إلى يمين أوروبا المتصاعد.. ماذا بعد النقاب والصلاة؟؟
26 شوال 1432
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

 هولندا تعلن حظر النقاب.. أول حكم قضائي ضد مسلمتين فرنسيتين ارتديا النقاب .. منع الصلاة في شوارع فرنسا .. إجراءات دفع بها اليمين المتطرف بشدة ورضخت لها حكومات تلك الدول مؤخرا فيما ينتظر أن تحذو حذوها دول أوروبية أخرى في تجدد للحرب الشرسة التي يخوضها اليمين المتطرف ضد الإسلام والمسلمين الذين يعانون بالفعل من تمييز وعنصرية بالغتين في أوروبا والولايات المتحدة.

ولعل أبرز  الإجراءات، ذلك الذي اتخذته  الحكومة الهولندية الأسبوع الماضي بموجب اتفاق مع حزب النائب النائب المتطرف المعادي للإسلام  جيرت فيلدرز، وهو حظر ارتداء النقاب، لتكون بذلك أحدث دولة أوروبية تحظر ارتداء الزي الإسلامي بالأماكن العامة بعد فرنسا وبلجيكا.

 

وبموجب القانون الجديد ف"سيتم فرض حظر عام على ارتداء النقاب في الأماكن العامة بما في ذلك المباني العامة والمؤسسات التعليمية والمستشفيات ووسائل النقل العام".

وجاء القرار الحكومي بناء على اقتراح من وزير الداخلية بيت هين دونر في أعقاب تصريح فيلدرز -المعروف بمواقفه المتطرفة من الإسلام والمسلمين -العام الماضي بأنه سيتم حظر ارتداء النقاب في هولندا، علما بأن حزب "الحرية" الذي يقوده اليميني المتطرف يدعم اتئلاف الأقلية في البرلمان مقابل الاستجابة لطلباته المتعلقة بصنع السياسة.

 

وبررت الحكومة قرارها بحظر ارتداء النقاب بأن "الملابس التي تغطي الوجه تخالف في جوهرها طبيعة العرف العام الذي يجب أن نلتقي به مع الآخرين على قدم المساواة" وادعت أن ارتداء النقاب "يخالف مبادئ المساواة بين الجنسين لأن هذا اللباس ترتديه النساء فقط"!!.

والعجيب أن هذه الحكومة أقرت بأن هذا الحظر تقييدًا للحرية الدينية، إلا أنه على حد قولها "ضروري ومبرر لحماية طبيعة الحياة العامة والعادات الجيدة في هولندا" ، مشيرة إلى أن "عقوبة عدم التقيد بهذا الحظر ستكون دفع غرامة"، دون أن تحددها.

ومن المقرر أن يتم رفع قرار الحكومة إلى المحكمة الإدارية العليا "مجلس الدولة" للحصول على نصيحة قانونية قبل أن يتم طرحه على البرلمان للموافقة عليه.

 

وبعد أيام من القرار الهولندي بحظر النقاب ، تأتي فرنسا لتعلن تفردها بين نظيراتها في القارة الأوروبية وتكون أول دولة تطبق حظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة وتغريم من تنتهك هذا القانون، بحجة الحفاظ على الهوية العلمانية للدولة الفرنسية وحظر المظاهر الدينية.

فقد قامت محكمة فرنسية بتغريم امرأتين مسلمتين لإصرارهما على ارتداء النقاب، الذي تم حظر ارتدائه في فرنسا في الأماكن العامة بوقت سابق، في إجراء أثار اعتراضات جهات إسلامية وحقوقية داخل وخارج فرنسا ووصفوه بالعنصرية.

وبموجب القانون فإن أي امرأة،  فرنسية كانت أو أجنبية، ترتدي ما يخفي وجهها في مكان عام سيتم توقيفها من قبل الشرطة وتغريمها.

