23 ربيع الأول 1433

السؤال

السلام عليكم أنا متزوجة منذ 9 سنوات، عمري 40 سنة، وزوجي أصغر مني، ولكن مشكلتي هي عدم اهتمامه بي مؤخرا؛ فلا أراه إلا وقت الطعام في النهار فهو في العمل ثم مع الأصدقاء، وبالليل فهو مع الإنترنت زيادة على أنه لا يقول لي ولو كلمة تسعدني أو يقبلني، أتودد أليه ولكني أشعر بصدوده وجفائه، وعندما أسأله عن السبب يقول لي إنه يشعر بضيق في صدره، فلا أتمالك نفسي من البكاء مما يزيد من انفعاله! فما العمل؟ هل أطلب الطلاق؟ أرجو المساعدة وللذكر فإني كنت أعيش معه في قمة السعادة.

أجاب عنها:
د. سلوى البهكلي

الجواب

تعتبر المشاكل والعلاقات الزوجية المضطربة من أحرج وأهم الأمور التي قد تؤدي بالأسرة إلى الهلاك والتفكك الأسري. وللأسف الشديد إن معظم هذه العلاقات المضطربة ناجمة عن سوء فهم الطرفين لطبيعة الطرف الآخر.
فطبيعة الرجل تختلف عن طبيعة المرأة وطريقة تعبيره تختلف أيضا. فهناك نسبة كبيرة من الأزواج لا يرون ضرورة للتعبير عن حبهم لزوجاتهم لأنهم يؤمنون داخلهم بأنها حقيقة مسلم بها ويفترض أن تكون الزوجة متأكدة من حبه لها دون أن ينطق هذه الكلمة أو يعبر لها عن مكنونات صدره. وهو لا يدرك انه قد يجني عليها عندما يعاملها بهذا الأسلوب الذي لا يتوافق مع طبيعتها. وقد يكتفي البعض بالتعبير عن حبه بكلمات بسيطة ومختصرة وأحيانا مقتضبة وعلى فترات متباعدة وكأنه سيدفع مقابل هذه الكلمات أو العبارات الحميمة ملايين الريالات ولا يدري أنها لن تكلفه شيئا، بل على العكس قد يجني بسبب هذه العبارات البسيطة الصادقة الهدوء والمحبة وراحة البال والسعادة، وهناك من يعبر عن حبه ببذل المال وتقديم الهدايا الثمينة.
وقد تعتقد الزوجة أن تجاهل زوجها لها وعدم مبادلتها بعبارات الحب والغزل، أو انشغاله عنها بأمور الحياة أو بأهله وأصدقائه أو بالنت دليل واضح على عدم حبه لها، وهذا بالطبع غير صحيح. فطبيعة الرجل تختلف عن طبيعة المرأة، ولكل رجل طبيعة مختلفة عن الأخر. فعلى كل زوجة أن تدرك هذه الحقيقة، وعلى كل زوج أن يتنبه إلى هذا الأمر ويعمل جاهدا على تجنب هذه المشكلة قبل تفاقمها وإلا انتهى أمر الأسرة إلى ما لا تحمد عقباه.
أختي العزيزة
هناك معلومات ناقصة لم تذكريها لتكتمل لدينا الصورة، منها:
كم فرق العمر بينكما!
هل لديكم أطفال وكم أعمارهم وكيف هي علاقتهم بوالدهم!
منذ متى بدأت مشكلتك وعدم اهتمام زوجك بك! وهل هناك حدث أو سبب ما سبب هذه المشكلة أو كان من أسباب حدوثها أو تفاقمها!!
ما هو مستواك العلمي والاجتماعي وهل هناك فارق بينكما!
كيف هي علاقتك بأهل زوجك!!
هل يواجه زوجك مشاكل صحية أو أي مشاكل في عمله!!
هل هناك خلافات عائلية أو سوء تفاهم بينكما!!

