5 محرم 1433

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا عندي معاناة غريبة تختص بأسناني وشكلها، فأنا بردت أسناني سنة ٢٠٠٨ وما كنت أعرف كيفية عملها أو ماذا يحدث!! ولما أضحك كنت أقفل فمي، وزوجي وأمي دائماً يقولون لي لا تضحكي، وزوجي كان دائما يقول لي أنتِ عجوز ما عندك أسنان، ثم عملت أسنان وندمت، فأسناني دائماً تنزف، ومنظرها سيئ.. نفسيتي تعبت ولا أنظر للمرآة، أهملت نفسي وبيتي وزوجي وأولادي.. ولما أتكلم مع أحد فقط أنظر لأسنانهم! تعبت.. أدعو الله ليلاً ونهاراً أن يعيد لي فقط الأسنان التي بردوها، ماذا أفعل ليقبل الله دعائي؟ أقرأ القرآن، وأصوم، وأدعو الله في كل الأوقات.. ماذا أفعل؟! هل يستجيب الله دعائي؟

أجاب عنها:
أسماء عبدالرازق

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وحياك الله في موقع المسلم.
الأخت الكريمة: أحب أن أذكرك بثلاث مقدمات قبل الإجابة، وهي معلومة يعتقدها كل مسلم لكن استحضارها دائماً يهون عليه كثيراً من الأقدار:
• أولاً: ما من شك في أن الله سبحانه وتعالى لا يعجزه شيء، وأنه على كل شيء قدير، وإن قال لأسنانك كوني جميلة صحيحة لكانت.
• ثانياً: لا شك كذلك في أنه جل وعلا حكيم عليم، وكل ما يقدره فبمقتضى حكمته وعلمه ثم إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم، وهو أعلم بما يصلح لعباده.
• وأخيراً: الله سبحانه وتعالى يبلونا بالشر والخير لينظر كيف نعمل، ثم يجزينا على ذلك، والمطلوب منا الصبر على الضراء، والشكر في السراء، واستحضري دوماً أن صبرك ليس بالمجان، بل هو مدفوع الأجر من رب شكور.
أختي الكريمة:
مشكلة الأسنان ابتلاء يقابل بالصبر وبذل الأسباب الطبية المعينة على علاجها.
صحيح أن كثرة نزفها أمر مزعج، وكثرة تعليقات أهلك تنغص عليك، إلا أنك أضفت لهاتين المشكلتين مشكلة ثالثة أظن أنها أشد وطأة على نفسك منهما، وهي صبغ حياتك كلها بلون قاتم واختزالها في هذه المشكلة، فكلما نظرت إلى المرآة لم تري فيها إلا أسنانك، ولم تنتبهي لما قد تتفوقين به على غيرك من نقاء بشرة، أو جمال عينين، أو حسن لون أو غير ذلك مما يظهر في صفحة المرآة بجوار الأسنان!
وكلما حادثت أهلك وسامرتهم لم يبق في ذهنك من كلامهم شيءٌ إلا تعليقاتهم على أسنانك.
وكلما تعاملت مع أحد من الناس لا تلتفتين إلا لأسنانه الجميلة الصحيحة، وربما يخيل لك أحياناً أن أسنانه صحيحة وهو يعاني من مشاكل فيها قد تكون أشد من مشكلتك!
ويجمل بك أختي أن تستحضري كلما راودك خاطر منغص بأن الجمال نسبي فما ترينه جميلا قد يراه هو غير جميل ويتطلع لما سواه، أردت أن أقول ربما تغبطين شخصاً يعاني مما تعانين، ويود تغيير ما تودين، وكل ذلك مرده لإحساسك بضخامة مشكلتك، وغضك الطرف عن ما ابتلي به الناس، وما تتقلبين فيه من النعم. فكم من جميل ثغر أعمى أو أصم أو كسيح أو مجنون أو كلها معاً! فاحمدي الله تعالى على نعمه يزدك من فضله، واصبري على الابتلاء يرفعك أعلى الدرجات.
وأما إهمالك لزوجك وأولادك بسبب ذلك فليس حلاً، بل بذرٌ لنبتة لن تكون ثمارها إلا خسارة الزوج، وضياع الأولاد، والنكد والمشكلات، فكوني إيجابية، وتصرفي كغيرك من النساء السعيدات بنعمة الزوج والأبناء، واسعي للعلاج عند طبيبة حاذقة، ويمكنك استشارة أكثر من واحدة، وغضي الطرف عن مشكلتك وحاولي تناسيها والتعايش معها إن تأكد لك أنه لا يمكن حلها، وكوني على أمل فما كان اليوم صعباً في الطب غداً يغدو سهلاً.
أختي الفاضلة: بالإضافة لما سبق ينبغي أن تبيني لزوجك ووالدتك بكلمات مناسبة في وقت مناسب بطريقة مناسبة أنك لا تحبين التعليقات حول هذا الموضوع.
وأخيراً رضاك أيتها الكريمة بالقدر، يحصر البلاء في مشكلة واحدة، ويعينك على التمتع بما عندك من نعم، هذا غير ما ينتظر الصابرين من الأجر يوم يقوم الحساب. والسخط –حماك الله منه- ينغص حياتك، ولا يحل مشكلتك، وربما ساقك لخلق كثير من المشكلات التي قد تكون شراً من المشكلة الأصلية.
يكفي أن تستشعري أن الله هو الذي قدر لك ذلك، وأنه عليم حكيم، وأن الصابرين على البلايا عليهم صلوات من ربهم ورحمة لتعرفي أن هذه المشكلة ربما كانت سبب سعادتك في دنياك وآخرتك.
سلي الله أن يقدر لك الخير ويرضِّيك به، وتذكري دائماً قول الله تعالى: "عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون".
ختاماً: شفاك الله وعافاك، ووفقك لما يحب ويرضى.