أنت هنا

11 صفر 1433
المسلم- وكالات

سمحت بلدية منطقة ستراسبورغ في شرق فرنسا بإنشاء مقبرة إسلامية تحت إشرافها، حيث تقام فيها كل مراسم الدفن الإسلامية، في سباقة هي الأولى في فرنسا التي تمنع إقامة المقابر الدينية، وتسمح فقط للمسلمين بجناح لا يكفي لدفن موتاهم.

وتتمتع منطقة ألزاس موزيل بقانون محلي خاص في مجال العلاقات بين الدين والدولة، بحكم علاقاتها المعقدة بين الفاتيكان والدولة، حيث تسمح بتدخل مباشر من السلطات في الشؤون الدينية.

وتشتكي الأقلية المسلمة التي تقدر بما لا يقل عن أربعة ملايين نسمة في فرنسا، منذ زمن طويل من ضيق الأمكنة في الأجنحة المخصصة للمسلمين في المقابر الفرنسية.

وأوضحت آن-بيرنيل ريشاردوه مساعدة رئيس بلدية ستراسبورغ الاشتراكي إن "القانون المحلي في ألزاس موزيل يسمح لنا ببناء مقبرة دينية تديرها البلدية"، مستذكرة أن في بقية أنحاء البلاد لا يسمح إلا بجناج للمسلمين في المقابر.

وطيلة فترة طويلة كانت المقبرة الإسلامية الوحيدة في فرنسا تقع في بوبينييه التي بنيت في ثلاثينيات القرن الماضي لكن وضعها القانوني كان خاصا وتحولت مؤخرا بصورة رسمية إلى جناح للمسلمين في المقبرة البلدية بتلك الضاحية الباريسية.

وفي فرنسا يمنع قانون 1905 الخاص بفصل الدين عن الدولة منعا تاما السلطات العامة من تمويل أو تنظيم المؤسسات الدينية بأي شكل من الأشكال باستثناء منطقة الألزاس وقسم من اللورين (شرق) حيث ما زال ساريا تطبيق معاهدة "كوندوردا 1801" الدبلوماسية المبرمة في عهد نابوليون والتي تنظم العلاقات بين الفاتيكان والدولة الفرنسية.

وفي تلك المنطقة بشرق فرنسا، أبقت ألمانيا خلال احتلالها إياها في 1870 نظام تلك المعاهدة، وبعدها تركت السلطات الفرنسية الوضع على حاله بعد نهاية الحرب العالمية الأولى في 1918.

وبالتالي فإن قانون 1905 لا يطبق في ألزاس موزيل وبإمكان السلطات التدخل في تمويل النشاطات الدينية.

وأضافت ريشاردوه إن "الدين الإسلامي ليس مذكورا في الكونكوردا لكننا نحاول إدراجه على نفس مستوى القانون المحلي"، وبذلك خصصت بلدية المدينة ميزانية 800 ألف يورو لبناء تلك المقبرة التي ستتكلف بإدارتها والتي ستدشن في السادس من فبراير.

وتوجد ثمانية أجنحة إسلامية في مقابر ستراسبورغ العامة لكنها امتلأت ما يضطر العديد من العائلات إلى دفن موتاها في بلدانهم الأصلية والتي تتسم علاقتها بها أحيانا بالتوتر.

وقال إدريس عاشور رئيس المجلس الإقليمي للديانة الإسلامية، وهي الهيئة التي تمثل مسلمي فرنسا: "لا تكفي آلام فقدان قريب بل تضاف إليها الأوراق الإدارية التي يجب ملؤها لدفن جثمان المتوفي في بلده الأصلي، ناهيك عن شقاء البعد".

واعتبر أن هذه المقبرة "مؤشر قوي بالنسبة للجيل الجديد من المسلمين، يثبت لهم أن البلدية تستجيب لمطالبهم"، معربا في الوقت نفسه عن الأمل في أن تقام مقبرتان إسلاميتان أيضا في مدينتي كولمار ومولهوز بمنطقة ألزاس، مؤكدا أن "في البلديات الصغيرة يكفي جناح إسلامي في المقابر".

وقال سعيد علا رئيس الجامع الكبير في ستراسبورغ إن "اليوم لدينا جالية تستقر نهائيا في هذه المنطقة وتريد دفن موتاها في فرنسا بدلا من دفنهم على مسافة آلاف الكيلومترات"، مضيفا "إنه آخر مؤشر على اندماج جيد يدل على أننا ننتمي إلى البلد الذي نعيش فيه".