غزو أمريكي -فرنسي للصومال بوكالة كينية ؟
5 ذو الحجه 1432
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

تحول غريب طرأ على السياسة الكينية مؤخرا في علاقاتها الخارجية فتلك الدولة الإفريقية التي لم تعرف منذ استقلالها معنى التدخل في شئون الآخرين بحسب الكثير من المحللين قامت بما يشبه الغزو لجارتها الصومال بدعوى القضاء على حركة شباب المجاهدين التي نفذت عدة هجمات ضد أهداف كينية على الحدود مع الصومال.

 

ودخلت القوات الكينية الصومال فى منتصف أكتوبر المنصرم بهدف التصدى لشباب المجاهدين الذين يسيطرون على القسم الأكبر من جنوب ووسط الصومال ، وبررت كينيا هذا التدخل بخطف أربعة أوروبيين خلال بضعة أسابيع داخل أراضيها المحاذية للصومال. ومنذ ذلك الحين والغارات الكينية تتوالى على الحدود الصومالية لتقتل ليس فقط عناصر شباب المجاهدين بل أيضا المدنيين الصوماليين ومنهم الأطفال، وفي المقابل تنفذ أيضا حركة الشباب هجماتها ضد القوات الكينية على طريقة حرب العصابات ، وكل واحد منهما ينفي سقوط قتلى أو خسائر لديه، وقد سادت لغة التهديد بسحق الآخر وتدمير مصالحه الحيوية بين الجانبين.

 

وتمضي السلطات الكينية في تبرير تدخلها بالتحذير من خطر شباب المجاهدين، مؤكدة أنها ستنسحب من الصومال "حين تشعر بأنها آمنة"، وبأن الخطر الذي يشكله شباب المجاهدين «تراجع بشكل كاف»حيث تخشى عودة المئات من الشباب الكيني الذين يقاتلون إلى جانب الشباب في الصومال إلى بلادهم، مع ما قد يحمله هذا الأمر من زعزعة للأمن في حال قيامهم بأعمال إرهابية ، بحد تعبيرها.

 

هذا الأمر قد يكون صحيحا بالنسبة لكثير من المحللين، حيث يقول جي . بيتر بهام من مركز الدراسات الأمريكي “اتلانتيك كانسل” إن “الهجوم على الصومال يزيد من مخاطر تحرك خلايا نائمة وربما مناصرين لحركة الشباب لشن هجمات داخل كينيا” .

 

وبالنسبة للموقف الحكومي الصومالي فيبدو غريبا إلى حد ما ، ففي الوقت الذي تحفظ الرئيس الصومالي شيخ شريف شيخ أحمد على هذا التدخل وطلب من كينيا احترام سيادة بلاده ، رحب رئيس الوزراء الصومالي دون شروط بال"جهود" الكينية الرامية إلى محاربة الحركة بالجنوبية،  ودافع المسؤول الصومالي بقوة عن الوجود العسكري الكيني في الصومال، كما وصف الأنباء القائلة بالغزو الكيني للصومال بأنها خاطئة، مشيرا إلى أن هذا التوغل جاء برغبة الحكومة الصومالية.

 

ثم جاء الاتفاق المشترك بين الحكومتين اليوم الإثنين  لينص على قيام الدولتين بقتال حركة الشباب معا التي تشكل "عدوهما المشترك"، بحسب ما أعلنه رئيسا وزراء البلدين في ختام اجتماع بالعاصمة الكينية نيروبي.

 

وفي بيان مشترك لهما أكدا أن "التهديد الذي يطرحه عناصر حركة الشباب الاسلامية يشكل عدوا مشتركا لكينيا والصومال ومن الضروري محاربته معا، بمساعدة المجموعة الدولية". .

 

ويرجع المراقبون التضارب في التصريحات الصادرة من القيادات العليا للحكومة الصومالية إلى عمق الخلافات إزاء الدور الكيني العسكري الجديد في الصومال، وحجم الضغوط المحلية والخارجية التي يتعرضون لها، إضافة إلى تضارب المصالح السياسية والمالية بين الدول الأفريقية المتورطة عسكريا في الصومال.

 

كما يتخوف الرئيس الصومالي بحسب المصادر ذاتها حيال خطط كينيا لتدريب مليشيات صومالية منذ منتصف عام 2010، التي قيل حينها إنها ستكون نواة لقوات دولة جديدة على غرار بونتلاند ، وهو ما عارضه شريف بقوة.

وأمام هذه التطورات لا يمكن لأحد أن ينكر الدور الخفي الذي قد يلعبه الغرب وتحديدا الولايات المتحدة وفرنسا رغم نفيهما الشديد لذلك، فتقول مجلة "إيكونوميست" البريطانية إن الادعاء الأمريكى والفرنسى بأن التحرك الكينى كان مفاجئا لهما، أمر لا يصدق حيث أن البحرية الأمريكية قامت بقصف مواقع حركة الشباب عبر الحدود الصومالية، كما قصفت المقاتلات الفرنسية مواقع لميليشيا "الشباب" بالقرب من ميناء "كسمايو" الصومالى ، وهو ما يشير إلى الدعم الغربي لما تفعله كينيا أو اتخاذها كأداة لتحقيق أغراضها داخل الصومال.

 

وفي كل الأحوال اعتبرت المجلة أن تدخل كينيا في الصومال مغامرة غير محمودة العواقب، وتقول في هذا الصدد إنه إذا كانت تبرر غزوها للصومال بملاحقة عناصر ميليشيا الشباب الذين ينفذون عمليات "إرهابية" داخل الأراضى الكينية مما أضر بالسياحة والاقتصاد الكينى، فإن التورط العسكرى خارج الأراضى الكينية قد يكبد نيروبي العديد من الخسائر على كافة المستويات.

 

وتسعى كينيا الى محاصرة "الشباب" المتمركزة فى ميناء كيسمايو من جهتى الغرب والجنوب وذلك باستحواذها على مدينتى "افمادو" فى الغرب و"راس كمبونى" فى الجنوب، وربما الاستحواذ على كيسمايو بعد طرد الميليشيات منها وتعد كسمايو شريان الحياة بالنسبة لحركة الشباب، وهو ما حدا بالقيادي بالحركة مختار روبو لتحذير الكينيين بقوله "إذا أغلقتم ميناء كيسمايو فسنستولي على بنوككم وموانئكم إن شاء الله".
.

ولم يتضح ما إذا كانت القوات الكينية ستنسحب سريعا من الصومال بعد تحقيق هدفها الظاهري وهو القضاء على شباب المجاهدين أم أنها ستبقى هناك لفترة لأهداف ومآرب أخرى لها ولغيرها؟ ، وماذا سيكون رد فعل الصوماليين أنفسهم تجاه التواجد الكينى فى بلادهم خصوصا بعد سقوط العديد من القتلى المدنيين الأيام الماضية بينهم الكثير من الأطفال على يد القوات الكينية التي لها سجل حافل من انتهاكات حقوق الإنسان فى بلادها؟

 

ثم ماذا عن شباب المجاهدين أنفسهم هل سيستسلموا أم سيقوموا بإعادة ترتيب أوراقهم والتحالف مع مزيد من الحركات المسلحة لتنفيذ سلسلة من العمليات العسكرية المميتة داخل كينيا وأيضا أهدافها داخل الصومال؟ وهو ما سيجر الأخيرة إلى دوامة من حرب العصابات والقتال يكون فيها الشعب الصومالي الخاسر والضحية.