همسات شخصية في أذن المرأة السعودية
29 محرم 1433
أميمة الجابر

تحظى المرأة في المجتمع السعودي بمكانة متميزة , منحتها إياها النظم الإسلامية والشريعة الإلهية التي هيأت وجودها في ذلك البلد الذي يحوي الحرمين بين جنباته  , فأتاح لها من الستر والحفظ مالم يتح لغيرها من نساء العالم , فكانت بمثابة نموذج حسن لمن حولها مما جعل على عاتقها من المسئولية الإيمانية الشىء الكثير كونها صارت قدوة لغيرها من نساء البلاد الإسلامية .. لكنها في الحقيقة تضع قدمها على كثير من الأشواك دون أن تلحظ  أو تدرك أو ترقب طريقها كما ينبغي ..

 

لقد غزا الفكر الغربي جنبات المجتمع العربي بأسره , فعم تأثيره السلبي , وأدرك نساء مجتمعنا منه ماأدرك , فأصبحت بعض النساء ممن لا نصيب لهن من الحكمة تعجب بذلك الفكر أو ربما تقلده  أو تتأثر به ما جعلها تقع في أخطاء سلوكية شخصية في بعض الأحيان وفكرية في بعضها الآخر , واحاول ههنا تقديم نبذة من همسات نصح شخصية لتلك المرأة التي تحمل مسئولية وجودها قريبة من مهبط الوحي ومنبت النور للعالم ...لست أنتقدها لكنني أحببت أن أنتزع من طريقها تلك السقطات لنأخذ بيدها فتسير على دربها الكثيرات .

 

فالكثيرات من نسائنا يحافظن على سترهن وحجابهن في الظاهر والباطن ويبدو ذلك عليهن خيرا وبركة وتربية وسلوكا , لكن البعض ربما ترتدينه تقليدا عن أمهاتهن أو اتباعا لعرف جار , دون حب حقيقي لتلك الثياب الساترة أو الحجاب المسدل , أو دون تجديد النية للاقتداء بأمهات المؤمنين والصالحات القانتات من المسلمات , أو دون التفكر في قيمة ما ترتديه كسمت إسلامي عفيف ورمز شرعي كريم  ,

فأجد بعضهن عند خروجها تعمد إلى التزين جاهدة في ذلك , فلربما تزيين العين , حيث تظهر العين ظهورا بارزا عند بعضهن بشكل لافت ربما يزيد عما إذا أسفرت عن وجهها بالكلية , وقد تظهر نصف وجهها بعدما تضع الزينة عليه , أو ربما تظهر الحلي والزينة أو مثاله وقد قال تعالى :" ولايبدين زينتهن إلا ما ظهر منها .." أو تضع العطور الفجة النفاذة دالة على نفسها أينما ذهبت ومرتكبة إثما واضحا قد نهى عنه نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه النسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما : أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية وكل عين زانية "

 

إن شريعتك الغراء ايتها المرأة الكريمة لم تمنعك فعل كل ما تريدين من زينة مباحة داخل بيتك بل إنك تثابين على ذلك في بيتك ومملكتك الخاصة , لكنه حفظك وسترك وأكرمك بهالة كرامة ومنحة فوقية علوية , فجعل حجابك ساترك عن الفتن وجعل سترك مطهرا لمجتمعك , حافظا لقيم دينك ومبادىء شرعتك , فحافظي عليه وافتخري به واحمدي الله عليه .

 

وبعض النساء كثيرات الخروج للأسواق , في جو من الزحام البالغ , والاختلاط الشاق .., وخروجها للأسواق بضوابطه الشرعية أمر لا غبار عليه , لكن الإكثار منه وكثرة مخالطة أهل الأسواق مما لاتدعو إليه حاجة , حيث يجتمع الحابل بالنابل وحيث تقبع القلوب المريضة والأعين الخائنة والأنفس الضعيفة , التي لاترعى حرمة ولا يضبطها ضابط إيمان فتجترىء على الحرمات , لذلك أقول لها إن بيتها أمانها وسترها وقرارها , وخروجها لابأس به إن كان في حاجة تريدها فتقضيها وتعود ملتزمة سترها ملتزمة بسلوكها الإسلامي لا أن تجعل نفسها خّراجة ولاّجة , سيّاحة في الأسواق .