ذكرت أنكم كنتم تعيشون في قمة السعادة، فما الذي تبدل!! أرجو أن تسألي نفسك هذا السؤال؟ ما الذي يجعل زوجك يتجاهلك ولا يرغب في الجلوس معك أو الاستماع إليك! هل هو فارق السن كما ذكرت!! أنا لا اعتقد ذلك.
فشخصية المرأة وحيويتها واهتمامها بنفسها من أهم العوامل التي تعكس عمرها الفعلي لا عمرها الحقيقي.
راجعي نفسك وحاسبيها جيدا لتكتشفي جوانب النقص فيك، وحاولي جاهدة أن تبدليها لتتناسب مع الطريقة التي يحبها زوجك.
لا تستسلمي لأفكارك أبدا، فأنت تمرين الآن بلحظات ضعف وإحباط سببها عدم إشباع زوجك لحاجتك للحب والاهتمام.
حاولي أن تجلسي مع نفسك جلسة مصارحة.. استرجعي جميع أحداث حياتك.. حللي جميع الأحداث السلبية التي مرت بك إلى أن تجدي السبب أو الأسباب الحقيقية التي تكمن وراء هذا التغير الواضح في معاملة زوجك لك.
راجعي جميع ملفاتك منذ بداية زواجك، دعي شريط الذاكرة يمر أمامك ببطء لتتمكني من عملية البحث والتحري، وضعي في اعتبارك أن الاضطراب في العلاقات الحميمة لا يمكن أن يكون وليدة اللحظة خاصة إذا طالت المدة.
إذا وجدت أي سبب أو أسباب ممكنة، اسألي نفسك سؤالا واضحا "هل من الممكن معالجة هذه الأسباب والتخلص منها أم هي أسباب لا يمكن تغييرها!!".
لا تستعجلي ابدأ في اتخاذ قرار الطلاق أنصحك بالتريث وعدم الاستعجال والاندفاع خاصة إذا كان لديكم أطفال
أنصحك أن لا تتمادي في الإحساس بهذه المشاعر السلبية تجاه نفسك وتجاه زوجك، لكي لا تتنقل هذه المشاعر إليه ويشعر هو الآخر بها ويتفاقم الأمر وتزداد الفجوة بينكما.
حاولي أن لا تقارني وضعك الآن بما كنت عليه في بداية الزواج، فالمشاعر في بداية الزواج تكون عادة جياشة ومتأججة، ولكنها تخمد أو يقل توهجها كلما طالت فترة الزواج. ولا يعني هذا أنها اختفت أو نقصت، ولكن مشاغل الحياة والمسئوليات الملقاة على عاتق الزوجين والروتين اليومي كفيل بإخماد هذه المشاعر بشكل مؤقت إلى أن يتنبه أحد الطرفين أو كلاهما لهذه المشكلة فيزيل الرماد الذي يغطيها لتبدأ في توهجها من جديد.
حاولي أن لا تندفعي في مشاعرك السلبية، بل تذكري دوما لحظاتكم السعيدة وذكريه بها بعد أن تهيئي له الجو المناسب لذلك وحاولي أن تختاري أيضا الأوقات المناسبة.
تجنبي العتاب المستمر، واتركي له حرية التعبير عن حبه لك بالطريقة التي تناسبه هو دون أن تفرضي عليه أي طريقة في الوقت الذي يناسبه وشجعيه على ذلك.
ضعي في اعتبارك أن طبيعة الرجل تختلف عن طبيعة المرأة، وطريقة تفكيره وتصرفاته ومعالجته للأمور مختلفة أيضا. وهو في الغالب لديه ارتباطات وعلاقات مع أصدقائه من الصعب أن يتجاهلها أو يتنازل عنها لأنها بمثابة التغيير والمتنفس له خارج نطاق الأسرة. فاحرصي على عدم مراقبته ولومه باستمرار ولو بصمت، وعليك أن تحترمي رغبته الخاصة بذلك، ولا تكوني سببا في تنغيص برنامجه اليومي ومتعته مع رفاقه، وهو بالتأكيد سيقدر لك ذلك ولو لم يعبر لك به.
حاولي أن تشغلي نفسك بأي شكل كان لتتمكني من التحكم في مشاعرك وتسدي الفراغ العاطفي الذي تشعرين به، إلى أن تعود المياه بينك وبين زوجك إلى مجاريها.
