25 جمادى الأول 1433

السؤال

السلام عليكم لدي مشكلة تتمثل في أنى عصبية، وأقل الأشياء يغضبني ويشيطني غضباً، لا بل أسوأ من ذلك أقل مشكلة وأقل كلمة من شخص ما تجعلني أحس بأني أريد أن أنهى علاقتي بهذا الشخص للأبد، وقد يكون هذا الشخص عزيزاً جداً عليّ، ولكن هكذا أصل معه؛ لمجرد كلمة قالها لي تكون غليظة أو تجرحني، يكون قالها في لحظة غضب، وشيء آخر أني أعقد الأمور التي أختلف فيها مع شخصٍ أي اختلاف في الرأي بسيط، أو مشاحنة أُكبٍر منها، وأصل إلى حد بعيد وتفسيرات واسعة المدى، ما يجعلني أتحسر..
أنا - والحمد لله - في بداية التزامي، قال لنا مشايخنا - بارك الله فيهم - إننا لابد أن نتغير ونحسن أسلوبنا، وبالفعل تغيرت حينها وأصبحت حليمة، أصبر على أذى الناس، ولكن الآن وحتى بعد رمضان أعانى مما أعانى، ولا شك أن ذلك ينفر الناس من حولي، وأنا بدوري أحب أن أبعد عنهم؛ اتقاءً لأذاهم، ومخافة تعقيدي للأمور في كل مرة، مشكلتي هي ليست معرفة مَن المصيب ومَن المخطئ، سواء أنا أو هم، ولكن في الوصول إلى خط النهاية من قِبلي من أول نفس.. وجزاكم الله عنا خير الجزاء.

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

الأخت الفاضلة، لن يستطيع الإنسان أن يعيش في ذلك الكون وحده، وكثير من الناس يفضلون الاعتكاف والبعد عن المحيطين بهم وقد يكون هؤلاء المحيطين أقرباء مثلا أو جيرة منعا للمشكلات فلا يربط بينهم رابط غير كلمة السلام عند تقابل الوجوه والسبب على حد قولهم "منعا للمشاكل" وكذلك يحدث مع الأصدقاء وغيرهم.
لكنني أجد برأيي أن المشاكل لا تحدث إلا من النفس البشرية ذاتها لا من غيرها، فالمرء يستطيع أن يتصف بالعفو والتسامح عند سماع ما يكره فيكبت بذلك الشيطان الذي يحاول أن يصنع الضغينة بينه وبين من حوله.
والغضب صفة يتصف بها كثير من الناس لكننا أمرنا أن نتمالك أنفسنا لحظة الغضب كما علمنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عندما سأله أحد أصحابه عن وصية فقال له "لا تغضب" ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة.
وأما الأمر الآخر وهو سلامة الصدر فالمرء لابد أن ينشىء في نفسه سلامة الصدر لمن حوله، وقد يكون من حوله عندهم ضغينة أو كيد أو غيره لكننا لم نؤمر بمعاملة السوء بالسوء بل علينا معاملة السيئة بالحسنة وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقابل إهانة جاره اليهودي بالحسنى.
فالمؤمن لا يعامل إلا الله سبحانه، ولا يبتغي بكل عمله إلا وجه الله وعفوه. وصبرُه وكظمُ غيظه إنما هو لله سبحانه، لا لأحد من الناس.
وقد يكون ذلك العفو باباً لجلب حب الآخرين، وبدلاً من أن ينفر منك من حولك لسوء سلوكك يحاولون التقرب منك لحبهم فيك.
أيتها الفاضلة إن الدنيا دار ضيافة سنتركها قريباً أو بعيداً فلا تستحق أبداً أن يحمل الإنسان فيها لأخيه كرهاً أو ضغينة، ولعلك تعلمين ذلك الصحابي الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم إنه من أهل الجنة، ولما تبعه بعضهم علم أنه إنما فضل عن غيره لأنه يبيت ولا يحمل في قلبه غلاً لأحد.
الأخت الكريمة: من سؤالك علمنا أنك حاولت التغيير، لكن لن يتم هذا التغيير إلا بإخلاصك لله سبحانه، وطلب القرب منه سبحانه حتى تسعدي بصحبة من حولك.