنبي صلى الله عليه وسلم قد فسر القوة بالرمي (روى مسلم (1917) عن عقبة بن عامر الجهني قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول:" (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة)، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي"). وهو لا يتم ولا يحصل به مقصوده إلا بما يقوي ويعين عليه من الفطر والغذاء، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للصحابة لما دنوا من عدوهم: "إنكم قد دنوتم من عدوكم، والفطر أقوى لكم" وكانت رخصة ثم نزلوا منزلاً آخر فقال: "إنكم مصبحو عدوكم، والفطر أقوى لكم فأفطروا" فكانت عزمة (فأفطرنا) (رواه مسلم -1120 في الصيام: باب أجر المفطر في السفر إذا تولى العمل وأبو داود -2406 في الصوم: باب الصوم في السفر من حديث أبي سعيد الخدري). فعلل بدنوهم من عدوهم واحتياجهم إلى القوة التي يلقون بها العدو، وهذا سبب آخر غير السفر، والسفر مستقل بنفسه ولم يذكره في تعليله ولا أشار إليه، فالتعليل به اعتبار لما ألغاه الشارع في هذا الفطر الخاص، وإلغاء وصف القوة التي يقاوم بها العدو، واعتبار السفر المجرد إلغاء لما اعتبره الشارع وعلل به.

 

وبالجملة: فتنبيه الشارع وحكمته، يقتضي أن الفطر لأجل الجهاد أولى منه لمجرد السفر، فكيف وقد أشار إلى العلة، ونبه عليها، وصرح بحكمها، وعزم عليهم بأن يفطروا لأجلها، ويدل عليه، ما رواه عيسى بن يونس، عن شعبة، عن عمرو بن دينار، قال: سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوم فتح مكة: "إنه يوم قتال فأفطروا" (رجاله ثقات، كما قال محقق الزاد). تابعه سعيد بن الربيع، عن شعبة. علل بالقتال، ورتب عليه الأمر بالفطر بحرف الفاء، وكل أحد يفهم من هذا اللفظ أن الفطر لأجل القتال ا.هـ (زاد المعاد –53/2،54 طـ. الرسالة، بيروت).انتهى.

 
 

ومما يذكر هنا أنه في معركة "مرج الصُّفر"، التي شارك فيها ابن تيمية بالقتال، أفتى ا بن تيمية الناس بالفطر مدة قتالهم، وأفطر هو أيضاً وكان يدور على الجنود والأمراء فيأكل من شيء معه في يده ليعلمهم أن إفطارهم ليقووا به على القتال أفضل من صيامهم.

 

 

 
 

مقدمة عن الحكمة من تشريع الجهاد في الإسلام.

 
 
عن الحكمة من تشريع الجهاد:

الفكرة الأساسية في الجهاد: أن تبقى الأمة قوية مرهوبة الجانب، بما تملك من قوة عسكرية مادية وبشرية، رادعة قادرة على رد العدوان، وتأديب المعتدين، وتأمين الحرية للدعوة، وإنقاذ المستضعفين في الأرض، وليس من الضروري أن تغزو خصومها ما لم يغزوها، إلا أن نتعرض لخطر منهم فنتوقاه قبل أن يحدث، إذا قامت عليه الدلائل.

فكرة الجهاد: تتمثل في إعداد القوة من كل ناحية، وإعداد المقاتلين الأكفاء المدربين، والتهيؤ لخوض المعركة عند سماع نداء الجهاد.

ولا يجوز للأمة بحال: أن تسترخي و تلقي سلاحها، وتستسلم للدعة والقعود، اتكالا على وجود هيئات دولية، كهيئة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن وغيرهما.

فقد ثبت أن الأقوياء هم الذين يحكمون العالم، وحتى مجلس الأمن فيه خمس دول تملك حق النقض (الفيتو) أي الاعتراض على أي قرار، فيتعطل، وهو ما تفعله أمريكا باستمرار في أي قرار يدين إسرائيل.

والقرآن يعلمنا أن الكفار لن يكفوا عنا أبدا، يقول تعالى: (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا) البقرة:

ويقول عز وجل: (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون. هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) التوبة:

ولا غرو أن بشرتنا الأحاديث النبوية الصحيحة بأن هناك طائفة يسميها العلماء: (الطائفة المنصورة) ستظل قائمة على هذا الدين، مستمسكة بعروته الوثقى، مدافعة عن حماه، مقاتلة في سبيله، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك.

روى مسلم في صحيحه عن جابر بن سمرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لن يبرح هذا الدين قائما، يقاتل عليه عصابة من المسلمين، حتى تقوم الساعة"1.

وروى مسلم أيضا عن جابر بن عبد الله قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة"2.

وروى عن عمير بن هانئ قال: سمعت معاوية على المنبر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله، لا يضرهم م خذلهم أو خالفهم، حتى يأتي أمر الله، وهم ظاهرون على الناس". وفي رواية عنه: "لا تزال عصابة من المسلمين، يقاتلون على الحق، ظاهرين على من ناوأهم، إلى يوم القيامة"3.

وروى مسلم أيضا عن عقبة بن عامر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله، قاهرين لعدوهم لا يضرهم من خالفهم، حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك"4.

وروى أحمد وأبو داود والحاكم عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق، ظاهرين على من ناوأهم، حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال"5.

وروى ابن ماجه وابن حبان في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا تزال طائفة من أمتي منصورين، لا يضرهم من خذلان من خذلهم، حتى تقوم الساعة"6.

ويعد القرضاوي صورا لا خلاف على وجوب الجهاد فيها، وهي :
أسباب، منها:

تأمين حرية الدعوة، ومنع الفتنة في الدين، وإزالة الحواجز المادية التي تحول بين جماهير الناس وبين بلوغ دعوة الإسلام إليهم، وعلى هذا كانت فتوح الراشدين والصحابة ومن معهم بإحسان، لإزالة القوى الطاغية التي تتحكم في رقاب البشر وضمائرهم، وتقول ما قال فرعون لمن آمن من أبناء شعبه: (آمنتم له قبل أن آذن لكم؟).

تأمين سلامة الدولة الإسلامية، وسلامة حدودها، إذا كانت مهددة من قبل أعدائها، الذين يتربصون بها، ويكيدون لها، وهو ما يسمونه في عصرنا الحاضر: (الحرب الوقائية). وهذه ضرورات الملك، ومقتضى سنة (التدافع) .

إنقاذ المستضعفين من أسارى المسلمين، أو من أقلياتهم، التي تعاني التضييق والاضطهاد والتعذيب من قبل السلطات الظالمة المستكبرة في الأرض بغير الحق، كما قال تعالى: (وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء، والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا)النساء:75.

بل إن الدولة الإسلامية إذا استعانت بها هؤلاء المستضعفون المضطهدون، ولو كانوا من غير المسلمين، وكانت تملك القدرة على إنقاذهم مما هم فيه، ليجب عليهم أن تستجيب لدعوتهم، وتغيث لهفتهم إذا طلبوا نجدتها،فإن نصرة المظلوم، وإعانة الضعيف، وردع الظالم عن ظلمه: واجب شرعي، بل هو واجب في كل دين، وكل مجتمع يقوم على الفضائل،ورعاية القيم العليا.

إخلاء جزيرة العرب من الشرك، واعتبارها وطنا حرا خالصا للإسلام وأهله، وبهذا يكون للإسلام معقله الخاص، وحماه الذي لا يشاركه فيه أحد، لله حكمة في ذلك: أن تكون الحجاز وما حوله من أرض الجزيرة هو الملاذ والمحضن لهذا الدين، الذي بارز إليه الإسلام كلما نزلت المحن والشدائد بأطرافه المختلفة. وهذا ما أثبت لنا التاريخ جدواه وأهميته خلال العصور والأزمات التي مر بها تاريخ الأمة.

