الصومال والأمة الإسلامية .. اقتسام القوت ومشاركة المصاب
23 شوال 1432
تقرير إخباري ـ محمد لافي

ليس من السابق لأوانه القول بأنَّ ما حلّ بأبناء الصومال من جوع وموت وتشريد لم ينعكس على إخوتهم في الدين  ألما وحزناً,  فقد لمسنا جهوداً كثيراً في بعض دول العالم العربي ممن أيقظت ضمائرَهم واستنهضت هممَهم صيحاتُ استغاثةٍ أسمعتها لهم بلا صوتٍ مشاهدُ نسوة يسرن على أقدامهنَّ هرباً من الموت، وقد يدركهنَّ الموت أو يتجاوزهن، فيتخطف أبنائهنَّ من حولهن, ومشاهدُ لأطفال أعجزهم وهنُ الجوع عن أن يستغيثوا أو يصرخوا.

 

لقد دفع هذا السَّيل من المشاهد، وما تحكيه من صيحاتٍ، بتحرك مقابل قام عليه أبناءُ الجسد الواحد من منظمات الأمة الإسلامية وهيئاتها وعلمائها؛ فتوالت الدعوات لإغاثتهم، ومُدَّت الجسور لإنقاذهم، وقدموا العون لهم بأيديهم, فكان لعدد من الهيئات أن بادرت, وأخرى أن شاركت وساهمت،  وكانت النتيجة أن تقاسمت الأمة مصابهم وقاسمها أبناؤها قوتهم.

 

فبعد إعلان منظمة التعاون الإسلامي الصومال منطقة مجاعة ومبادرتها لتأسيس تحالف للإغاثة وتنسيق الأعمال الإنسانية في الصومال عبر مكتب لها في مقديشو, وإعلان السعودية تخصيص 60 مليون دولار لتقديم معونات طارئة إلى الصومال، وتقديم الكويت مبلغ عشرة ملايين دولار, تسارعت وتيرة الجهود الإغاثية وتسابقت المنظمات الإسلامية في تقديم العون اللازم لإنقاذ الشعب الصومالي المسلم من الهلاك.
 

 

مبادرات سعودية
202 مليون ريال من الشعب السعودي وقيادته
في بادرة أظهرت عمق الإخوة والتراحم  تجاه إخوانهم الصوماليين تسابق أبناء الشعب السعودي للمساهمة في تخفيف مصاب الجوعى في الصومال من خلال المشاركة في الحملة الوطنية التي دعا إليها الملك عبد الله بن عبد العزيز وافتتحها بتبرع شخصي قيمته 20 مليون ريال, ليتدفق بعدها سيل التبرعات من شتى الجهات العامة والخاصة ومن أبناء المملكة والمقيمين فيها, لتبلغ حصيلة التبرعات خلال يومين 202 مليون ريال إضافة إلى مئات الأطنان من المواد الغذائية والطبية.
 

 

الندوة العالمية وهيئة الإغاثة الإسلامية
لم تواجه كل من الندوة العالمية للشباب الإسلامي وهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية صعوبة في التعامل السريع مع الوضع الإنساني في الصومال, والسبب في ذلك تواجدهما في الساحة الصومالية منذر أكثر من عقد من الزمان, وفور تفشي المجاعة في تلك المناطق أعلنت الندوة عن تبرعها بمبلغ أربعة ملايين ريال وتبعته بإرسال 22 حاوية إلى (مقديشو) كما قدمت إغاثة عاجلة 40.000شخص في مخيمات الاجئين على الحدود الكينية وداخل العاصمة, ووزعت مؤونة شهر كامل لأكثر من 1000 أسرة كما أرسلت فريقاً من الأطباء يقوم بالكشف وتقديم العلاج المجاني لأكر من 100 شخص يومياً ولا يزال فريق عمل الندوة في الصومال يتلقى المعونات لتوزيعها على المحتاجين.
وقدمت هيئة الإغاثة الإسلامية حتى الآن ما يقارب 8 آلاف طن من المساعدات الغذائية للمتضررين في الصومال استفاد منها 50 ألف نازح, كما أطلقت الهيئة حملة كبيرة لتوزيع مياه الشرب في بعض المناطق فوزعت 3000 صهريج مياه على الأسر في المناطق الأكثر جفافاً.
 
