إساءات فرنسا.. من نابليون للجزائر .. إلى النبي الكريم
17 ذو الحجه 1432
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

عاد من جديد سيناريو الإساءة للرسول صلى الله عليه وسلم من جانب الصحف الغربية اليمينية المتطرفة ولكن هذه المرة من مجلة فرنسية تجرأت على الإساءة للنبي الكريم من خلال نشر رسوم مسيئة له على شاكلة تلك التي نشرتها الصحيفة الدنمركية قبل أعوام وأثارت غضب العالم الإسلامي .

 

ولا يعد هذا بالغريب على فرنسا ذات التاريخ الطويل في الإساءة للعرب والمسلمين بدءا من نابليون بونابرت غازي مصر والمدعي حبه للإسلام في القرن ال18 مرورا بقتل مئات الآلاف في الجزائر خلال الاستعمار الفرنسي وانتهاءا بالحملة اليمينية المتطرفة المتصاعدة ضد المسلمين داخلها في وقتنا هذا من حظر للحجاب والنقاب والتضييق على المسلمين وشعائرهم والسخرية من الرموز الإسلامية وآخرها النبي الكريم.. 

 

 فقبل نحو أسبوعين أقدمت مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية على السخرية من التطورات السياسية للثورتين في تونس وليبيا ، وقالت في عدد لها إنه تم "تعيين نبي الإسلام الرسول محمد صلى الله عليه وسلم رئيساً لتحرير عددها الذي سيحمل اسم "شريعة إيبدو" وذلك بمناسبة فوز حركة النهضة الإسلامية في تونس وإعلان المجلس الانتقالي في ليبيا الالتزام بأحكام الشريعة.

 

وعلى صفحتها الأولى وصفحات أخرى داخلية نشرت المجلة رسوما كاريكاتيرية مسيئة للرسول وعبارات تهكمية لا تليق بالنبي الكريم، وهو ما أثار غضب المسلمين في فرنسا وخارجها لكن القائمين على المجلة لم يعبأوا بهذه المشاعر، زاعمين أنهم يقوموا بعملهم وأن ما دعاهم لفعل ذلك هو ما جرى في تونس وليبيا من حيث "عودة ظهور الشريعة" بحد قولهم.

 

وبالنسبة للموقف الرسمي فقد اعتبرت الحكومة الفرنسية الرسوم تأتي في إطار حرية الرأي والتعبير في فرنسا، وهو التبرير المتكرر من جانب الغرب للإساءة لرموز الإسلام، وقد تسبب هذا الموقف في خروج مسيرات احتجاجية أمام السفارة الفرنسية في عدد من الدول وعلى رأسهم مصر، مهددة بمقاطعة المنتجات والبضائع الفرنسية .

 

وكانت شارلي ابدو مثلت أمام القضاء بسبب الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد التي نشرتها في فبراير 2006 نقلا عن الصحف الدنماركية التي كانت أول من نشرها ذلك الوقت لكن تم تبرئتها.

 

وأبدى مسلمو فرنسا قلقهم مما وصفوه بمناخ "معادي للإسلام" يسود أوروبا منذ بعض الوقت خاصة في فرنسا من حيث التضييق عليهم في الصلاة وبناء المساجد وحظر الحجاب والنقاب وعدم احترام مقدساتهم فضلا عن الاعتداءات العنصرية التي نالت حتى من مقابرهم، مؤكدين أن السخرية من معتقداتهم تعديا عليهم وظلما معنويا لهم.

 

وبالإضافة للسخرية الفرنسية من فوز حزب النهضة الإسلامي في تونس ، فإن المراقبين يشيرون إلى عدم تقديم الحكومة الفرنسية التهئنة حتى الآن لتونس بنتائج الانتخابات التي شهدتها أخيراً، مع أن الاتحاد الأوروبي كان من السباقين إلى الإشادة بالأجواء التي مر فيها أول اقتراع نزيه بعد أشهر من سقوط زين العابدين بن علي.

 

وطوال حكم الديكتاتور بن علي، كانت فرنسا دائمة الإشادة بحكمه وديمقراطيته ، كما أنها هي التي تطوعت لدعم نظامه في لحظات احتضاره الأخيرة، حيث عرضت وزيرة خارجيتها ميشال أليو ماري، قبل ثلاثة أيام من هروب بن علي، تقديم المساعدة وإرسال شرطة مكافحة الشغب الفرنسية لإخماد الثورة، وهي نفسها التي أجهضت، بتدخلها العسكري، أول تجربة دستورية ناجحة في شمال إفريقيا عام 1864، وقد كان ذلك في تونس أيضاً.

 

ولا زالت الجرائم البشعة التي ارتكبتها فرنسا خلال استعمارها للجزائر مدة 132 عاما (1830 - 1962) وصمة عار في جبين بلد " الحرية والمساواة والإخاء " والتي ترفض حتى الآن الاعتذار عن هذه الحقبة أو الاعتراف بجرائمها في بلد المليون شهيد.

 

وتستمر الإساءات ضد رموز الإسلام داخل فرنسا وآخرها التطاول على نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم ضمن حملة من جانب اليمين المتطرف لتحقيق مصالحه الخاصة فهل ينجح المسلمون في مواجهة هذه الحملة بسلاح المقاطعة أو الاحتجاجات؟ وهل ستقدم فرنسا اعتذارا لما بدر منها أم ستظل رافعة لشعار "حرية التعبير" الذي أصبح غطاءا لأي إساءة؟