وفي هذا نزلت آيات سورة التوبة في البراءة من المشركين وتأجيلهم أربعة أشهر يسيحون فيها في الأرض ثم يختارون لأنفسهم: الإسلام، أو الرحيل من هذه الأرض أو القتال، وهذه الأشهر الأربعة هي التي سميت (حرما) لتحريم قتالهم فيها، ثم قال تعالى: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتوهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرص)التوبة:7، وشاء الله أن يختار العرب الدخول في الإسلام، قبل أن تمر الأشهر الأربعة، وتصبح الجزيرة خالصة للإسلام، ويصبح العرب عصبة الإسلام، وجنده الأولين، وحملة رسالة إلى العالم.

وهذا من فضل الله على العرب، مع ما فضلهم به: فالقرآن نزل بلغتهم، والرسول بعث منهم، والكعبة والمسجد الحرام والمسجد النبوي في أرضهم، وقد أصبحوا هم حراس الإسلام، ومبلغي دعوته إلى العالمين.

 
 

 

 
 

رمضان....شهر الانتصارات...عرض عام بأسماء الغزوات والمعارك التي خاضها المسلمون في رمضان

 
سرد تاريخي:

1-ففي السنة الأولى من الهجرة وفي رمضان كوّن المسلمون أول سرية بقيادة حمزة بن عبد المطلب ثم سرية عبيدة بن الحارث وذلك لبث الرعب في قلوب الأعداء.

 

2- وفى السنة الثانية من الهجرة وفي السابع عشر من رمضان كانت غزوة بدر الكبرى: (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون) [آل عمران: 123].

 

3- في السنة الثالثة من الهجرة وفي رمضان عبّأ الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جيشاً في المدينة لصد عدوان المشركين الذين كانوا يستعدون للثأر لقتلاهم في غزوة بدر.

 

4- في السنة الخامسة من الهجرة:استعداد الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لغزوة الخندق إذ أن هذه الغزوة كانت في سنة خمس من الهجرة في شوال على أصح القولين وكان من الاستعدادات بل أهمها ما أشار به سلمان الفارسي من حفر الخندق حول المدينة، وقد استغرق حفر الخندق كما يقول ابن القيم شهراً كاملاً وقد بلغ طول الخندق حوالي خمسة آلاف ذراع، أما عمق الخندق فلم يكن أقل من سبعة أذرع والعرض كذلك ،فرضى الله عن الصحابة الجيل القرآني الفريد.

 

5- في السنة السادسة من الهجرة:في رمضان سرية غالب بن عبد الله المؤلفة من مائة وثلاثين مسلماً لقتال بني عبد الله ابن ثعلبة وكانوا قد أعلنوا عداوتهم للمسلمين، فانتصر غالب عليهم وغنم كثيراً من الخيرات وساقها إلى المدينة.

 

6- في السنة الثامنة من الهجرة:في العشرين من رمضان كان الفتح الأعظم: "الذي أعز الله به نبيه ورسوله وجنده وحزبه الأمين واستنقذ به بلده وبيته الذي جعله هدي للعالمين.

 

7- كان من فضل رمضان أن هدمت في أيامه الغرّ سائر الأصنام وقد كانت للأصنام في جزيرة العرب قصة مظلمة سوداء طمس ظلامها نور الإسلام، وأزال قتامها إشراق الإيمان، واسْتخزت الأوثان، واجتثت الأصنام.

8- وفي السنة التاسعة من الهجرة:في رمضان كانت عودة الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من غزوة تبوك المظفرة.

 
9- وفي السنة الثالثة عشرة من الهجرة:وفي رمضان كانت معركة "البويب".
قال ابنُ كثير في "البداية والنهاية" (7/30) :
"وكانت هذه الواقعة بالعراق نظير اليرموك بالشام"
 
10- فتح النوبة ومعاهدة القبط سنة 31 هـ:

الواقعة جنوب مصر، وأما قائد هذه المعركة فهو عبد الله بن سعد بن أبي سرح.

 

11- فى رمضان سنة 53 هـ "افتتح المسلمون وعليهم جنادة بن أبي أمية جزيرة رودس وأقام بها طائفة من المسلمين كانوا أشد شيء على الكفار يعترضون لهم في البحر ويقطعون سبيلهم" .

 

12- سنة 67 هـ زالت دولة المختار الثقفي:فقتل المختار في رابع عشر رمضان سنة سبع وستين هجرية.

 

13- فتح الأندلس في رمضان سنة 91 هـ:على يد طارق بن زياد مولى موسى بن نصير.

 
14- سنة 658 هـ الجمعة 25 رمضان وقعة "عين جالوت":
وغير ذلك كثير.
 
 

 

 
 

وقفات مع بعض الانتصارات: الوقفة الأولى : هدم الأصنام

 

وفيه يتم الإشارة إلى كيفية استفادة الدعاة والمصلحين والمربين من التأخر في هدم الأصنام، والبدء بهدمها في النفوس أولا.

 
سرد تاريخي:

كانت كان من فضل رمضان أن هدمت في أيامه الغرّ سائر الأصنام وقد كانت للأصنام في جزيرة العرب قصة مظلمة سوداء طمس ظلامها نور الإسلام، وأزال قتامها إشراق الإيمان، واسْتخزت الأوثان، واجتثت الأصنام.

ففي العشرين من رمضان سنة ثمان للهجرة، دخل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مكة فاتحا، وكانت الأصنام منصوبة حول الكعبة، فأخذ طرف رمحه، وجعل يطعنها في عيونها ووجوهها فتهوي تحت قدميه وهو يردد: (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) [الإسراء: 81] ثم أمر بها فكفئت على وجوهها وأخرجت من المسجد وأضرمت فيها النار وكان على رأسها "هبل".

هبل كان أعظم أصنامها في جوف الكعبة، وكان من عقيق أحمر على صورة إنسان، وقد كان مكسور اليد اليمنى فجعلوا له يداً منْ ذهب فذهب هبل إلى مزبلة التاريخ ... وتلاشت من الوجود "اعل هبل".

* وأرسل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عمرو بن العاص في رمضان سنة 8 هـ فهدم سواع.

* ومناة التي كانت الدماء تمنى عنده وتراق تقربا إليه وسموا أولادهم به؛ من ذلك "عبد مناة" و"زيد مناة" وعظمته الأوس والخزرج كأشد تعظيم.

في الرابع والعشرين من رمضان سنة ثمان للهجرة، بعث الرسول عليه الصلاة والسلام سعد بن زيد الأشهلي إلى "مَنَاة" فهدمها، ولم يجد في خزانتها شيئاً.

* وفي الخامس والعشرين من رمضان سنة 8 هـ أرسل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خالد بن الوليد رضي الله عنه في ثلاثين فارسا من أصحابه، وأمرهم بهدم "العزّى" وكان سدنتها وحجابها من بني "شيبان" فلما سمع سادنها بمسير خالد إليه، علّق سيفا عليها وأنشدها قوله:

أَيَاعُزُّ شُدِّي شَدَّةً لا شَوَى لَهَا ... على خالدٍ أَلْقِي القِناعَ وشمِّرِي

أَيَا عُز إِنْ لم تَقْتُلي المرءَ خَالداً ... فبُوئي بإثمٍ عاجلٍ ، أَو تَنَصَّرِي

فلما انتهى إليها خالد هدمها وهو يردد:
يا عُزَ كُفرانَكِ لا سُبحانك ... إني رأيتُ الله قد أهانكِ

نعم.. أهان الله أكبر صنم كان يعبد من دون الله في جزيرة العرب عزى التي حمت لها قريش حرما، وأقاموا عندها منحرا للهدي، وبكى على يومه هذا سعيد بن العاص.. إذْ لماّ جاءه الموت دخل عليه أبو لهب يعوده فوجده يبكي، فقال: ما يبكيك يا أبا أُحَيحة؟ أمن الموت تبكي ولا بدّ منه!! قال: لا ولكني أخاف ألا تعبد "العزّى" من بعدي قال أبو لهب: والله ما عُبدت في حياتك من أجلك، حتى تترك عبادتها بعد موتك.

