د.فؤاد العبدالكريم: طرح ملتقى المرأة معتدل وحقق أكثر من أهدافه.. سنرفع توصياته لأصحاب القرار

عقب اختتام فعاليات ملتقى المرأة السعودية ما لها وما عليها, الذي نظمه مركز باحثات لدراسات المرأة, وذلك بقاعة الملك فيصل للمؤتمرات بالرياض, التقى "المسلم" بالدكتور فؤاد بن عبد الكريم العبد الكريم , المشرف العام على مركز باحثات, ودار الحوار التالي حول انطباعه عن الملتقى على ضوء المشاركات والمداخلات وإلى أي مدى يمكن للملتقى أن يحقق من أهداف وتوصيات.

 

ما هو تقييمكم للملتقى بشكل عام وإلى أي مدى كان تجاوب المدعوين وخاصة من النساء؟

الحقيقة أننا وضعنا أهدافاً للملتقى وأعتقد ولله الحمد والمنة تم تحقيق هذه الأهداف, بل إني قرأت في بعض المواقع الإعلامية الذي تحقق هو أكثر من الأهداف التي ذُكرت فقد جرى فيه طرح معتدل فيما يتعلق بحقوق المرأة وقضاياها، وعلق البعض في وسائل الإعلام أن لدينا نخباً نسائية كثيرة من حيث العدد, ومتميزة في طرحها الفكري وقد أعطانا ذلك ثقة وأماناً أن المستقبل إن شاء الله سوف يكون مستقبلاً مشرقاً.

 

بالنسبة للتجاوب فقد كان كبيراً جداً سواء في محيط المشاركات بالأوراق أو من حيث التعليقات, أو من حيث المداخلات, والذي تابع الملتقى يعرف حجم المداخلات الكبير من النساء واللاتي لم تتح لهن فرصة كافية لإبداء مداخلاتهن, ومن المعروف في العادة أن 5% إلى 10% من الحضور هم الذين يشاركون أو يداخلون وهذه هي النسب المعتادة غالبا, أما بالنسبة للطلبات المداخلات في الملتقى فقد كانت كبيرة, يكفي أنه في إحدى الجلسات كانت هناك مائة مداخلة مسجلة لدى السيدات المشاركات, كل واحدة من هؤلاء تطلب أن تداخل وهذا يعكس التفاعل الكبير جداً حتى إن في الجلستين الأخيرتين كانت نسبة المشاركة في النساء المداخلات حوالي 90%.

أما من حيث الأعداد فهناك حقيقة إقبال كبير جداً أيضاً, فالتسجيل في الملتقى على الموقع أغلق قبل أربعة أيام بعد أن وصل إلى أكثر من سبعمائة مسجل أو طالب للمشاركة أو الحضور إلى الملتقى. وقد امتلأت قاعات النساء بالحضور في اليوم الأول بما يقارب من ألف وخمسمائة امرأة يعني أكثر بكثير من الذين سجلوا, ووردتنا الكثير من رسائل ومطالبات بفتح الباب لقبول عدد كبير من النساء لكن طبعاً ما كنا نستطيع ذلك لضيق المكان.

 

على ضوء أوراق العمل والمشاركات والمداخلات هل تعتقدون أن الملتقى نجح في تناول موضوع ما للمرأة وما عليها بشكل كاف ؟

كما ذكرت سابقاً أن الملتقى لن يستطيع أن يغطي كل قضايا المرأة وبيان كل حقوقها في الشريعة والأنظمة وأيضاً ما عليها, لكن هذا الملتقى إن شاء الله هو الملتقى الأول ولعل الله ييسر ملتقيات أخرى تغطي بقية الجوانب, وسوف يكون التركيز على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية وأيضاً قضية وعي المرأة بحقوقها, ولذلك لو تلاحظ التوصيات ستجد أنها تناولت تقريباً هذه الموضوعات بشكل جيد.

أما المشاركون فقد غطوا فعلاً هذه القضايا وكذلك المداخلين والتعليقات كلها كانت فعلاً تدور حول هذه القضايا. أما القضايا الأخرى مثل حقوق المرأة التعليمية والصحية وحقوقها الأخرى مثل المدنية كلها ستغطى إن شاء الله بشكل أوسع في ملتقيات أخرى.