أهتمي بممارسة الرياضة بشكل يومي ولو لفترة بسيطة، وحاولي أن تجيدي رياضة الاسترخاء..
زيدي من ثقافتك التربوية وتعلمي مهارات التواصل مع الآخرين وفنون الحوار حتى تتمكني من اقتضاب زوجك لك عن رغبة منه لا من رهبة منك، وحاولي ممارستها للتأثير على زوجك وكسب حبه ووده.
استخدمي ذكاءك العاطفي وتفنني في تقديم المغريات والمدعمات النفسية والمفاجئات السارة له. فهي بحد ذاتها سببا يزيد من قناعة الزوج بضرورة التغيير والتعبير عن عواطفه.
حاولي أن تتغلبي على جميع الأمور والمشاكل التي يمكن أن تؤثر على علاقتك بزوجك سلبا. ويمكنك أن تجلسي معه جلسة حوار هادئ بناء لمناقشة هذا الأمر والتأكد من عدم وجود أي أمور حياتية قد تكون هي السبب في هذا البعد والجفاء دون أن تدري.
إذا عرفت السبب حاولي أن تناقشي زوجك بهدوء عن الطرق التي يمكنك أن تبذليها أنت أو أنتما معا لتتغلبا على هذه المشاكل.
حاولي أن تكوني دوما عونا له لا عبأ عليه، فقد يكون زوجك مصاب بالضعف أو العجز الجنسي دون أن تدري، ويكون هذا هو السبب في هذا النفور.
أكثري دوما من إطراء زوجك وتقديره والثناء عليه، وحاولي أن تتواصلي معه برسائل الجوال الملغمة بالمشاعر الصادقة ولا تشعري بالإحباط إذا لم يصلك الرد عليها، أو لم يصلك الرد الذي تتوقعين. بل استمري وثابري وستجدين ردة فعل ايجابيه لذلك ولو بعد حين.
إذا كان لديك أطفال، يمكنك أن تفرغي شحنات الحب المتأججة في صدرك فيهم. أشعريهم بحبك وحنانك لهم، علميهم كيف يعبرون عن حبهم
عليك أن تضعي أهدافا إيجابية لحياتك الزوجية وحاولي جاهدة لتحقيق هذه الأهداف. ومن أهم الأهداف التي عليك أن تحرصي عليها هو استقرار عائلتك واستمرار الحب والاحترام بينكما
لا تتذكري سلبيات زوجك فقط بل امسكي بورقة وقلم ودوني فيها إيجابياته هو وايجابيات حياتكما الزوجية، لتتخذي القرار الصحيح .
تفنني في توفير الجو الهادئ في منزلك أو الجو المناسب الذي يسعد زوجك ويرتاح فيه ليمكث أطول فترة معكم عن حب وقناعة.
لا تنس مراعاة الحالة المزاجية لزوجك وتوفير المناخ المناسب له.
اشعري زوجك بين فتره وأخرى أنك بحاجة له هو، وانه سبب سعادتك
لا تبخلي على زوجك بالمشاعر الفياضة، والعبارات الجميلة، وبذل كل غالي ورخيص له لترضيه وتسعديه، واحتسبي الله في ذلك.
استمري في منح الحب والمشاعر الصادقة له، وتعودي على رسم الابتسامة الدائمة على وجهك، واستقبليه دوما بلطف وتعاملي معه بدلال الأنثى دون تصنع فذلك كفيلا بحد ذاته أن يزرع المودة بينكما.
تناسى عيوبه، وتغاضى عن سيئاته وهفواته.
لا تيأسِي أبدا من رحمة الله وتأكدي انه يمكنك تغيير الطريقة التي يعبر بها زوجك عن حبه لك ولكن قد تحتاجين إلى بذل الكثير من الوقت والجهد واستخدام مختلف الوسائل الممكنة لذلك.
عليك بالصبر والتوكل على الله والمثابرة على الذكر والدعاء لك ولزوجك.
ادعي الله أن تقر عينه بك وتقر عينك به، وأن يسخره الله لك ويسخرك له، وأن يؤلف بين قلوبكما ويجعلكما سكنا لبعضكما البعض وان يرزقكما الذرية الصالحة بإذن الله.