* وفي رمضان سنة تسع للهجرة وفدت ثقيف صاحبة "اللات" على الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تعرض إسلامها عليه، ويسألونه أن يترك لهم "اللات" ثلاث سنين لا يهدمها.. فأبى الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذلك، فما برحوا يسألونه سنة سنة ويأدى عليهم ذلك، حتى سألوا شهرا واحدا، فأبى عليهم أن يدعها شيئاً مسمّى، وأصر على هدمها، فسألوه ألا يهدموها بأيديهم. فأرسل الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معهم أبا سفيان بن حرب، والمغيرة بن شعبة لهدم "اللات"، فلما بلغا "الطائف" خرجت نساء ثقيف حُسّرا يبكين آلهتهن، ويندبنها ويزرين على رجالهن الذين أسلموها. ولما همّ المغيرة بهدمها قال لأبي سفيان: ألا أضحكك من ثقيف؟ قال: بلى .... فأخذ الفأس وضرب به "اللات" ضربة واحدة، ثم صاح وخرّ على وجهه

كأنه صُعق، فارتجّت الطائف بالصياح سروراً بأن اللات قد صرعت المغيرة، وأقبلوا عليه يقولون:

ويحك، كيف رأيتها؟ إنها تُهلك من عاداها ... إنهاْ تهلك من عاداها، فقام المغيرة

يضحك من القوم، ثم أقبل على اللات يضربها بمعوله وهو يقول: "الله أكبر، الله أكبر.. لا إله إلا الله وحده لا شريك له ... أحدٌ فردٌ صمد.

 
 

 

 
 

وقفات مع بعض الانتصارات: الوقفة الثانية : معركة البويب سنة 13 هـ

 
سرد تاريخي:
قال ابنُ كثير في "البداية والنهاية" (7/30) :
"وكانت هذه الواقعة بالعراق نظير اليرموك بالشام".

"فقد بعث أمراء الفرس جيشاً لهم بقيادة مهران واكتمل صف المسلمين تحت إمرة المثنى بن حارثه، فتوافوهم وإياهم بمكان يقال له "البويب" قريب من مكان الكوفة اليوم وبينهما الفرات قالوا: إما أن تعبروا إلينا، أو نعبر إليكم، فقال المسلمون: بل اعبروا إلينا فعبرت الفرس إليهم فتوافقوا، وذلك في شهر رمضان. فعزم المثنى على المسلمين في الفطر فأفطروا عن آخرهم ليكون أقوى لهم، وعبأ الجيش وجعل يمر على كل راية من رايات الأمراء على القبائل ويعظهم ويحثهم على الجهاد والصبر والصمت وفي القوم جرير بن عبد الله البجلي في بجيلة وجماعة من سادات المسلمين. وقال المثنى لهم: إني مكبر ثلاث تكبيرات فتهيأوا، فإذا كبرت الرابعة فاحملوا. فقابلوا قوله بالسمع والطاعة والقبول، فلما كبر أول تكبيرة عاجلتهم الفرس فحملوا حتى غالقوهم. واقتتلوا قتالاً شديداً، ورأى المثنى في بعض صفوفه خللاً فبعث إليهم رجلاً يقول: الأمير يقرأ عليكم السلام، ويقول لكم: لا تفضحوا العرب اليوم فاعتدلوا. فلما رأى ذلك منهم -وهم بنو عجل- أعجبه وضحك وبعث إليهم يقول: يا معشر المسلمين عاداتكم، انصروا الله

ينصركم، وجعل المثنى والمسلمون يدعون الله بالظفر والنصر. فلما طالت مدة الحرب جمع المثنى جماعة من أصحابه الأبطال يحمون ظهره، وحمل على مَهران فأزاله عن موضعه حتى دخل الميمنة.

قال محمد بن إسحاق: وحمل المنذر بن حسان بن ضرار الضبي على مهران قائد الفرس فطعنه واحتز رأسه جرير بن عبد الله البجلي، وهربت المجوس وركب المسلمون أكتافهم يفصلونهم فصلاً، وسبق المثنى بن حارثه إلى الجسر فوقف عليه ليمنع الفرس من الجواز عليه ليتمكن منهم المسلمون. فركبوا أكتافهم بقية ذلك اليوم وتلك الليلة، ومن بعد إلى الليل فيقال: أنه قتل منهم يومئذ وغرق قريب من مائة ألف ولله الحمد والمنة وغنم المسلمون مالاً جزيلاً وطعاماً كثيراً، وبعثوا بالبشارة والأخماس إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وقد قتل من سادات المسلمين في هذا اليوم بشر كثير أيضاً، وذلت لهذه الموقعة رقاب الفرس، وتمكن الصحابة من الغارات في بلادهم فيما بين الفرات ودجلة فغنموا شيئاً عظيماً لا يمكن حصره.

قال الأعور العبدي:
هاجت لأعورَ دارُ الحي أحزانا ... واستبدلت بعد عبد القيس حسانا
وقد أرانا بها والشمل مجتمع ... إذ بالنخيلة قتلى جند مهرانا
إذا كان سار المثنى بالخيول لهم ... فقتل الزحف من فرس وجيلانا
سما لمهران والجيش الذي معه ... حتى أبادهم مثنى ووحدانا
 
 

 

 
 

وقفات مع بعض الانتصارات: الوقفة الثالثة : فتح الأندلس

 
سرد تاريخي:
فتح الأندلس في رمضان سنة 91 هـ على يد طارق بن زياد مولى موسى بن نصير.

يقول المقري في "نفح الطيب": "ذكر عن طارق أنه كان نائماً في المركب فرأى في منامه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، الخلفاء الأربعة أصحابه -رضي الله عنهم- يمشون على الماء حتى مروا به، فبشره النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالفتح، وأمره بالرفق بالمسلمين والوفاء بالعهد.

 

وقيل: إنه لما ركب البحر غلبته عينه فكان يرى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وحوله المهاجرون والأنصار قد تقلدوا السيوف وتنكبوا القسى فيقول له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : يا طارق تقدم لشأنك، ونظر إليه وإلى أصحابه قد دخلوا الأندلس قدّامه، فهبّ من نومه مستبشراً، وبشر أصحابه وثابت إليه نفسه ثقة ببشراه، فقويت نفسه ولم يشك في الظفر" وعسكر لزريق ملك أسبانيا مائة ألف وجيش طارق اثنا عشر ألف وفي وادي (لكه) يوم الأحد لليلتين بقيتا من شهر رمضان ونصر الله المسلمين نصراً لا كفاء له، واتصلت الحرب بينهم إلى يوم الأحد لخمس خلون من شوال وهزم الله المشركين، فقتل منهم خلق كثير، أقامت عظامهم بعد ذلك بدهر طويل ملبّسه لتلك الأرض، قالوا: وحاز المسلمون من عسكرهم ما يجل قدره، فكانوا يعرفون كبار العجم وملوكهم بخواتيم الفضة ويميزون عبيدهم بخواتيم النحاس.

 

ورمى "لُذرَيق" نفسه في وادي (لكه) وقد أثقله السلاح، فلم يعلم له خبر ولم يوجد، وقالوا إن المسلمين وجدوا فرسه الأشهب الذي فقدوه وراكبه وقد ساخ الفرس طين وحمأه، وغرق العلج ولم يوجد حياً ولا ميتاً.