 

هل تعتقدون أن الملتقى حقق نصراً على دعاة تحرير المرأة أو سد الطريق أمامهم.

 

الذي يحكم في ذلك لا بد أن يكون طرفاً ثالثاً يكون قد نظر إلى الملتقى ونظر إلى أنشطته وإلى أوراقه وتوصياته, وبالتالي هو الذي يقرر هذه النتيجة ونحن لم ندخل هذا الملتقى لخوض معركة, نحن مركز دراسات ومركز أبحاث وبالتالي نرى بعين البصير ما هي مشكلات المرأة ونحاول قدر المستطاع أن نوجد لها حلولاً علمية وعملية.

 

إلى أي مدى تتوقعون النجاح في تطبيق توصيات الملتقى؟

نحن جهة بحثية ولسنا جهة تشريعية ولا أصحاب قرار, وبالتالي من أهداف المركز أصلاً هو دعم أصحاب القرار من خلال تقديم الدراسات والأبحاث وغيرها, فنحن نطمع إن شاء الله بعد إضافة النواقص إلى التوصيات- لأننا ذكرنا في آخر التوصيات أنه ما زالت هناك أفكار ومداخلات جيدة وأيضاً توصيات مقترحة- نريد أن نراجعها مرة أخرى ونضمنها إن شاء الله ثم نعيد صياغتها ونرسلها إلى أصحاب القرار, فبالتالي أعتقد أن دورنا يقف عند هذا الحد, وإن كان في بعض التوصيات التي يستطيع المركز أن يشارك في تنفيذها سيعمل على ذلك إن شاء الله, أما ما يتعلق بأصحاب القرار فنوصل هذه التوصيات لأصحاب القرار.

 

يرى بعض المشاركين والحضور أن طرح المشاركات من النساء اتسم أحياناً بالعاطفية, هل توافقون هذا الرأي وهل لذلك تأثير سلبي على توصيات اللقاء؟

 

كونها عاطفية فهذا طبيعي, المرأة بطبيعتها عاطفية فلا يمكن أن نخرج المرأة عن عاطفيتها, لكن الإشكالية عندما تكون قضية فردية وتؤثر على التوصيات بسبب طريقة طرحها هنا تكون المشكلة لكن أعتقد أن أكثر ما طرح سواء بطريقة عاطفية أو طريقة علمية أو فكرية, قد لامس فعلاً حاجة كثير من النساء, فهذا هو الذي ركزنا عليه, لذلك تلاحظ  أن التوصيات غطت القضايا التي تقريباً تمس آلاف بل مئات الآلاف من النساء.

 

ألا ترون أن التركيز على قضية حقوق المرأة قد يدفعها إلى التعسف في طلبها مما قد يعود عليها بالضرر؟

 

العلاقة بين المرأة والرجل هي علاقة مودة ورحمة و المرأة سكن للرجل فنحن لسنا في صراع, كما للأسف تصورها الحركات النسوية الغربية المتطرفة التي تعرف بالحركات الأنثوية, لكن البعض للأسف كبعض وسائل الإعلام وبعض المتأثرين بهذه الأطروحة يحاولون أن يجعلوا قضية الحقوق هي قضية صراع وأن المرأة حتى تأخذ حقها الشرعي أو النظامي, لا بد أن تكون في معركة مع الرجل, وهذا ما لا نريده إطلاقاً بل على العكس, من أهداف الملتقى تأكيد العلاقة التكاملية بين المرأة والرجل, لكن بما أنه تقع حالات ظلم من الرجل على المرأة ليس من العيب أن نبين للمرأة أن هذا حقاً لها وهذا واجب عليها وإذا أرادت أن تأخذ هذا الحق أيضاً فعليها أن تأخذه بطريقة لا يكون فيها استفزاز للرجل وصراع وعلاقة عداء بينها وبينه ولكن نبين هذه الحقوق بحيث تعرف ماذا تطالب به إذا هي احتاجت له, وأيضاً حتى لا تطالب بحق ليس لها أصلاً فهذا هو من جهتين.

