4 جمادى الأول 1433

السؤال

أنا فتاة متحجبة، وأحفظ القران الكريم، تقدَّم لخطبتي شاب من أصل طيِّب، لكنَّه!! يشرب الخمر، ووعدني بترك ذلك بعد الزواج. هل أقبله؟. وأحاول مساعدته على ترك هذه المعصية؟.

أجاب عنها:
سعد العثمان

الجواب

الحمد لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه...
ألخِّصُ لك - أختي الفاضلة - جواب استشارتك في النِّقاط الآتية:
أولاً: أشكرك على ثقتك، بموقع المسلم، ومتابعتك له، ونسأل الله - عزَّ وجلَّ - أن يجعلنا أهلاً لهذه الثِّقة، وأن يجعلَ في كلامنا الأثر، وأن يتقبَّل منا أقوالنا وأعمالنا، وأن يجعلها كلَّها خالصة لوجهه الكريم، وألا يجعل فيها حظَّاً لمخلوق..آمين.
ثانياً: رأي جمهور العلماء: لا يجوز للوليِّ أن يزوج مولِّيته، من تارك صلاة، أو شارب خمر، ولا يحلُّ لها أن تقبل بذلك، لأنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)رواه التِّرمذي وحسنه الألباني. وتارك الصَّلاة، وشارب الخمر، غير مرضيين في الدِّين، لأنَّ من ترك الصَّلاة تركاً مطلقاً كفر، وخرج من الإسلام، ولو كان يصلِّي وهو يشرب الخمر لكان فاسقاً، فما بالك بمن جمع بين الكفر والفسوق، بل لا يجوز للمرأة المتزوجة بمن أصبح حاله هكذا، أن تبق معه، فمن باب أولى ألا يجوز لها ابتداء الزَّواج به.
ثالثاً: أرى من خلال ما ورد برسالتك، أنَّك أخذت بالأسباب الظَّاهرة، ولكنَّك لم تحاولي أن تتأكدي من الأمر كلِّه، لأنَّ شرب الخمر يدلُّ على أنَّ هناك معاصٍ أخرى، لا تكون ظاهرة للعيان، فغالباً ما يكون شارب الخمر لا يصلِّي، وقد يكون له معاصٍ خبيئة، لا يعلم بها إلا الله تعالى، وغالباً ما يكون دينه ضعيفاً ورقيقاً، فيستطيع أن يفعل أي ذنب أو معصية بسهولة، لأنَّ الخمر أمُّ الخبائث، فهي باب لكلِّ شرٍّ والعياذ بالله ربِّ العالمين.
رابعاً: أختي الفاضلة: عندما توافقين على الارتباط بشخص ما؛ تأكَّدي من قبولك له كما هو، وتأكَّدي أنَّه يتمتَّع بالحدِّ الأدنى من المميزات التي تتمسَّكين بها، وأنَّ عيوبه في الحدود المقبولة لك؛ لأنَّ التَّغيير أمر في علم الغيب، قد يحدث، وقد لا يحدث، فلا تبنِ زواجك على أمل حدوثه.
واعلمي أنَّ زوجك سيكون له عليك حقَّ الاحترام والطَّاعة، لذلك تأكَّدي أنَّك راضية تماماً عن دينه وخلقه، وأنَّك تحترمينه، وتقتنعين به، وإلا لو تزوجت به، وفي عقلك ازدراء لمستوى سلوكه وتديُّنه؛ فإنَّك ستعذِّبينه، وتعذِّبين نفسك أيضاً معه.
خامساً: الزَّواجُ قسمةٌ ونصيب، وثقي ثقةً تامَّةً بأنَّ الله كاتب لك زوجك، قبل أن تولدي، فما عليك إلا أن تثقي بربِّك، وتتوجَّهي إليه بالدُّعاء، أن يرزقك زوجاً صالحاً هيِّناً ليناً، وأوصيك كلَّما تقدَّم إليك خاطب، أن تصلِّي ركعتين، وتدعي الله بعدهما بدعاء الاستخارة، وما يشرح الله صدرك له فأقدمي عليه، ففيه الخير والبركة، فخيرة الله لعبده خير من خيرته لنفسه، وأكثري من الدُّعاء الآتي:
اللهمَّ إنِّي أسالك باسمك الأعظم، الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا سئلت به أعطيت، أن ترزقني زوجاً صالحاً هيِّناً ليِّناً عاجلاً غير آجلٍ، ويسِّر زواجي منه، ثمَّ بارك لي فيه، واجعل بيننا المودَّة، والرَّحمة، والسَّكينة، وارزقني منه الذُّريَّة الصَّالحة، إنَّك على كلِّ شي قدير.
وفقك الله لما يحبه ويرضاه، ولا تنسيني من دعوة بظهر الغيب،،،،