 
يقول طارق بن زياد في فتح الأندلس:
ركبا سفينا بالمجاز مُقيّرا ... عسى أن يكون الله مناقد اشترى
نفوساً وأموالاً وأهلاً بجنة ... إذا ما اشتهينا الشيء فيها تيسّرا
ولسنا نبالي كيف سالت نفوسنا ... إذا نحن أدركنا الذي كان أجدرا

رحم الله طارقاً.. مولى موسى.. معذرة بل سيد من السادات وغيره العبيد وإن كان ملوكاً سيقوا إلى مدريد في يوم احتفالهم بخروج المسلمين ليكتبوا وثيقة الذل والعار مع اليهود والصليبيين.

 
 
 
 
 

 

 
 

وقفات مع بعض الانتصارات: الوقفة الرابعة: فتح عمورية

 
سنة 223 هـ فتح عمورية على يد المعتصم:

"في هذه السنة أوقع ملك توفيل بن ميخائيل بأهل سلطته من المسلمين وما والاها ملحمة عظيمة، قتل فيها خلقا كثيراً من المسلمين، وأسر ما لا يحصون كثرة، وكان من جملة من أسر ألف امرأة من المسلمات ومثل بمن وقع في أسره من المسلمين فقطع آذانهم وأنوفهم وسمل أعينهم -قبحه الله-.

ولما بلغ ذلك المعتصم انزعج لذلك جداً وصرخ في قصره بالنفير، ثم نهض من فوره وأمر بتعبئة الجيوش واستدعى القاضي والشهود فأشهدهم أن ما يملكه من الضياع ثلثه صدقه، وثلثه لولده، وثلثه لمواليه وخرج بالجيش إعانة للمسلمين فوجدوا ملك الروم قد فعل ما فعل وشمر راجعا إلى بلاده وتفارط ولم يمكن الاستدراك فيه، فقال للأمراء أي بلاد الروم أمنع؟ فقالوا: عمورية لم يعرض لها أحد منذ كان الإسلام وهى عندهم أشرف من القسطنطنية" 7 فعزم على فتحها.

رب وامعتصماه انطلقت ... ملء أفواه الصبايا اليتم
صادفت أسماعنا لكنها ... لم تصادف نخوة المعتصم

تجهّز المعتصم جهازاً لم يجهزه أحد كان قبله من الخلفاء، وأخذ معه آلات الحرب والأحمال والجمال والقرب والدواب والنفط والخيل والبغال شيئاً لم يسمع بمثله، وسار إلى عمورية في جحافل أمثال الجبال وقدم المعتصم إليها صبيحة يوم الجمعة لستٍ خلون من رمضان فدار حولها دورة ثم نزل قريباً منها، وقد تحصّن أهلها تحصيناً شديداً وملؤا أبراجها بالرجال والسلاح، وهي مدينة عظيمة كبيرة جداً ذات سور منيع وأبراج عالية كبار كثيرة، وقسم المعتصم الأبراج بالأمراء فنزل كل أمير تجاه الموضع الذي أقطعه وعينه له، ونزل المعتصم قبالة مكان هناك قد أرشده إليه بعض من كان فيها من المسلمين، وكان قد تنصّر عندهم وتزوج منهم، فلما رأى أمير المؤمنين والمسلمين رجع إلى الإسلام وخرج إلى الخليفة فأسلم وأعلمه بمكان في السور كان قد هدمه السيل وبنى بناءً ضعيفا بلا أساس، فنصب المعتصم المجانيق حول عمورية فكان أول موضع انهدم من سورها ذلك الموضع الذي دلهم عليه ذلك الأسير فبادر أهل البلد فسدوه بالخشب الكبار المتلاصقة فألحّ عليها المنجنيق لجعلوا فوقها البرادع ليردوا حرة الحجر فلم تعْن شيئاً وانهدم السور من ذلك الجانب وتفسّخ. فكتب نائب البلد إلى ملك الروم يعلمه بذلك، وبعث ذلك مع

غلامين من قومهم فلما اجتازوا الجيش في طريقهما أنكر المسلمون أمرهما فسألوهما من أنتما؟ فقالا: من أصحاب فلان لأمير سموْه من أمراء المسلمين، فحملا إلى المعتصم فقررهما فإذا معهما كتاب من "مناطس" نائب عمورية إلى ملك الروم يعلمه بما حصل لهم من الحصار، وأنه عَازم على الخروج من أبواب البلد بمن معه بغتة على المسلمين ومناجزهم القتال كائناً في ذلك ما كان. فلما وقف المعتصم على ذلك أمر بالغلامين فخلع عليهما، وأن يعطى كل غلام منهما بدرة، فأسلما من فورهما، فأمر الخليفة أن يطاف بهما حول البلد وعليهما الخلع، وأن يوقفا تحت حصن "مناطس" فينثر عليهما الدراهم والخلع، ومعهما الكتاب الذي كتب به مناطس إلى ملك الروم فجعلت الروم تلعنهما وتسبهما، ثم أمر المعتصم عند ذلك بتجديد الحرس والاحتياط والاحتفاظ من خروج الروم بغتة، فضاقت الروم ذرعاً بذلك، وألحّ عليهم المسلمون في الحصار، وقد زاد المعتصم في المجانيق والدبّابات وغير ذلك من آلات الحرب، ولما رأى المعتصم عمق خندقها وارتفاع سورها، أعمل المجانيق في مقاومة السور وكان قد غنم في الطريق غنماً كثيراً جداً ففرقها في الناس وأمر أن يأكل كل رجل رأساً ويجيء بملء جلده تراباً فيطرحه في الخندق، ففعل الناس ذلك فتساوى الخندق بوجه الأرض من كثرة ما طرح فيه من الأغنام ثم أمر بالتراب فوضع فوق ذلك حتى صار طريقاً ممهداً، وأمر بالدبابات أن توضع فوقه فلم يحوج الله إلى ذلك، وبينما الناس في الجسر المردوم إذ هدم المنجنيق ذلك الموضع المعيب فلما سقط ما بين البرجين سمع الناس هدة عظيمة فظنها من لم يرها أن الروم قد خرجوا على المسلمين بغتة، فبعث المعتصم من نادى في الناس: إنما ذلك سقوط السور ففرح المسلمون بذلك فرحاً شديداً لكن لم يكن ما هدم يسع الخيال والرجال إذا دخلوا، وقوىَ الحصار وقد وكلت الروم بكل برج من أبراج السور أميراً يحفظه، فضعف ذلك الأمير -وندوا- الذي هدمت ناحيته من السور عن مقاومة ما يلقاه من الحصار فذهب إلى مناطس فسأله نجدة فامتنع أحد من الروم أن ينجده وقالوا: لا نترك ما نحن موكلون بحفظه.

"قال "وندوا ": إن الحرب علىّ وعلى أصحابي، ولم يبق معي أحد إلا جرح، فصيروا أصحابكم على الثلمه يرمون قليلاً وإلا افتضحتم. وذهبت المدينة فأبوا أن يمدوه بأحد"

