"النهضة" تتمسك برئاسة الوزراء وحقائب الخارجية والتربية والتعليم العالي
17 محرم 1433
عبد الباقي خليفة

تسابق الأحزاب الفائزة في انتخابات المجلس التأسيسي ( التي جرت في 23 أكتوبر الماضي، وهي حزب حركة النهضة ، والمؤتمر من أجل الجمهورية، والتكتل من أجل العمل والحريات) الزمن ، من أجل تشكيل الحكومة الجديدة التي ستعد الدستور، وستدير البلاد إلى حين الاتفاق على اجراء الانتخابات البرلمانية القادمة.
وقد تم اشراك المؤسسات المهمة في البلاد كالاتحاد العام التونسي للشغل، وجمعية المحامين، وجمعية القضاة. كما أعلن عن وجود نية لاشراك أكبرعدد ممكن من الأحزاب السياسية، بما أن المرحلة هي مرحلة ملحمة وطنية وليست تقسيما للغنائم .

 

 

تفاؤل كبير: ورغم حديث بعض الأطراف عن وجود صعوبات تكتنف المحادثات الجارية بين الأطراف الثلاثة المذكورة،وداخل المجلس التأسيسي إلا أن مصادر" المسلم" تؤكد على أنه سيتم التوصل إلى اتفاق في القريب العاجل. وهو ما أشار إليه القيادي في حزب حركة النهضة،الصحبي عتيق، والذي أكد على خطوات كبيرة تم قطعها والاتفاق عليها، بعد حسم الخلاف حول بقاء بعض رموز الحكومة الحالية، كرئيس الوزراء، الباجي قائد السبسي، أو وزير الداخلية الحالي وغيرهما، والأمور تسير نحو تنظيف الطاولة تماما.وقد ضمن حزب حركة النهضة، منصب رئيس الوزراء، وعدد من الحقائب الأخرى،مثل الخارجية والتربية والتعليم العالي. بيد أن الخلاف لا يزال يدور حول مسودة القوانين التي ستحكم الفترة الانتقالية إلى حين إعداد الدستور الدائم للبلاد ومن ثم إجراء الانتخابات العامة. ويؤيد الإئتلاف المكون من حزب حركة النهضة و،المؤتمرمن أجل الجمهورية، والتكتل من أجل العمل والحريات، إدخال عناصر تكنوقراط، من خارج كبرى الأحزاب الممثلة في المجلس التأسيسي، بيد أن عددا من أحزاب الأقلية في المجلس التأسيسي لا ترغب في الانضمام للحكومة وفي نفس الوقت تتهم الأطراف الثلاثة باقتسام كعكة السلطة!

 

 

وعلى صعيد الإئتلاف الحاكم يرغب المؤتمر في عدد من الحقائب الوزارية، إلى جانب رئاسة الجمهورية، ومنها الداخلية والعدل. ويطالب التكتل من أجل العمل والحريات هو الآخر، بمنصب رئيس الدولة، وثلاث أوأربع حقائب وزارية.
ولا يقف الخلاف حول منصب الرئيس أو حتى وزير الداخلية فحسب، بل يتعداه إلى الدفاع والعمل والتجارة والسياحة والمالية والنقل . ونجد أن النهضة لا ترى مانعا من تقاسم المسؤوليات دون إغفال لحجم أجرام كل طرف داخل المجلس التأسيسي، واعتماد سياسة التدرج في الاصلاح والتغيير، بينما ترى المعارضة أن وضع جميع السلطات في يد رئيس الوزراء( حمادي الجبالي من حزب حركة النهضة ) سيجعله أكثر قدرة على إدارة الحكومة وبالتالي تعطيل كثير من البرامج التي أعدتها لعرقلة المسار التنموي لإفشال حركة النهضة بعد أن وصلت للحكم.

 

 

هذا المستوى من النقاش الذي تواصل منذ اعلان نتائج انتخابات المجلس التأسيسي التي حصد فيها حزب حركة النهضة، أكثر من عدد مقاعد الأحزاب الثلاثة التي تليه مجتمعة 89 مقعدا مقابل 28 مقعدا للمؤتمر من أجل الجمهورية، و26 مقعدا للعريضة الشعبية، و20 مقعدا للتكتل من أجل العمل والحريات. تمخض عنه ( مستوى النقاش ) اتفاق لم يتبلور بعد على تقسيم المناصب في الحكومة الجديدة.