 

يمكن لهذه المؤتمرات توعية الفئة المثقفة من النساء ولكن كيف يمكن إيصال هذه المفاهيم للفئة الأقل تثقيفاً وخاصة أنها الفئة الأكثر تضرراً ؟

 

من الطبيعي أن التي تشارك لا بد أن يكون لديها شيء من الوعي والفكر حتى يكون الطرح عام و إيجابي, وليس كما ذكرت قبل قليل عندما يكون عاطفي أو جزئي, كأن تتكلم المرأة عن مشكلة خاصة بها, لكن المهم الوصول إلى النخب أو الفئة الأقل وكذلك إلى عوام النساء إذا صحت العبارة, و نحن فعلاً مستحضرون هذا الكلام, ولذلك أعددنا حقيبة حقوقية فيها أربعة كتيبات, كتيب عن وثيقة حقوق وواجبات المرأة, وأيضاً حقيبة عن حق المرأة في التقاضي, وكذلك حقيبة أو كتيب عن الإجراءات القضائية في المشكلات الزوجية, وهذا مهم جداً وأكثر المشكلات التي تواجه المرأة في المحاكم هي مسائل الطلاق والخلع والنفقة والحضانة, وكل ما يتعلق بهذه القضايا وهناك أيضاً كتيب عن الإجراءات القضائية و المشكلات المالية و إن شاء الله سنسعى إلى إيصال هذه الحقائب إلى أكبر عدد ممكن من التجمعات النسائية.

                       

لكي يكتمل الأثر المساعد لهذه الجهود أعني تعريف المرأة بحقوقها لا بد من أطراف أخرى ( مثل الرجل, والنظام )  ماذا يمكن أن لهذه الأطراف أن تقدم حسب رأيكم ؟

 

نعم فعلاً, لا بد من أطراف أخرى, فلو قلنا الطرف هو المرأة فقط, فنحن نرجع مرة أخرى إلى الفكر الغربي وهو أن تتولى المرأة الصراع بمفردها لكي تأخذ حقها إن أرادت أن تطالب به, لكن بالنسبة لنا الرجل والمرأة لدينا ليس بينهما فرق كما هو في الإسلام, لذلك كانت الدعوة لحضور الرجال لهذا الملتقى لهذا الشأن, بل كانت الفكرة الحقيقة أن يكون الملتقى نسائياً بحتاً لكن النساء هن من أشار إلى ضرورة وجود الرجال الذين هم أصحاب القرار و هم الأولياء, وبالتالي لا بد أن يعرفوا ما هي الحقوق التي للمرأة حتى يعطوها هذه الحقوق, وبالمقابل الحقوق التي ليست لها, وبالتالي عندما تطلب المرأة بشيء ليس لها يبين لها هذا الأمر, فهنا الشراكة مطلوبة والوعي مطلوب للطرفين, يبقى الطرف الذي أشرت إليه أو ممكن أن نشير إليه أنه الطرف الثالث هو صاحب القرار, لأن المسألة في النهاية مرتبطة بالأنظمة, وهذا ما أشرنا إليه مراراً, فالأنظمة تقريباً موجودة وتضمن كثيراً من حقوق المرأة لكن النقطة التي تحتاج إلى تأكيد هي آليات تطبيق هذه الأنظمة فهنا نحتاج إلى الطرف الثالث الذين هم أصحاب القرار على اختلاف إمكاناتهم ومجالاتهم, سواء على مستوى قيادة البلد أو على مستوى مجلس الشورى أو على مستوى الوزارات التنفيذية كوزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة المالية ووزارة الاقتصاد ووزارة التجارة ووزارة التربية والتعليم  إلى أخره  من الوزارات التي يكون لها علاقة مع قضية المرأة.

 

ما هي فكرة المؤتمر القادم لمركز باحثات؟

لقد قمنا بالتركيز في هذا الملتقى على القضايا الاجتماعية والاقتصادية ولعل الله إن كتب ملتقى آخر في هذا الباب الذي هو باب الحقوق التي للمرأة السعودية والواجبات التي عليها؛ سنتحدث عن الجوانب التعليمية والجوانب الصحية وغيرها من شتى المجالات حتى يكون لها تفصيل أكثر وإن شاء الله يكون فيها خير.

 

شكراً لكم على إتاحة هذه الفرصة ونسأل الله تعالى لكم التوفيق والسداد.