فلما يئسَ منهم خرج إلى المعتصم ليجتمع به (ليطلب الأمان على الذرية) فلما وصل إليه أمر المعتصم المسلمين أن يدخلوا البلد من تلك الثغرة التي قد خلت من المقاتلة، فركب المسلمون وتقدموا إلى الثملة، ولم يقدر الروم على دفع المسلمين بعد أن تكاثروا ودخلوا المدينة قهراً وتتابع المسلمون إليها يكبرون وتفرقت الروم عن أماكنها فجعل المسلمون يقتلونهم في كل مكان حيث وجدوهم وقد حشروهم في كنيسة هائلة ففتحوها قسراً وقتلوا من فيها وأحرقوا عليهم باب الكنيسة فاحترقت فأحرقوا عن آخرهم، ولم يبق فيها موضع محصن سوى المكان الذي فيه النائب وهو مناطس في حصن منيع فركب المعتصم فرسه وجاء حتى وقف بحذاء الحصن الذي فيه "مناطس" فناداه المنادي ويحك يا مناطس! هذا أمير المؤمنين واقف تجاهك فقالوا: ليس بمناطس ها هنا مرتين، فغضب المعتصم من ذلك وولى فنادى مناطس: هذا مناطس ... هذا مناطس، فرجع الخليفة ونصب السلالم على الحصن وطلع عليه الحسن الرومي ، فقال له: ويحك انزل على حكم أمير المؤمنين، فتمنع ثم نزل متقلداً سيفاً فوضع السيف في عنقه ثم جِيءَ به حتى أوقف بين يدي المعتصم فضربه بالسوط على رأسه ثم أمر به أن يمشى إلى مضرب الخليفة مهاناً إلى الوطاق الذي فيه الخليفة نازل فأوثق هناك. وأخذ المسلمون من عمورية أموالاً لا تحد ولا توصف فحملوا منها ما أمكن حمله، وأمر المعتصم بإحراق ما بقى من ذلك، وبإحراق ما هنالك من المجانيق والدبابات وآلات الحرب لئلا يتقوى بهما الروم على شيء من حرب المسلمين" 8

 
 
 

 

 
 

وقفات مع بعض الانتصارات: الوقفة الخامسة: معركة عين جالوت سنة 658 هـ الجمعة 25 رمضان وقعة "عين جالوت"

 
أو هكذا ننسى المفاخر مثلما ... يُنسي الصغير هوى الرِّضاع فِطامُ
أو لم تكن في عين جالوت لنا ... همم لردع المعتدين عظَامُ

لما بلغ الملك المظفر قطز ما كان من أمر التتار بالشام المحروسة وذبحهم للمسلمين وتشريدهم وتخريب دورهم وأنهم عازمون على الدخول إلى ديار مصر بادرهم قبل أن يبادروه، وبرز إليهم وأقدم عليهم قبل أن يقدموا عليه، حتى انتهى إلى الشام، فكان اجتماعهم على "عين جالوت" يوم الجمعة الخامس والعشرين من رمضان وهذه بشارة عظيمة فإن وقعة بدر كانت يوم الجمعة في رمضان.

ولما رأى قطز عصائب التتار قال للأمراء والجيوش الذين معه: لا تقاتلوهم حتى تزول الشمس وتفيء الظلال وتهب الرياح، ويدعو لنا الخطباء والناس في صلاتهم.

وكان قطز قد رأى في المنام وهو صغير رسول الله وقال له: أنت تملك الديار المصرية وتكسر التتار، وكان يحدث بهذا.

واقتتل الفريقان اقتتالاً عظيماً، وقتل جواد قطز، فترجل وبقي واقفاً على الأرض ثابتاً، والقتال عمال في المعركة، وهو في موضع السلطان في القلب، فلما رآه بعض الأمراء ترجل عن فرسه وحلف على السلطان ليركبنها فامتنع وقال لذلك الأمير: ما كنت لأحرم المسلمين نفعك، ولم يزل كذلك حتى جاؤوه بالخيل فركب، فلامه بعض الأمراء وقالوا: يا خوند لِمَ لا ركبت فرس فلان؟ فلو أن بعض الأعداء رآك لقتلك وهلك الإسلام بسببك، فقال: أما أنا فكنت أروح إلى الجنة، وأما الإسلام فله رب لا يضيعه، قد قتل فلان وفلان وفلان حتى عد خلقاً من الملوك، فأقام للإسلام من يحفظه غيرهم ولم يضيع الإسلام.

وكانت النصرةُ ولله الحمد للإسلام وأهله، فهزموهم المسلمون هزيمة هائلة وقتل أمير المغول كتبغانوين وجماعة من بيته، قتله الأمير جمال الدين آقوش الشمس، واتبعهم الجيش الإسلامي يقتلونهم في كل موضع.

وقد قاتل الملك المنصور صاحب حماه مع الملك المظفر قتالاً شديداً، وكذلك الأمير فارس الدين أقطاي المستعرب، وكان أتابك العسكر، وقد أسر من جماعة كتبغانوين ابنه فأحضر بين يدي قطز فقال له: أهرب أبوك؟ قال: إنه لا يهرب، فطلبوه فوجدوه بين القتلى، فلما رأه ابنه صرخ وبكى، فلما تحققه المظفر سجد لله تعالى ثم قال: أنام طيباً،

كان هذا سعادة التتار وبقتله ذهب سعدهم، وهكذا كان كما قال ولم يفلحوا بعده أبداً وأسر الملك السعيد بن عبد العزيز بن العادل وكان يقاتل مع كتبغا فأمر المظفر بضرب عنقه.

واتبع الأمير بيبرس البندقداري وجماعة من الشجعان التتار يقتلونهم في كل مكان، إلى أن وصلوا خلفهم إلى حلب، وهرب من بدمشق منهم يوم الأحد السابع والعشرين من رمضان، فتبعهم المسلمون من دمشق يقتلون فيهم ويستفكون الأسارى من أيديهم، وجاءت بذلك البشارة ولله الحمد على جبره إياهم بلطفه، فجاوبتها دق البشائر من القلعة وفرح المؤمنون بنصر الله فرحاً شديداً، وأيّد الله الإسلام وأهله تأييداً وكبت الله النصارى واليهود والمنافقين وظهر دين الله وهم كارهون، فتبادر عند ذلك المسلمون إلى كنيسة النصارى التي خرج منها الصليب فانتهبوا ما فيها وأحرقوها وألقوا النار فيما حولها فاحترق دور كثيرة للنصارى، وملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً، وأحرق بعض كنيسة اليعاقبة (*) ، وهمت طائفة بنهب اليهود فقيل لهم إنهم لم يكن منهم من الطغيان كما كان من عبدة الصلبان، وقتلت العامة وسط الجامع شيخاً رافضياً، كان خبيث الطوية مصانعاً للتتارعلى أموال الناس يقال له الفخر محمد بن يوسف الكنجي، وقتلوا جماعة مثله من المنافقين (فقُطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين) [الأنعام: 45].

"رحم الله قطز فقد كان بطلاً كثير الخير ناصحاً للإسلام وأهله" 9

 

 

وقفات مع بعض الانتصارات: الوقفة السادسة: فتح البوسنة والهرسك

 
سرد تاريخي :
فتح البوسنة والهرسك سنة 791 هـ "معركة قوص أوه" :

سيكون الحديث عن منطقة من مناطق العالم الإسلامي تواجه أعظم هجمة صليبية في العصر الحديث، حيث يقضى على المسلمين بالقتل والأسر والتهجير، وحيث يموت الآلآف بأيدي الصليبيين أو نتيجة الجوع والعطش والمرض، حيث هم محاصرون منذ سنوات.

إنها منطقة البوسنة والهرسك، نعود إليها عبر سنين مضت لنعرف كيف وصلها الإسلام وانتشر فيها، وكيف انتصر المسلمون على النصارى الصرب في ذلك الوقت، وضموها إلى بلادهم.

في ذلك التاريخ كانت الدولة العثمانية في أوج قوتها وازدهارها حينما اكتسحت أوروبا الشرقية فتهاوت مدنها ودولها تحت ضربات الجيش العثماني المسلم، ووصلت طلائع هذا الجيش إلى مدينة "فيينا" لتحاصرها فترة من الزمن، ويتسابق ملوك أوروبا بإعلان الولاء والانقياد للسلاطين العثمانيين، في ذلك التاريخ كان هَم هؤلاء السلاطين الجهاد في سبيل الله ونشر كلمة التوحيد في كل مكان.

لنتوقف قليلاً في عهد السلطان مراد الأول بن السلطان أورخان الغازي، فقد كان من السلاطين العظام الذين جاهدوا في سبيل الله ففتحوا المناطق الواسعة من أوروبا.