 
 
جهود قطرية:
مؤسسة الشيخ ثاني بن عبد الله آل ثاني للخدمات الإنسانية راف
أطلق اتحاد الجمعيات الخيرية القطرية الذي يضم الهلال الأحمر القطري ومؤسسة الشيخ عيد بن محمد آل ثاني الخيرية ومؤسسة الشيخ ثاني بن عبدالله للخدمات الإنسانية "راف" وقطر الخيرية، حملة شعبية تحت شعار "يوم الجود القطري" تساندهم الفضائية القطرية لجمع تبرعات لإغاثة المتضررين من كارثة المجاعة في منطقة القرن الإفريقي.
وقد نفذت مؤسسة الشيخ ثاني بن عبد الله آل ثاني للخدمات الإنسانية راف حملة إغاثية عاجلة لصالح المتضررين في القرن الأفريقي, فسيرت جسراً بحريا للصومال يحمل 9000 طن من المواد الغذائية والطبية عبر 3 رحلات بحرية تحمل كل رحلة على متنها 3000 طن من المؤن كما أرسلت على متن هذه السفن فريقا من المتطوعين القطريين بالإشراف على تقديم المساعدات التي ستشمل موادا غذائية ، و مياه صالحة للشرب ، وحليب أطفال, كما توجه مجموعة من الأطباء لتقديم الإسعافات اللازمة لأصحاب الحالات الصحية الحرجة.
مؤسسة عيد الخيرية القطرية  
وأقامت مؤسسة عيد الخيرية خمسة مخيمات للنازحين إلى مقديشيو يضم كل منها ألف شخص، وتقوم المؤسسة بتوزيع السلال الغذائية على هذه المخيمات ومواقع أخرى متفرقة حيث تكفي معونة الأسرة الواحدة لشهر كامل ليبلغ إجمالي الأسر المستفيدة من هذه المساعدات (70) ألف أسرة صومالية.
 

 

جمعية العون المباشر بالكويت
قامت جمعية العون المباشر بتنفيذ أعمالها في الصومال خلال العقدين الماضيين وباستمرار مما مكنها من العمل في المناطق المتضررة بيسر وسهولة فقامت بفتح 20 مركزا في جنوب الصومال لتغذية المصابين بسوء التغذية يستفيد منها حاليا عشرة آلاف طفل يوميا, كما فتحت في شمال كينيا 17 مركزا يستفيد منها خمسة آلاف شخص كل يوم, وتقوم بتوزيع مواد غذائية جافة من الأرز والذرة والزيت والسكر للمتضررين في داخل الصومال وفي مخيمات اللاجئين.
وقامت بفتح 18 مركزا للتغذية الإضافية في محافظتي شبيلي السفلى وجدو يستفيد منها تسعة آلاف طفل وامرأة من المصابين بسوء التغذية وبهذا يصل عدد المستفيدين من مراكز الجمعية الحالية 24 ألف شخص يوميا.
وتقوم الجمعية في الوقت الحالي على إغاثة 50 ألف أسرة (300 ألف شخص) خلال الأشهر الثلاثة المقبلة في أكثر المناطق تضررا ومع أضعف الفئات في المجتمع وهم الأطفال والنساء.
 

 

مبادرات مصرية:
لجنة الإغاثة والطوارئ باتحاد الأطباء العرب 
لاقت الدعوات التي أطلقتها لجنة الإغاثة والطوارئ باتحاد الأطباء العرب  لمواجهة ما تشهده الصومال من كارثة إنسانية إقبالا خيرا من الشعب المصرى وتمثل ذلك في توفير سلات غذائية لعدد ( خمسمائة ألف نازح ) تكفيهم لمدة شهر بتكلفة 15 مليون جنية مصري.
و تكليف اتحاد الأطباء العرب بإدارة الملف الطبى فقام بتنفيذ مشروعا طبيا شمل انشاء مستشفى طوارئ مركزي حمل اسم " مستشفى زمزم المصرى بالصومال "، و3 مراكز طبية متخصصة في أمراض النساء وأمراض التغذية ، فضلا عن 3 وحدات طبية متنقلة بين المخيمات المختلفة ، وتقدم تلك المراكز الخدمة لأكثر من 200 صومالي يومياً .
دشن الاتحاد مشروعا تنمويا في الصومال يستهدف حل الأزمة بشكل جذري ، حيث أجرى الدراسات اللازمة لحفر أبار ارتوازية في المحافظات الصومالية المختلفة ، وتم توفير جانب من الحفارات لحفر تلك الآبار حيث قامت فعلاً بحفر 15 بئراً حتى الآن ويوفر البئر المياه ل150 سنة في المتوسط ، ويخدم 200000 صومالى يوفر لهم الماء اللازم للشرب والزراعة.
وأوفد الاتحاد فريقا طبيا للعمل في المستشفيات والمراكز الطبية في الصومال ، وقام الفريق الطبي المصري بتدريب الأطباء الصوماليين ، فيما حملت طائرة المساعدات التي وجهتها مصر للصومال جانبا من الأجهزة الطبية والأدوية والمستلزمات الطبية التي وفرها الاتحاد لصالح الصومال ،