 

 

"يوم عار"
وبعد الحكم الأخير الذي يعد أول قرار من نوعه تصدره محكمة منذ دخول قانون  حظر ارتداء النقاب في الاماكن العامة حيز التنفيذ،  سارعت منظمة العفو الدولية لتصف الغرامات بأنها مهزلة للعدالة، منددة بما اعتبرته "يوم عار" لفرنسا، فهذا المنع ينتهك حرية التعبير والديانة".

وتعتبر فرنسا أول بلد أوروبى يحظر النقاب فى الأماكن العامة، وهو إجراء يشمل قرابة ألفى امرأة فى البلاد، ومن حينها سجلت الشرطة ارتداء عشرات النساء للنقاب ولم يتم تغريم أية امرأة أمام المحكمة.

ومن النقاب إلى الصلاة في فرنسا أيضا.. نجحت أحزاب اليمين المتطرف في دفع الحكومة الفرنسية لإصدار قرار يحظر الصلاة في الشوارع، مهددة بإجراءات عقابية ضد من ينتهك القانون.

 

 ولسنوات طويلة كان بعض المسلمين في فرنسا يصلون في الشوارع، وخاصة أيام الجمعة، وذلك بسبب ضيق المساحة في المساجد وعدم استيعابها لأعداد كبيرة من المصلين، أو عدم توفر مساجد أصلا للمسلمين في كثير من ضواحي فرنسا.

 وساهمت الزعيمة اليمينية المتطرفة مارين لوبان في صدور هذا القرار – الذي دخل حيز التنفيذ يوم 16 سبتمبر- بالنسبة للمسلمين الذين يضطرون للصلاة في الشوارع بالمدن الكبرى، في بلاد يعيش فيه أكثر من خمسة ملايين مسلم.

وكان حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف قد أثار قضية صلاة المسلمين في الشوارع العام الماضي، زاعما أن "الإسلام يهدد القيم العلمانية الفرنسية"، حيث وصفت زعيمته الصلاة في الشارع باحتلال ألمانيا النازية لباريس.

ويأتي صدور القرار الجديد، قبل سبعة أشهر من الانتخابات الرئاسية، حيث يراه البعض محاولة لحشد المؤيدين لليمين إلى معسكر يمين الوسط، الذي ينتمي له الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.

 

وتحاول الأقلية المسلمة أن تتفق مع الحكومة الفرنسية من أجل إيجاد أماكن أوسع للصلاة، حيث اتفق عدد من الأئمة في مناطق مختلفة مع سلطات باريس على استئجار ثكنات عسكرية غير مستخدمة لمدة ثلاث سنوات للصلاة فيها.

 القرارات الأوروبية الأخيرة تزامنت مع تقرير أعده المعهد الملكي البريطاني للدراسات الدولية في لندن مؤخرا حذر فيه من تصاعد نفوذ الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، متوقعا أن تلعب هذه الأحزاب دورا رئيسا في الحياة السياسية الأوروبية خاصة في ظل اعتمادها على فكرة العداء للإسلام والمسلمين لكسب مؤيدين.

 

ومن الواضح أن المجتمعات الأوروبية التي تميزت دائما بتقديسها للحريات الفردية تزيد من حالة العداء للإسلام والمسلمين بسرعة من خلال قوانين تلو الأخرى تحد من الحريات الدينية للمسلمين والمسلمات والفضل يرجع بشكل كبير لصعود الأحزاب اليمينية المتطرفة، ومضاعفة مقاعدها في البرلمان وهي التي تجهر بعدائها للإسلام بشكل فج وتلعب على وتر الخوف والتحذير من "أسلمة أوروبا" الخطر الأزلي الذي تخشاه الحكومات.

ومن أجل مصالحه السياسية والإستراتيجية يبدو أن اليمين المتطرف في أوروبا مستعد لحرب جديدة ضد المسلمين لعلها تشتد في الفترة المقبلة من قوانين وقرارات صارمة ضد كل ما هو إسلامي بدأها بالنقاب والصلاة وبانتظار قرارات أخرى.