ولد هذا السلطان سنة ست وعشرين وسبعمائة للهجرة، ونشأ على كريم الأخلاق، ولما شب اشترك مع والده في جهاد اليونان، فأظهر بسالة لا توصف وإقداما لفت الأنظار، وبعد وفاة والده تولى الحكم سنة إحدى وستين وسبعمائة هجرية فقضى كل سني حكمه في جهاد مستمر.

كانت أول أعماله الجهادية فتح مدينة "أدِرنَه" فجعلها عاصمة لدولته وظلت كذلك حتى فتحت القسطنطينية، ثم ساق جيشه نحو البلقان فتبوأوا مدنها وافتتحوا حصونها، وأبرم معاهدة مع ملك اليونان، بيد أن هذه المعاهدة لم تستمر طويلاً؛ حيث نقضها اليونان، وهكذا استطاع السلطان مراد الأول أن يستولي على جزء كبير من أوروبا الشرقية، وأن يحيط بالقسطنطينية من جميع الجهات.

وهنا اضطرب ملوك أوروبا النصارى وارتعدت فرائصهم، وأدركوا عظيم الخطر الذي تشكله هذه الدولة المسلمة الفتية، فطلبوا من البابا "أوربانوس" الخامس أن يأمر جميع الدول النصرانية أن تتحد للوقوف في وجه المسلمين، وإخراجهم من أوروبا قبل أن يجتازوا حدود البلقان وحينئذٍ لا يستطيع أحد الوقوف في وجههم فيكتسحوا أوروبا كلَّها.

ولبّى البابا استغاثتهم وكتب لجميع ملوك أوروبا النصارى يأمرهم بالتأهب لمحاربة المسلمين، وأن يشنوا حرباً دينية للحفاظ على النصرانية في وجه الإسلام ولم ينتظر الملك أوروك الخامس ملك الصرب وصول الإمدادات من أوروبا، بل استعان بالدول القريبة منه وكوّن جيشا جراراً من اليونان والصرب والمجر والرومان، وسار بهم إلى عاصمة العثمانيين أدِرْنة فحاصرها، وكان السلطان مراد خارجها فعاد مسرعاً بجيشه، وهاجم النصارى بغتة حيث فوجئوا بالتهليل والتكبير وسيوف المسلمين تعلوهم فلم يلبثوا إلا قليلاً حتى ولّوا الأدبار تاركين الثرى مخضبا بدمائهم، وهكذا فشلت محاولة الصرب هذه ضد المسلمين.

وكان من نتيجة هذه المعركة أن تسابق حكام البلقان لإعلان الولاء للمسلمين ودفع الجزية لهم.

وفي سنة إحدى وثمانين وسبعمائة تحالف ملك الصرب الجديد "لازارجر بلينانوفتش" مع ملك البلغار على مهاجمة المسلمين، لكنهما بعد عدة مناوشات تحققا

من عجزهما عن هزيمة العساكر الإسلامية، فأبرما صلحاً مع السلطان مراد، على أن يدفعا له خراجاً سنويّاً.

ولم يستمر هذا الصلح طويلاً فقد نقضه النصارى، وبدأوا يعدُّون العدة لمحاربة المسلمين، إلا أن العثمانيين لم يمهلوهم فاجتاحت جيوشهم بلاد البلغار وهزمت ملكها واحتلت مدُنها، وانتهى الأمر بأسر ملك البلغار.

ولما علم ملك الصرب لازار بذلك بدأ يستعد لمواجهة المسلمين فألَّف جيشاً من الصرب والبوسنة والهرسك والألبان والأفلاق والبُغدان وتعاهد الجميع على محاربة المسلمين والاستيلاء على الدولة العثمانية، وبلغ الخبر مسامع السلطان مراد فألف مجلسا للشورى والنظر في الأمر، لكن ولده بايزيد هتف قائلاً في المجلس: "الحرب الحرب والقتال القتال" فأبطل كل مشورة، ودقَّت طبول الحرب وسار الجيش الإسلامي إلى الأعداء فالتقاهم في سهل "قوص أوه" سنة إحدى وتسعين وسبعمائة ونشب القتال بين الجانبين ووثب المسلمون على النصارى والتحموا معهم في القتال التحاما لم يعد ورى معه إلا جماجم طائرة وفرسان غائرة، ودويّ سلاح يدك الجبال الشامخة، وبقيت الحرب بينهما سجالاً مدةً من الزمن دافع الصليبيون الصرب خلالها دفاعاً مستميتاً، وتناثرت الرؤوس، وأزهقت النفوس، وفي أثناء المعركة انحاز صهر ملك الصرب بفرقته إلى المسلمين، ودارت الدائرة على الصربيين، وجرح ملكهم لازار، ثم وقع أسيراً في يد المسلمين، وانتصر المسلمون على الصربيين وكانت من المعارك الحاسمة في تاريخ أوروبا الشرقية، وظلَّ ذكرها شهيراً في أوروبا بأسرها، وزال استقلال الصرب وخضعت كل بلادها للمسلمين، كما فقدت البلغار استقلالها من قبل.

وبعد المعركة أخذ السلطان مراد يتمشى بين الجثث وينظر إليها بعين الاندهاش، إذ قام من بينها جندي صربي اسمه "ميلوك كوبلوفتش" فطعن السلطان بخنجر طعنة قاضية، وسقط -رحمه الله- ليسلم الروح بعد قليل.

وهكذا شهد سهل كوسوفو بولجي معركة (قوص أوه) الحاسمة بين المسلمين والصرب، وانتصر المسلمون انتصاراً عظيماً، وأخذ الإسلام ينتشر في تلك البقاع حتى تحولت مناطق كاملة إلى الإسلام كما هو الحال في البوسنة والهرسك وكوسفو وغيرها.

كما يشهد هذا انتصار المسلمين، فقد شهد أيضاً غدر الصرب الذي ذهب ضحيته سلطان المسلمين مراد، فمات أوائل شهر رمضان من سنة إحدى وتسعين وسبعمائة من الهجرة -رحمه الله- وسجل التاريخ منذ ذلك الوقت وإلى يومنا هذا أن الصرب لا يلتزمون بعهد ولا ميثاق، ولا يعرفون في تعاملهم مع المسلمين إلا لغة القوة والبطش وسفك الدماء.10

 
 

 

 
 
عوامل النصر
 
يحسن بعد سرد كل هذه المعارك أن نختمها بالحديث عن عوامل النصر.

ولسوف نقف خاصّةً عند عوامل النصر، كما تجلّت في غزوة بدرٍ الكبرى، أولى معارك الإسلام الفاصلة، وذلك اعتماداً على المادة التالية:

 
أيها الإخوة المؤمنون:

العامِلُ الأولُ من عواملِ النصر في غزوة بدر هو الإيمانُ الحقُّ. لقد شَكَّلَ الإيمانُ الحقُّ حَجَرَ الزاويةِ في هذا الانتصار المُذْهِلِ في التاريخ المُبَكِّرِ للإسلام، خَسِرَتْ قريشٌ وهي الفِئَةُ الكثيرةُ العَدَدِ والعُدَّةِ سبعينَ قتيلاً بينَهم أبو جَهْلٍ فرعونُ هذه الأُمَّة، بالإضافة إلى سبعينَ أسيراً ، وعاد المسلمون وهم الفئةُ القليلةُ العددِ والعُدَّةِ إلى المدينة المنورة ومعهم الأَسْرَى والغنائمُ بالإضافة إلى نجاحهم في فَرْضِ حصارٍ اقتصاديٍ على العَدُّوِ وإِرْبَاكِهِ وإيقاعِ الذُّعْرِ والاضطرابِ في صفوفِه. الله أكبر! لقد أثبتَ المؤمنونَ القليلونَ يومَ بدرٍ أنَّ قُريشاً ليستْ -كما زَعمَتْ لنفسها- القوةَ الضَّاربةَ في الجزيرة العربية، لقد استطاعَ المؤمنونَ أن يَقْهَرُوا هذه القوةَ، وأنْ يُمَرِّغُوا أنفَها في التُّرَابِ، وأنْ يُكَبِّدُوها كُلَّ هذه الخسائرِ في الأروحِ والممتلكات! .