 

والبعض – وإن كان قليلا - تخرج لا مع أحد سوى السائق الخاص أو العامل , وتتهاون بعض النساء في ذلك لا أقول عن سوء قصد بل عن غفلة , فتحدث المخالفات الشرعية , وربما يحدث ما لايحمد عقباه , وينبغي أن تعلم المرأة أنه لايجوز الخروج مع هذا الأجنبي أيا كان دون محرم , ورب لين في قول غير مقصود من امرأة يقع في قلب عيّي فيطمع الذي في قلبه مرض

 

كذلك فقد اعتادت كثير من النساء السعوديات حياة منعمة مرفهة , فالكثير منهن يحببن التجديد , ويعشقن التقليد لكل ما رأينه عند صديقاتهن ومعارفهن , فيكثرن الإنفاق والإسراف , ويتعلقن بالزخارف والمرفهات  ,  ويعتدن نعومة العيش ورفاهية الحياة , ما يؤدي لإرهاق الأزواج ماديا ومعنويا , كما يؤدي لاعتياد الترفه وضعف تحمل المشاق وسهولة الانكسار أمام العقبات , وقد نصح النبي صلى الله عليه وسلم أمته فقال :" اخشوشنوا فإن النعمة لاتدوم " , كما نصح فقال :" البذاذة من الإيمان " , ولست هنا أرفض الحياة الرغدة للمرأة المؤمنة لكنني أرفض البذخ الزائد والرفاهية المقلدة , والارتباط بزخرف الحياة , حيث لايعد ذلك من شيم المرأة الصالحة التي تربط قلبها بالله وتنتظر نعيم الآخرة .

 

وتسقط المرأة أيضا في بئر الحكاوي والقيل والقال حيث تكثر الزيارات وتنفق الأوقات وتهوى في أخطار الغيبة والنميمة وذكر أحوال الناس وسيرتهم ومشكلاتهم وصفاتهم , والأولى لها أن ترتب أوقاتها فتستفيد منها , وتنظم وردها اليومي من قراءة وذكر وعمل خير , ورعاية زوج , وحفظ أسرة , والقيام بحق الرب سبحانه وحق الدين .

 

وبرغم وجود سبل الراحة في غالب البيوت ما قد يفيض لها وقتا كبيرا من الفراغ , إلا أننا نجد من تقصير المرأة تجاه دورها الرئيس مالايمكن إغفاله في متابعة أبنائها وتربية أولادها ورعايتهم , وقد تملك منهن الكثيرات المال فتدر بأموالها على أبنائها , ما قد يوقع الأبناء في مهالك لاتحمد عقباها من وجود المال بلا ضابط بين يديه , كما نجدها تهمل في تنمية عقول أبنائها على الثقافة الإسلامية والمبادىء القيمية التي تجعلهم ينشأون محافظين على هويتهم وقيمهم مبادئهم .

 

وكثير من النساء يسقطن سقطة أخرى , لكنها هذه المرة في حب المظاهر والتباهي أمام الآخرين بما تملك أو بما تتنعم به , وتلك النظرة هي نظرة سلبية للغاية وشعور ينتقص من قدر المرأة ولايزيد , بل إن له آثارا سلبية مختلفة , فحب المظاهر أدى إلى تصعيب شأن الزواج ابتداء , فالمرأة تصعب شأن زواجها ثم لمّا تنشىء أسرة تصعب زواج ابنتها , فكان سببا من أسباب العنوسة في كثير من البيوت , وأنشأ حب التباهي ألوان الحسد والحقد على الآخرين , كما أنشأ نوعا من الكبر والعجب داخل نفس المرأة يدفعها إلى التكلف في الأقوال والأفعال , فيفسد طبيعتها ويمنعها من العطاء , والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتواضع والنظر في الدنيا إلى من هو أسفل منا , كما أمر بتبسيط شأن المهور وشأن تكاليف الزواج , وأمر بالقناعة بما في اليد وعدم النظر لما في يد الآخرين , وتحتاج المرأة كي تقوم ذلك إلى يقين بربها وإيمان باليوم الآخر وثقة في أن الآخرة خير وابقى .

 

والبعض منهن يهمل شأن الزوج , وتهمل زينتها , وتنسى أنوثتها , كما تنسى في بعض الأحيان أن زوجها يريد منها القول الحسن والأسلوب الرقيق في الحديث والمعاملة , فهي تتحدث مع زوجها كأنها تتحدث مع أولادها , بالقول الحاد والغلظة في الحديث , وربما تهمل متطلباته وشأنه الخاص , فيبدأ الزوج بالبعد هو الآخر والتأفف ..وتبدأ قصة خطر جديد حيث نرى نسبا عالية من الطلاق والانفصال في مجتمع إسلامي مثل هذا المجتمع !!

 

ولئن خص قلمي همسات للمرأة السعودية فحديثي دوما للنساء عامة , فلتنظر كل امرأة في نفسها وتحاسبها , وتنتقى لنفسها أجمل الخصال وتنتزع ما تجده في نفسها يبعدها عن مرضات ربها , فالقرب من الله سبحانه يتبعه التقلل من دار الدنيا , فهي مهما طال طريقها فلابد أن ينقطع الطريق إلى نقطة النهاية ..و " كل نفس بما كسبت رهينة "