صحوة غربية وغيبوبة تغريبية؟!!
7 ذو الحجه 1432
منذر الأسعد

أليست مفارقة هائلة أن يزداد الإعلام العربي المتغرب غيبوبةً وهوى واستهتاراً بأبجديات المهنة، في حين يبدأ ملامح تبدل على استحياء وبتدرج نسبي بطيء في تعامل الإعلام الغربي مع القضايا المتعلقة بالمسلمين؟

 

ولكيلا يكون كلامنا نتيجة مَيلٍ عاطفي أو تحيز مسبق الصنع، فنقرأ معاً العناوين الآتية في عينة من الصحف العربية خلال تغطيتها لـ"زلزال" فوز حزب النهضة التونسي بنحو41% من مقاعد المجلس التأسيسي الذي سوف يتولى مهمة إعداد دستور محترم للبلاد، ليتم عرضه على استفتاء شعبي عام:

=جريدة السفير: سيتبين التونسيون أن الإسلام ليس هو الحل وأن الإسلاميين هم المشكلة!!
=رندة تقي الدين (في صحيفة الحياة): سوف تتكرر تجربة عشاق الحرية مع الخميني إذ انتهوا في السجون أو على المشانق.
= الصباح التونسية: التونسيون انتخبوا بعواطفهم لا بعقولهم والتونسي متناقض وغير متصالح مع نفسه.

 

ويضاف إلى ما سلف، التفسيرات السخيفة لفوز النهضة التي حصر الإعلام التغريبي نفسه في إطارها وكأنها حقيقة علمية قاطعة، وأبرزها: لأن ابن علي نكل بها -لأنها أكثر تنظيماً- لأن خصومها فشلوا في مخاطبة الرأي العام القلق على هويته..........

 

والمؤسف أن صحفاً غربية شهيرة كانت موضوعية في تعاملها مع فوز النهضة، ومنها: الجارديان والإندبندنت والفايننشيال تايمز (وهي جميعاً بريطانية) ونيويورك تايمز ولوس أنجلس تايمز(الأمريكيتان)... بل يمكن وصف هذه الصحف الغربية الرصينة بأنها "مؤيدة" إذا قورنت بسعار التغريبيين من الفوز عبر صناديق اقتراع شفافة بشهادة المراقبين الوطنيين والأجانب، بالرغم من أن غلاة التغريبيين من يتامى ابن علي في فترة الحملات الانتخابية شنوا حملة شعواء على النهضة لترهيب الجمهور التونسي!!

 

وفي السياق ذاته، جاءت تغطية الحدث في قناة العربية المهووسة بكراهية الإسلاميين، حتى باتت هذه الكراهية علامة فارقة للقناة، وكأنها تخصصت في تشويه صورتهم بطريقة أقرب إلى العقدة النفسية التي تستعصي على التحليل النفسي!!

 

ففي برنامج (نهاية الأسبوع) -كمثال فحسب- يوم الجمعة1/12/1432هـ الموافق 28/10/2011م، استضافت الحلقة ضيفاً من "الديموقراطيين" -وهي تسمية كاذبة لئلا يوصف فعلاً بأنه من غلاة اللادينيين- وسيدة مستقلة، وسارت الحلقة من أَلِفِها إلى يائها، في مسار التخويف من فزاعة النهضة وفي التشكيك في نياتها وادعاء أن خطابها التطميني تكتيك مؤقت!!

 

مع العلم بأن النهضة لا تدعو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، وترتضي منذ سنوات أي رئيس يختاره التونسيون حتى لو كان شيوعياً لا يؤمن بالله البتة!!فما المطلوب لدى القناة العجيبة الغريبة؟

 

كل ذلك تم في الحلقة بحسب نهج العربية النمطي في حالة الإسلاميين وحدهم من دون خلق الله تعالى، حتى لو كان هؤلاء الخلق صهاينة غزاة!!أي: في ظل تغييب شخص من حركة النهضة يحق له الدفاع عن نفسه وحزبه المفترى عليه.

 

ولم يكن كل ذلك التحيز المفضوح كافياً، إذ كان آخر سؤال في الحلقة استفزازاً رديئاً للسيدة وتحريضاً ممجوجاً لها، وهو: ما موقفكِ لو طرحت النهضة عليك أن تكوني مرشحتهم لرئاسة الحكومة شريطة ارتدائك الحجاب!! وكان رد السيدة صفعة للقناة المغرضة: لا نريد في تونس الجديدة الحكم على الناس بحسب ملابسهم!!!!!!!!!!!!!!

 

ذلكم هو إعلام التغريبيين في ديار المسلمين: محاكمة على النيات وتجاهل مريب لمأساة انعدام الحريات في عهد ابن علي وهو علماني متطرف وعدو شرس للإسلاميين بل وللإسلام نفسه!!