 

 

 ورغم التسريبات السابقة فإنه ليس واضحا سوى أن  رئاسة الجمهورية ستكون للمنصف المرزوقي. ورئاسة الوزراء ستكون لحمادي الجبالي( النهضة ) أما رئاسة المجلس التأسيسي فقد أسندت إلى مصطفى بن جعفر.لا سيما وأن تسريبات سابقة قد أفادت بأن  منصب الناطق باسم رئاسة الجمهورية أسند لنورالدين البحيري( النهضة ) ووزارة الخارجية لسمير ديلو ( النهضة ) ووزارة الثقافة  للعجمي الوريمي ( النهضة ) ووزارة التربية ، لعالم الفيزيا الشهير الدكتور منصف بن سالم ( النهضة ) ووزارة التعليم العالي للفيلسوف الشهيرأبو يعرب المرزوقي ( النهضة ) ووزارة المرأة لسعاد عبد الرحيم ( النهضة ) ووزارة الداخلية  للحبيب الصيد ( الوزير الحالي ) أو محمد عبو ( المؤتمر من أجل الجمهورية ) ووزارة العدل لسمير بن عمر ( المؤتمر ) ووزارة الفلاحة لعبد اللطيف المكي ( النهضة ) ووزارة الصحة لزياد الدولاتلي( النهضة ) ووزارة الشباب لعبد الكريم الهاروني ( النهضة ) . بيد أن شخصيات قيادية في حركة النهضة والمؤتمرأشارت إلى أن هذه التقسيمات غير دقيقة حتى على مستوى الوزارات ومن سيتولى حقائبها من بين المذكورة أسماءهم. ويطالب المؤتمر من أجل الجمهورية بخمس حقائب وزارية، بينما يطالب التكتل من جانبه بثلاث حقائب وزارية .

 

 

إشكال في التفاصيل: ورغم أن النهضة ستفوز بأغلب حقائب الحكومة القادمة في تونس بما في ذلك رئاسة الوزراء والخارجية والتربية والتعليم العالي ( منتظر ) إلا أن الإشكال الحاصل هو تحديد صلاحيات الرئيس ورئيس الوزراء، حيث لم يصادق على بنود القانون الأساسي فضلا عن الدستور الدائم .

 

 

ورغم أن جميع الأطراف لا ترغب في الإبقاء على النظام الرئاسي بصيغته التي كان عليها قبل ثورة 14 يناير، وهي رئيس بصلاحية ملك، إلا أن وجود شخص في منصب الرئيس سيجعله ( وهو حاصل ) يبحث عن صلاحيات أكثر مما يعطيها له النظام البرلماني، الذي يجعل منصب رئيس الجمهورية شرفيا ( شكليا ) . وهذا ما يدفع أعضاء الحكومة الجديدة لوضع نظام مؤقت للدولة إلى حين الانتهاء من وضع الدستور الذي سيحدد السلطات في الدولة التونسية، ولا سيما صلاحيات رئيس الدولة ورئيس الوزراء. وما إذا كان الرئيس سيتم انتخابه من قبل الأغلبية البرلمانية، أو بشكل مباشر من قبل الشعب، وهذا ما سيحدده الدستور الجديد للبلاد في الأسابيع وربما الأشهرالقادمة.

 

 

ولا تقف اشكالات التفاصيل في الشأن السياسي، وتحديدا تشكيل الحكومة الجديدة، وإعداد الدستور" الدائم " للبلاد فحسب، بل هناك تصورات ذهنية تعبر عن أفكار مسبقة حول توجهات الإسلاميين، ومن ذلك موقف الإسلاميين ( وهنا حزب حركة النهضة تحديدا ) من المعاهدات الدولية والسياحة، والبورصة، ومن الحريات الفردية والعامة، ومن عمل المرأة، وغيرها من القضايا التي أشبعت شرحا وتفسيرا وتوضيحا من قبل الحركة الإسلامية في تونس. وفي هذا الصدد أكد رئيس الوزراء التونسي ( القادم ) حمادي الجبالي على أن " حزب حركة النهضة سيقوم بتطوير السياحة في تونس وتفعيل هذا القطاع في عملية التنمية والرقي الإجتماعي والإقتصادي" كما أكد على احترام المواثيق الدولية التي تصب في صالح الشعب التونسي والأمة الإسلامية .

