يا ثلمة الإسلام بفقدك يا (ابن عقيل)
10 شوال 1432
هند عامر

في يوم الثلاثاء 21/7/1430 هـ 
كنا في دورة لتخريج الحديث
تلقيها علينا الزميلة الحبيبة د.ريم السويلم
وبينما نحن في انتظارها حيث تأخرت , إذ دخلت علينا على غير ما أعتدنا
فوقفت ثم قالت - بأسلوب مؤثر - :
سأعطيكم أبيات من قصيدة شهيرة
اكتبوها .. و أحفظوها .. و أفهموها
 
تعجبنا من فعل د.ريم
لكننا التقطنا أقلامنا وبدأنا نكتب
فأنشدت أبيات الشافعي - التي لطالما أبكت إبراهيم بن أدهم –
قائلة :
 
إذا مـا مـات ذو علـم وتقـوى
 فقـد ثـلمــت مـن الإســــلام ثلمـــــة
وموت الحاكـم العـدل المولى
بحـكـم الشـرع منقصـــــة ونقمــــــة
ومـوت العـــابـد لقـوام ليـلاً
 يـــنـاجـي ربــــة فــي كــــل ظلمــــــة
ومـوت فتى كـثـير الجـود محـل
فــإن بقـائه خـصــــــب ونعمــــــــــة
ومـوت الفـارس الضـرغـام هـدم
فـكم مـن شـهـدت لـه بالصـبر عزمة
فحسبـك خمـســـة يبكـي عليهـم
وبـاقـي النـاس تخـفـيـف و رحمـــــــة
 
 كتبنا .. وحفظنا .. وفهمنا ..
وبكينا أيضا
فقد علمنا أنها إنما كانت تعني الخبر الجلل
وفاة العالم (إبن جبرين) .. الذي سبق الدورة  بيوم
حيث مازالت حرقة وفاته تستعر في قلوبنا بصمت
 
مرت الأيام
وبقيت أردد تلك الأبيات كلما مات أحد أولئك الخمسة
ممن لا نزكيهم على الله ..
وكم فجعنا برحيل الكثير
 
واليوم وبعد عامين من وصية د.ريم
ها أنا أرددها وأن أقرأ نعي العلامة (عبد الله بن عقيل)
في رسالة نصية وصلتني من حفيدته على هاتفي الجوال
فلا أجد أكثر من دمعة حرى .. وصمت ملجم ..
ثم أتحامل على نفسي
لأكتفي برسالة نصية أخرى .. أُحمَّلها ما تبقى من دمع
 
ثم علمت أني  إنما كنت بذلك في وهم
فأي رسالة .. بل أي جوال .. بل أي تقنية تلك
التي تقوى على نقل دموعنا عليك يا شيخ (عبد الله)
 
كأنني والله ..
أسمع أنين هاتفي وهو يعاتبني على ما جنيت
 
هل فيكم من أحد
حشر ثلمة موت الشيخ بن عقيل في رسالة ؟!
 
هل ثمة من جنى على هاتفه .. بمثل ماجنيت ؟!
 
هل احتملت هواتفكم نعي من هو مثله ومن قبله من العلماء ؟!
 
ألم تستشعروا أنينها؟!
ألم تستحضروا بكائها؟!
 
إن كنت لم تستشعر ولم تستحضر
فأقرأ تفسير هذا الآية في سورة الدخان
(فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ)
اقرأ ما قاله أبو مجاهد , وتأمل جوابه على تعجب أبو يحيى
 
ثم أسأل نفسك:
أو تضطر إلى البكاء سماء .. و تئن للفقد أرض
ثم يتجلد هاتف !!!
 
تَشْكي السَّماءُ رَحيْلَهُمْ
يَجْثُو على الأرضِ السُّكونْ !

 

أواااااااااااه يا ابن عقيل
 
أترحل
لتتركنا نختنق في عصر الرويبضات ؟!
 
أترحل
لتتركنا نقتات الفعل في زمن الأصوات ؟!
 
أترحل
وتتركنا وقد كنا نلوذ من مطر الفتن بأمثالك من الثقات
 
أترحل
قبل أن ترى نصر الدين بانتصار الثورات
 
أترحل ؟! .. أترحل ابن عقيل؟!
أترحل يا شيخنا ؟!!
 
داء تخلل في العظام فردها
فلذًا وأشلاءً على أشلاء
وتشابهت مني الجراح فأصبحت
حفرا تضل بها عيون الرائي
 أواهُ لو كان الرقاد يزورني
لرضيت من دنياي بالإغفاء
لا يلتقي جفنايَ إلا خلسةً
فكأن بينهما قديم عداء
 
إنا لله .. وإنا إليه راجعون
 إنا لله .. وإنا إليه راجعون
إنا لله .. وإنا إليه راجعون