 

جولات الشيخ أحمد نقيب
فضيلة الشيخ أحمد نقيب رئيس مؤسسة الإصلاح الخيرية والذي عرف عنه سعيه الدؤوب لمساعدة المحتاجين والمشي في حاجاتهم, أبى أن يقضي العيد وفرحته وبهجته وسط أهله وأولاده بل توجه صبيحة العيد إلى نيروبي ليشاطر إخوانه في كينيا والصومال فرحة العيد ويخفف عنهم آلامهم ومعاناتهم.
وقد قام الشيخ حفظه الله  بحملة إغاثة فور وصوله إلى الحدود الكينية الصومالية بعد ظهر يوم العيد وقام بالإشراف بنفسه على توزيع شحنة من المساعدات على الصومالين في مخيم داداب على الحدود الكينية وداخل المخيمات في المدن الصومالية.

 

منظمات أخرى
منظمة الدعوة الإسلامية

سيرت منظمة الدعوة الإسلامية جسراً جوياً لإيصال الأطنان من المواد الغذائية وحليب الأطفال والأدوية ومعدات إصحاح البيئة, حيث يشرف مكتب المنظمة في مقديشو على تقديم إغاثة يومية لأكثر من 500 إلى 1000 أسرة، ويشرف على 6 مستشفيات للطوارئ تستقبل أكثر من 1200 حالة مرضية يومياً داخل معسكرات النازحين, ويقدم لهم العلاج المجاني إضافة إلى 10 مراكز صحية للتطعيم والتغذية للأطفال تقدم العلاج المجاني لـ 600 طفل بصفة يومية.
 

 


المنتدى الإسلامي

دشنت مؤسسة المنتدى الإسلامي مكتب تمثيل لها في العاصمة مقديشو للإشراف على الحملة الاغاثية لشعب الصومال وقامت بتسيير قوافل اغاثية إلى المنطقة الحدودية بمخيم داداب بين كينيا والصومال الذي يتواجد به أكثر من 400.000 لاجئ .حيث وزعت أكثر من 1200 سلة غذائية تكفي الأسرة لشهر كامل
كما سير المنتدى قوافل إغاثية في المناطق المحيطة بالعاصمة مقديشو وتم توزيع 3000 سلة غذائية تكفي كل أسرة لمدة شهر وتم حفر 30 بئر سطحي يرتوي منها مئات العطشى. كما تم اعتماد 23 بئرا ارتوازياً في القرى المكتظة بالسكان حيث يستفيد منها قرابة 10.000 نسمة, ووصل للمنتدى مؤخراً خمس حاويات عبر البحر محملة بمواد غذائية ومواد طبية وآلات الرش ومبيداتها.
 

 

وعلى الرغم من إعلان الأمم المتحدة أن ما يقارب 5. 1 مليون شخص في الصومال يتلقون مساعداتها وتقديمها في مقديشو وحدها وجبات ساخنة لـ58 ألف شخص يومياً عبر برنامج الأغذية العالمي, إلا أن الجهود الإسلامية تبقى هي الأكثر تأثيراً في أزمة الغذاء الصومالية بالنظر إلى الباعث وراء هذا الحراك الإسلامي النابع من الشعور بالمسؤولية تجاه جزء لا يتجزأ من العالم الإسلامي تربطه بأبنائه الرابط العقدي, والرغبة في عدم السماح للمنظمات الدولية الدخول في بعض المناطق, واستغلالها الوضع الإنساني المتأزم لتنفيذ مآرب سياسية وتنصيرية. ورغم تلك الحقيقة؛ فإن حجم المأساة يجعلنا ونحن نشكر تلك الجهود نقول إنها لم تزل دون سقف طموحاتنا ودون حاجة الفقراء الصوماليين بكثير، وتظل الحاجة ملحة لإطلاق العديد من الحملات الإغاثية الخيرية لسد رمق ملايين الجوعى.. كأول خطوات مساندة الشعب الصومالي الشقيق.