إنه الإيمانُ الحقُّ الذي رَجَّحَ كِفَّةَ أهلِ بدرٍ وهُم ثلاثمائةٍ وأربعةَ عشرَ رَجُلاً على قريشٍ وهم ثلاثةُ أضعافِ هذا العدد.

قال تعالى:(وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) .وقال تعالى: (قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ) .

إننا أيها الإخوة المؤمنون ما نحتاج اليومَ إلى شَيءٍ كما نحتاجُ إلى هذا الإيمان الحقِّ الذي يصنعُ الكثيرَ والكثيرَ في مُواجهةِ العَدُوِّ المُتَكَبِّر،الذي يُريدُ أن يُطْفِئَ نورَ الله في الأرضِ.

إن هذا الإيمانَ الحقَّ وحدَه هو الذي يَشْحَذُ العزائمَ، ويُعَبِّئُ القُوَى، ويُجَمِّعُ الصُفوفَ، ويُفَجِّرُ الطَّاقاتِ الماديةَ والرُّوحِيةَ، ويُثيرُ الهِمَمَ الكَامِنَةَ، ويُحَرِّكُ القُدرَاتِ المُبدِعَةَ، وحينئذٍ يَتحقَّقُ وعدُ اللهِ: ( وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) .

والإيمانُ الحَقُّ أيها الإخوة المؤمنون هو الذي تتكامَلُ معه شخصيةُ المؤمن، وتَتَجَلَّى فيه أخلاقُ القُوَّةِ والفُتُوَّةِ كما تتجلى فيه أخلاقُ الطاعةِ والاستقامةِ والثباتِ والتوَكُّلِ على الله امتثالاً لقول الله تعالى:(وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ) . وامتثالاً لقولِ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ”الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ“ .

أيها الإخوة المؤمنون:

والعامِلُ الثاني من عوامِل النصر في غزوةِ بدرٍ هو حُبُّ الدِّينِ والغَيْرةُ عليه والتضحيةُ في سبيله إلى آخر قَطْرَةِ دمٍ حتى لا تَكُونَ فتنةٌ ويكونَ الدينُ للهِ.

جاء في السيرة النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم لما شاور أصحابه رضي الله عنهم حين خَرَجَتْ قُريشٌ لِتَمْنَعَ عِيرَهَا قام المِقْدَادُ بنُ عَمْروٍ رضي الله عنه فقال: يارسولَ اللهِ امضِ لمِاَ أرَاكَ اللهُ فنحنُ معك ، واللهِ لا نقولُ لكَ كما قالتْ بنو إسرائيلَ لموسى: (فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ)، ولكنِ اذْهَبْ أنتَ ورَبُّكَ فقَاتِلا إنَّا مَعكما مُقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سِرْتَ بِنا إلى بَرْكِ الغِمادِ لَجَالَدْنا معك مِن دُونِه حتى تَبْلُغَهُ.

 

الله أكبر! إنها لَصُورةٌ رائعةٌ لِرسوخِ الإيمانِ، وصِدْقِ العقيدةِ، وإنَّه لَنُمُوذَجٌ فَذٌَ للسمع والطاعة وامتثالِ الأمرِ حتى لو اقتضاهم هذا الأمرُ أن يخوضُوا البحارَ وأنْ يذهبوا إلى أقصى مكان.

هؤلاءِ أيها الإخوة المؤمنون هم أهل بدر الذين اطلع الله على صدقهم وإخلاصهم وحبهم لهذا الدين ، وتضحياتهم في سبيله ، فآواهم وأيدهم بنصره ورزقهم من الطيبات.

والسؤال الذي يطرح نفسه في هذه المناسبة: أين نحن من إيمان أهل بدرٍ؟ أين نحن من يقين أهل بدر؟ أين نحن من إخلاص أهل بدر؟ أين نحن من حُبِّ أهل بدر لدِينِ الله وتضحياتهم في سبيله ؟

أيها الإخوة المؤمنون:

والعامِلُ الثالث من عوامل النصر في غزوة بدرٍ هو اللجوءُ إلى الله تعالى والاستغاثةُ به وإظهارُ الفقرِ إليه وطلبُ النصرِ منه. لقد كان أهل بدر يؤمنون إيماناً لا شك فيه أن النصر من عند الله ، وأنه لا حول ولا قوة إلا بالله ، وأنهم أحوجُ أهل الأرض إلى معونةِ اللهِ وفضلِه، ولذلك كانوا يستغيثون ربَهم بلهفة ، ويَدْعُونَه بإلحاح ، ويَسْألُونَه باضطرارٍ أنْ ينُجِزَ وَعْدَهُ ، وأنْ يَنْصُرَ جُنْدَهُ.

قال تعالى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ) .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في قُبَّتـِهِ يومَ بدر: ”اللَّهُمَّ إِنِّى أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ الْيَوْمِ“ فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ فَقَالَ حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَدْ أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ، وَهْوَ فِى الدِّرْعِ، فَخَرَجَ وَهْوَ يَقُولُ: (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ  بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ )! .

 

بهذه العبوديةِ الخالصةِ ، وبهذه المناجاةِ الخاشعةِ ، وبهذه الاستغاثةِ اللَّه ْفَى، وبهذا الذِّكْرِ الكثير عند اللقاء وفي ساحة المعركة تفتحتْ أبوابُ السَّمَاءِ واستجابَ اللهُ الدُّعاءَ وأغاثَ الملهوفينَ بمددٍ مِنْ عِنْدِه فكانَ النَّصْرُ.

والسؤال الذي يطرَحُ نفسه هنا أيها الإخوة المؤمنون: أين نحن من اللجوء إلى الله؟ وأين نحن من التضرع والدعاء؟ وأين نحن من إظهار الفقر إلى الله وطلبِ النصر منه كما كان أهل بدر رضي الله عنهم يناجون ربهم داعين مستغيثين متضرعين أنْ يُفْرِغَ عليهم صبراً ، وأنْ يُثَبِّتَ أقدامَهُم ، وأنْ يَنصرَهم على القومِ الكافرين ؟ أين ذِكْرُ اللهِ ذِكْراً كثيراً في جبهاتنا ومواجهاتنا كما أمرنا ربنا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ ) . ومتى نؤمن حقاً بأنَّ اللهَ هو العَضُدُ والنَّصِيرُ وندعوه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه إذا غزا:”اللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِى وَنَصِيرِى بِكَ أَجُولُ وَبِكَ أَصُولُ وَبِكَ أُقَاتِلُ“ .

أيها الإخوة المؤمنون:

العامِلُ الأولُ من عواملِ النصر في غزوة بدر هو الإيمانُ الحقُّ. لقد شَكَّلَ الإيمانُ الحقُّ حَجَرَ الزاويةِ في هذا الانتصار المُذْهِلِ في التاريخ المُبَكِّرِ للإسلام، خَسِرَتْ قريشٌ وهي الفِئَةُ الكثيرةُ العَدَدِ والعُدَّةِ سبعينَ قتيلاً بينَهم أبو جَهْلٍ فرعونُ هذه الأُمَّة، بالإضافة إلى سبعينَ أسيراً ، وعاد المسلمون وهم الفئةُ القليلةُ العددِ والعُدَّةِ إلى المدينة المنورة ومعهم الأَسْرَى والغنائمُ بالإضافة إلى نجاحهم في فَرْضِ حصارٍ اقتصاديٍ على العَدُّوِ وإِرْبَاكِهِ وإيقاعِ الذُّعْرِ والاضطرابِ في صفوفِه. الله أكبر! لقد أثبتَ المؤمنونَ القليلونَ يومَ بدرٍ أنَّ قُريشاً ليستْ -كما زَعمَتْ لنفسها- القوةَ الضَّاربةَ في الجزيرة العربية، لقد استطاعَ المؤمنونَ أن يَقْهَرُوا هذه القوةَ، وأنْ يُمَرِّغُوا أنفَها في التُّرَابِ، وأنْ يُكَبِّدُوها كُلَّ هذه الخسائرِ في الأروحِ والممتلكات! .

