من حماس إلى مصر.. ماذا بعد صفقة الأسرى؟
20 ذو القعدة 1432
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

"ما كان لصفقة الأسرى أن تحدث في ظل استمرار الرئيس المخلوع حسني مبارك في السلطة".. هكذا علق الكثير من الخبراء والمحللين على صفقة الأسرى بين حماس وإسرائيل لتبادل ألف أسير فلسطيني مقابل الجندي الصهيوني جلعاد شاليط والتي ساعد النظام المصري الحالي في إتمامها لتستعيد مصر وجهاز مخابراتها دورهم على الساحة السياسية الإقليمية.

فكان من الواضح اختلاف العلاقات بين مصر وحماس بعد ثورة 25 يناير التي أطاحت بنظام مبارك المعروف بمهادنته للكيان الصهيوني ومعاداته لحماس وعرقلة كل ما كان فيه مصلحة للفلسطينيين.

وتكشف الصفقة المجمدة منذ سنوات والتي تم توقيعها الاسبوع الماضي بوساطة مصرية حاسمة عن تبني النظام المصري الجديد لنهج مختلف في التعامل مع حماس يخالف ذلك الذي تعامل به مبارك مع الحركة.
ووفقا لما يقوله المحللون فإن مصر أثبتت أنها ما زالت لاعبًا إقليميًا مؤثرًا، وأن وراء الصفقة تقف المصالح المصرية وعلى رأسها الاستقرار بالمنطقة.

وبشهادة مسئوليين "إسرائيليين" فإن الصفقة ما كان لها أن تحدث في ظل استمرار الرئيس المخلوع في السلطة؛ بسبب عدم الثقة المتبادلة بين نظامه وحماس وأن التغيير الذي حدث هو السبب في إنهاء حالة الجمود والموافقة على إتمام الصفقة.
فإبان الرئيس السابق تعاملت القاهرة ببرود مع قيادات حركة حماس وذراعها العسكري، ودخلت معهم في علاقات سيئة، بعكس ما فعل خلفاء مبارك حين فتحوا صفحة جديدة مع الحركة وقاموا بتقريبها منهم وعلى رأسهم خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس الذي وصف دور مصر بالتاريخي في إتمام الصفقة، مشيدا بجهاز المخابرات المصرية الذي تخلص من الداهية عمر سليمان إبان عهد  مبارك.

كما وصفت قيادات بالمقاومة الفلسطينية الوسيط المصري بأنه أصبح اليوم أكثر قربًا إلى المقاومة والشعب الفلسطيني وقضيته معتبرة أيضا أن إسقاط نظام مبارك، ساعد على إنجاز هذه الصفقة، حيث أصبح الحوار مع الوسطاء المصريين أكثر سهولة وراحة للمنظمات الفلسطينية.

وعلى الجانب المصري، أكدت الحكومة وقيادات سياسية أن إتمام صفقة شاليط دليل على استمرار دور مصر الحيوى وممارستها لدورها القيادى على المستوى الإقليمى والدولى  والعمل على مساندة الفلسطينيين فى الحصول على حقوقهم المشروعة.

ومنذ سقوط نظام مبارك في القاهرة، قررت مصر فتح المعبر بين غزة وسيناء بشكل جزئي فقط أمام حركة الفلسطينيين، غير أن هذه الحركة مازالت مقيدة، ومازالت مصر لم توافق بعد على فتح المعبر بناء على طلب حماس أمام البضائع أيضا وليس أمام الأفراد فقط، الأمر الذى يساعد قطاع غزة كثيرا من الناحية الاقتصادية.

وفي المقابل يرى البعض أن النظام في مصر الذي يديره المجلس العسكري كان له أهداف محددة من وراء اتمام هذه الصفقة وهي تهدئة الموقف مع كل من "إسرائيل" و"حماس".
ففي مواجهة "إسرائيل" يسعى النظام الحالي للحفاظ على اتفاقية السلام، وفي ذات الوقت تعزيز الوجود العسكري المصري في سيناء المنزوعة السلاح منذ اتفاقية كامب ديفيد. أما في مواجهة "حماس" فيسعى العسكر المصريون لاحتواء الحركة الإسلامية بالنظر إلى صلتهم بجماعة "الإخوان المسلمين" ، وكذلك بعض الجماعات السلفية، وفقا لما يراه الخبراء.

وشملت صفقة التبادل، تحرير 1000 أسير، و27 أسيرة من سجون الاحتلال ضمن مرحلتين يفرج في الأولى منها عن 450 أسيرًا إضافة إلى الأسيرات، مقابل تسليم الجندي "الإسرائيلي" جلعاد شاليط الأسير لدى المقاومة الفلسطينية للجانب المصري، فيما ستتم المرحلة الثانية بعد شهرين من تنفيذ الأولى.

وكانت ثلاثة أذرع عسكرية هي كتائب القسام، وألوية الناصر صلاح الدين، وجيش الإسلام، قد أسرت شاليط ضمن عملية "الوهم المتبدد" والتي جرت داخل موقع عسكري، شرق مدينة رفح، جنوباً، في 25 يونيو لعام 2006.
والآن وبعد نجاح مصر في إتمام صفقة الأسرى، هل ستمضي القاهرة في خطواتها الإيجابية تجاه حماس والفلسطينيين ، هل ستحدث انفراجات مستقبلية بشأن فك الحصار، وإعادة إعمار قطاع غزة بعد قرابة ثلاثة أعوام على حرب الرصاص المصبوب؟؟