 

 

وأشارمسؤول الدراسات والتخطيط في حزب حركة النهضة، رضا سعيد إلى أن القطاع السياحي في تونس يمثل 6 في المائة من الناتج الإجمالي التونسي و20 في المائة من الصادرات الوطنية التونسية ويغطي 60 في المائة من عجز الميزان التجاري، وبالتالي فإنه حيوي لتونس وإن كان يحتاج لترشيد.  ودعا سعيد إلى توسيع سوق السياحة ليشمل اليابان والقارة الأمريكية والصين والبلاد الاسلامية بما فيها العربية ومراجعة نظام التأشيرات وتسهيل قدوم السياح إلى تونس. وأكد قادة " النهضة " على أنه لن يتم اتخاذ أي قرار إلا بمشاركة ومشاورة أهالي كل قطاع .

 

 

حزم في المواقف : وبخصوص العلاقات الدولية قال وزير الخارجية ( القادم ) سمير ديلو" سنعمل على أن نتحاور مع شركائنا الدوليين عبر القنوات السياسية خدمة لمصلحة شعبنا ولانجاح المسار السياسي الانتقالي الاصلاحي تقديرا لشعبنا الذي شارك في العرس الانتخابي بنسب فاقت التقديرات رغم كل الدعايات التي حاولت أن تصرفه عنها وأن تخيفه منها". وحول ما يزعم من أن النهضة ستقوم بتقييد الحريات الفردية والعامة تحت مبررات دينية  شدد على أن ذلك استمرار" لعقود من الدعاية التي استخدمت فيها حكومات ديكتاتورية ورقة الاسلاميين كفزاعة لصرف أنظار الشعوب والحقوقيين والنقابات والاحزاب عن النضال ضد الديكتاتورية والفساد والرشوة " وأوضح بأن الديكتاتوريين يريدون اشغال الناس بعدو افتراضي هو التيارات الاسلامية ومن بينها حركة النهضة. وكشف عن أن برنامج الحركة اشترك فيه نحو 200 خبير وعالم تونسي .

 

 

ورغم انفتاح حزب حركة النهضة، إلى حد رأى فيه البعض أن الحزب قدم تنازلات ، إلا أن عبارة " رئيس الوزراء" حمادي الجبالي تضل من الاستراتيجيات الثابتة لحزب حركة النهضة وهي " لن نحلل حراما ولن نحرم حلالا ) ويبدو أن ذلك سيكون من ثوابت الدستور القادم لتونس وهذا ما يأمله الجميع . فقد رفضت النائبة عن حزب حركة النهضة في المجلس التأسيسي سعاد عبدالرحيم، ( وزيرة شؤون المرأة القادمة ) سن قانون يحمي " الأمهات العازبات " أي أمهات خارج إطار القانون . وقالت بحزم " الحرية لا تعني اللااخلاقية " واستغربت في حوار مع إذاعة مونتي كارلو عن استغرابها لطرح مثل هذه القضايا في مجتمع تونسي عربي مسلم . وأن طرح هذه المواضيع " يسئ لسمعة وشرف الفتاة التونسية"  وشددت على رفض منح الزانيات أو ما يطلق عليهن البعض في تونس" الأمهات العازبات" قانونا يحميهن ، أي منحهن راتبا شهريا يقدر ب 500 دينار،لا يتم توفيره في الوقت الحالي للمعاقين والمعطلين من أصحاب الشهائد العليا وغيرهم والامهات الارامل اللواتي يعانين شضف العيش، فضلا عن الأسر الفقيرة التي تعاني من تكاليف المعيشة فضلا عن تكاليف دراسة أبنائها، وهو ما سيكون الشغل الشاغل لحكومة تتزعمها النهضة .