إنه الإيمانُ الحقُّ الذي رَجَّحَ كِفَّةَ أهلِ بدرٍ وهُم ثلاثمائةٍ وأربعةَ عشرَ رَجُلاً على قريشٍ وهم ثلاثةُ أضعافِ هذا العدد.

قال تعالى:(وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) .وقال تعالى: (قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ) .

إننا أيها الإخوة المؤمنون ما نحتاج اليومَ إلى شَيءٍ كما نحتاجُ إلى هذا الإيمان الحقِّ الذي يصنعُ الكثيرَ والكثيرَ في مُواجهةِ العَدُوِّ المُتَكَبِّر،الذي يُريدُ أن يُطْفِئَ نورَ الله في الأرضِ.

إن هذا الإيمانَ الحقَّ وحدَه هو الذي يَشْحَذُ العزائمَ، ويُعَبِّئُ القُوَى، ويُجَمِّعُ الصُفوفَ، ويُفَجِّرُ الطَّاقاتِ الماديةَ والرُّوحِيةَ، ويُثيرُ الهِمَمَ الكَامِنَةَ، ويُحَرِّكُ القُدرَاتِ المُبدِعَةَ، وحينئذٍ يَتحقَّقُ وعدُ اللهِ: ( وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) .

والإيمانُ الحَقُّ أيها الإخوة المؤمنون هو الذي تتكامَلُ معه شخصيةُ المؤمن، وتَتَجَلَّى فيه أخلاقُ القُوَّةِ والفُتُوَّةِ كما تتجلى فيه أخلاقُ الطاعةِ والاستقامةِ والثباتِ والتوَكُّلِ على الله امتثالاً لقول الله تعالى:(وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ) . وامتثالاً لقولِ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ”الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ“ .

أيها الإخوة المؤمنون:

والعامِلُ الثاني من عوامِل النصر في غزوةِ بدرٍ هو حُبُّ الدِّينِ والغَيْرةُ عليه والتضحيةُ في سبيله إلى آخر قَطْرَةِ دمٍ حتى لا تَكُونَ فتنةٌ ويكونَ الدينُ للهِ.

جاء في السيرة النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم لما شاور أصحابه رضي الله عنهم حين خَرَجَتْ قُريشٌ لِتَمْنَعَ عِيرَهَا قام المِقْدَادُ بنُ عَمْروٍ رضي الله عنه فقال: يارسولَ اللهِ امضِ لمِاَ أرَاكَ اللهُ فنحنُ معك ، واللهِ لا نقولُ لكَ كما قالتْ بنو إسرائيلَ لموسى: (فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ)، ولكنِ اذْهَبْ أنتَ ورَبُّكَ فقَاتِلا إنَّا مَعكما مُقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سِرْتَ بِنا إلى بَرْكِ الغِمادِ لَجَالَدْنا معك مِن دُونِه حتى تَبْلُغَهُ.

الله أكبر! إنها لَصُورةٌ رائعةٌ لِرسوخِ الإيمانِ، وصِدْقِ العقيدةِ، وإنَّه لَنُمُوذَجٌ فَذٌَ للسمع والطاعة وامتثالِ الأمرِ حتى لو اقتضاهم هذا الأمرُ أن يخوضُوا البحارَ وأنْ يذهبوا إلى أقصى مكان.

هؤلاءِ أيها الإخوة المؤمنون هم أهل بدر الذين اطلع الله على صدقهم وإخلاصهم وحبهم لهذا الدين ، وتضحياتهم في سبيله ، فآواهم وأيدهم بنصره ورزقهم من الطيبات.

والسؤال الذي يطرح نفسه في هذه المناسبة: أين نحن من إيمان أهل بدرٍ؟ أين نحن من يقين أهل بدر؟ أين نحن من إخلاص أهل بدر؟ أين نحن من حُبِّ أهل بدر لدِينِ الله وتضحياتهم في سبيله ؟

أيها الإخوة المؤمنون:

والعامِلُ الثالث من عوامل النصر في غزوة بدرٍ هو اللجوءُ إلى الله تعالى والاستغاثةُ به وإظهارُ الفقرِ إليه وطلبُ النصرِ منه. لقد كان أهل بدر يؤمنون إيماناً لا شك فيه أن النصر من عند الله ، وأنه لا حول ولا قوة إلا بالله ، وأنهم أحوجُ أهل الأرض إلى معونةِ اللهِ وفضلِه، ولذلك كانوا يستغيثون ربَهم بلهفة ، ويَدْعُونَه بإلحاح ، ويَسْألُونَه باضطرارٍ أنْ ينُجِزَ وَعْدَهُ ، وأنْ يَنْصُرَ جُنْدَهُ.

قال تعالى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ) .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في قُبَّتـِهِ يومَ بدر: ”اللَّهُمَّ إِنِّى أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ الْيَوْمِ“ فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ فَقَالَ حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَدْ أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ، وَهْوَ فِى الدِّرْعِ، فَخَرَجَ وَهْوَ يَقُولُ: (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ  بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ )! .

بهذه العبوديةِ الخالصةِ ، وبهذه المناجاةِ الخاشعةِ ، وبهذه الاستغاثةِ اللَّه ْفَى، وبهذا الذِّكْرِ الكثير عند اللقاء وفي ساحة المعركة تفتحتْ أبوابُ السَّمَاءِ واستجابَ اللهُ الدُّعاءَ وأغاثَ الملهوفينَ بمددٍ مِنْ عِنْدِه فكانَ النَّصْرُ.

والسؤال الذي يطرَحُ نفسه هنا أيها الإخوة المؤمنون: أين نحن من اللجوء إلى الله؟ وأين نحن من التضرع والدعاء؟ وأين نحن من إظهار الفقر إلى الله وطلبِ النصر منه كما كان أهل بدر رضي الله عنهم يناجون ربهم داعين مستغيثين متضرعين أنْ يُفْرِغَ عليهم صبراً ، وأنْ يُثَبِّتَ أقدامَهُم ، وأنْ يَنصرَهم على القومِ الكافرين ؟ أين ذِكْرُ اللهِ ذِكْراً كثيراً في جبهاتنا ومواجهاتنا كما أمرنا ربنا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ ) . ومتى نؤمن حقاً بأنَّ اللهَ هو العَضُدُ والنَّصِيرُ وندعوه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه إذا غزا:”اللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِى وَنَصِيرِى بِكَ أَجُولُ وَبِكَ أَصُولُ وَبِكَ أُقَاتِلُ“ .

أيها الإخوة المؤمنون:

والعامِلُ الرابع من عوامل النصر في غزوة بدر هو الإمدادُ بالملائكة تُقَاتِل في صُفُوفِ المؤمنينَ وإلقاءُ الرُّعْبِ في قلوب الكافرين. قال تعالى: (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ) . وقال تعالى: ( ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ) .

وهذا العامل من عوامل النصر يعني أنَّ أسبابَ السمواتِ والأرضِ كُلَّها تكونُ معكَ أيها المؤمن عندما تكون مع الله، وأنَّ اللهَ يجعل لكَ فرَجاً ومَخْرَجاً ولو كادَ لك أهلُ الأرض جميعاً.