15 محرم 1433

السؤال

قلبي يتقطع كمداً على ولدي الشاب، ولا أعلم كيف أتعامل معه، ربيناه على الصلاح، فأنا ووالده من الملتزمين بحمد الله، تعرَّف على شاب أدخله في عالم الجن والروحانيات، وأوهمه أن جده (أبي) كان يتعامل مع الجن، لكن والدي كان يعالج الناس وكان من الصالحين - رحمه الله - أما ولدي فهو لا يصلي في المساجد، ويحب أمور الصوفية من المنامات والموالد والقبور، وكثير الجدل ولا يستجيب لأي نصيحة، يصلي ولكن يؤخر فروضه ولا يتبع رسول الله في سنة ويدعي محبته، لا تعلمون قدر كمدي وهمي منه، أعلم ستقولون: ادعي له، أنا لا أكف عن الدعاء، وأحيانا أتعزى بنوح عليه السلام في ابنه.. صارت مشكلة بينه وبين أبيه فطرده، والآن شهرين ولم يعد رغم توسلات أبيه عن طريقي، ثم تزوج من أجنبية مقيمة بدون علم أبيه وأقام حفلة زفاف، لم يراع مشاعري ولا يهمه أمرنا، لست أدري كيف أتعامل معه؟ وكل أمر يهون لدي إلا فساد عقيدته.. يتفطر قلبي وتسود الدنيا في وجهي من تصرفاته مع محاولتي نسيناه. عسى أن أجد منكم استشارة تريح قلبي. جزاكم الله خيراً.

أجاب عنها:
د. خالد رُوشه

الجواب

السائلة الكريمة بداية أسأل الله أن يرد إليك ولدك وأن يقيم اعوجاجه ويحبب إليه الإيمان ويهديه صراطا مستقيما وبعد
فإن شكواك تجيب عليها عناصر عدة كما يلي:
أولا: أن هناك جزءاً كبيرا ناقصا من حديثك ووصفك لطريقة تعاملكم معه وأسلوبكم في التقرب إليه، لأنه من الواضح أنه قد كون نفسه فكريا بعيدا عنكما فأنا لا أبرئكما من مسئولية عدم القرب منه، فالموضوع ابتداء يحتاج منكما سد تلك الثغرة في التربية والعلاقة معه بالرفق معه ومحاولة القرب لأن الشدة والطرد وغيره لا ينتج إلا سلباً كما رأيتم.
ثانيا: يحتاج الأمر إلى تدخل بعض الدعاة أو طلبة العلم القريبين منكم ومنه ليحاول أن يصلح له بعض المفاهيم، وهو أمر مهم للغاية لكنه لن يستمع إلا لمن يثق فيه فليكن بحثنا عن داعية مؤثر أو عالم خبير.
ثالثا:هناك فارق بينه وبين ولد نوح عليه السلام أيتها الفاضلة فولدك مسلم ويبدو أنه محب للروحانيات والرقاق لكنه أخطأ الطريق واتبع طريق المحدثات والمبتدعات، فرده إن شاء الله قريب وممكن.
رابعا: يجب أن نبحث عن أسلوب ما ليبتعد به عمن زينوا له سبيل البدع، وليكن هذا بمساعدة بعض أصدقائه الذين تعرفونهم وتثقون فيهم.
خامسا: إن كان يهمكم أمره فيجب عليكم في هذه الحالة أن تتخذوا خطوات للقرب منه وإلا فسيظل في السقوط والبعد، ولتحذروا من بُعده ذلك، فإن البعد يزداد مع وجود الصحبة السيئة، فابحثوا عن ولدكم جيداً واذهبوا إليه واجلسوا معه وتقربوا إليه.
سادسا: لا أنصحكم بطلب التغيير الكامل منه مرة واحدة ولكن ليكن الأمر تدريجياً فأول الخطوات هي إعادة الدفء بينكم وبينه ثم النصح والبيان منكم ومن غيركم ثم الحديث عن المسائل الأخرى والأمور الأخرى، ولتعلمي أن إصلاح المفاهيم الاعتقادية والفكرية يحتاج إلى قناعة بمن يعلم ووقت وجهد ومتابعة.
سابعا: إن ناصيته بيد الله سبحانه فاسألوا الله له الاستقامة ولا تملوا فدعاء الوالد لولده مسموع مجاب إن شاء الله.