مشرف.. قبل عودته.. يغازل أمريكا و"إسرائيل"
16 صفر 1433
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

برويز مشرف.. اسم عاد ليتردد كثيرا خلال الأيام الماضية حيث إن الرئيس الباكستاني السابق أعلن اعتزامه العودة إلى إسلام أباد في وقت لاحق من شهر يناير الجاري، رغم تهديدات من جانب السلطات الباكستانية باعتقاله، في حالة عودته على خلفية اغتيال رئيسة الوزراء السابقة، بنظير بوتو، وقد لاقى الحديث عن عودته ترحيب الولايات المتحدة وربما من جانب أيضا "إسرائيل" التي أبدى مشرف رغبته في إقامة العلاقات بينها وبين باكستان.

 

ولم يبد مشرف الذي يقيم في إمارة دبي منذ عام 2008، في كلمة وجهها عبر الفيديو، خلال احتفال سياسي نظمه الآلاف من أنصاره من حزب "الرابطة الإسلامية لعموم باكستان"، في مدينة كراتشي الجنوبية تخوفه من العودة معلنا عودته إلى البلاد بين يومي 27 و30 يناير الجاري بمرافقة أكثر من 500 من مؤيديه.

 

ويواجه مشرف -الذي يستعد لقيادة حزبه في انتخابات 2013 - اتهامات تتعلق بالتسبب في مقتل رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو 2007، وهي تهمة يلاحق بسببها أيضا رئيس وزراؤه حينها شوكت عزيز.

 

وكان المدعي العام المعني بملف التحقيق بقضية اغتيال بوتو عام 2007، تشودري دو الفقار علي، قد ذكر أن إحدى المحاكم في مدينة "روالبندي" أصدرت مذكرة توقيف بحق مشرف، للاشتباه بوجود صلات تربطه باغتيال زعيمة المعارضة ورئيسة الوزراء السابقة، مشيرا إلى أن الاتهامات الموجهة لمشرف ترتكز على فرضية التآمر لتنفيذ الاغتيال.

 

واستقال مشرف من منصبه عام 2008، مع تزايد ضغوط المعارضة عليه بعد اغتيال بوتو، ليخلفه في منصبه آصف علي زرداري زوج رئيسة الوزراء الراحلة.

 

وفي عام 2010، أصدرت الأمم المتحدة تقارير قالت فيها إن حكومة مشرف فشلت في حماية بوتو قبل مقتلها، ولكن الرئيس السابق رفض تلك الاتهامات مؤكداً أن الزعيمة الراحلة كانت تتمتع بحماية الشرطة.

 

وقوبلت خطوة مشرف بإعلان عودته لباكستان، بترحيب الولايات المتحدة معتبرة أنه سيكون الرهان الأكثر أمانا لها إذا عاد إلى السلطة، وأثنت على كل ما فعله مشرف فيما يسمى ب"الحرب الأمريكية على الإرهاب" وأكدت أنها ستفعل ما بوسعها كي تكفل له عودة سلسة.

 

وفي المقابل دعا مشرف إلى "عمل عاجل" لإصلاح علاقات بلاده بالولايات المتحدة، وهي علاقات أصبحت "في أسوأ حالاتها"، متهما زرداري بأنه سبب في ما يراه عزلة دولية تعيشها باكستان.

 

وكان لمشرف تصريح وصفه مراقبون بأنه يهدف لكسب دعم "إسرائيل" حيث قال الرئيس الباكستاني السابق إن بلاده ينبغي عليها إعادة النظر في موقفها الدبلوماسي تجاه الكيان الصهيوني، معتبرا أن "إسرائيل" أمر واقع وأن العديد من دول العالم الإسلامي.

 

وأعاد مشرف إلى الأذهان اللقاء الذي جمع وزير الخارجية الباكستاني خورشيد محمود ونظيره الصهيوني سيلفان شالوم بتركيا في شهر سبتمبر من عام 2005 الذي اعتبر أول اتصال مباشر بين الجانبين يعقد على مستوى رفيع.

 

لكن صحيفة هاآرتس العبرية قالت إن "محاولات مشرف التقرب إلى "إسرائيل" لم تلق استحسانا على المستوى العام كما ذكر، مدللة على ذلك بتهديد أحزاب دينية في باكستان بالخروج في مسيرات حاشده بالشوارع للمطالبة بإطاحة حكومة مشرف إذا حاولت الاعتراف بشرعية "إسرائيل".

 

ولا يحظى الرئيس الباكستاني السابق أصلا بشعبية كبيرة، وما كان له من شعبية فقده في 2008 خلال الصراع بينه وبين رئيس المحكمة العليا افتخار شودري (الذي كان يعارض قرارات مشرف وأقاله الأخير من منصبه). كما أن الحديث عن عودته قد تزيد الاحتقان بين الجيش والحكومة المدنية على خلفية تقاريرَ تحدثت عن رغبة الجنرالات في رحيل الرئيس آصف علي زرداري بسبب رسالة طلب فيه مساعدة واشنطن في مواجهة المؤسسة العسكرية التي لا يزال مشرف يحتفظ ببعض العلاقات معها.

 

وتحدثت مصادر باكستانية سعودية عن زيارة للسعودية ينوي مشرف القيام بها لتحصيل ضمانات بعدم اعتقاله، مستثمرا نفوذ المملكة القوي في الدوائر السياسية الباكستانية.

 

ووصل مشرف إلى السلطة بانقلاب قام به في 1999 وهو قائد للجيش، ثم انتُخب رئيسا بعد بضع سنوات، واستقال في 2008 بسبب موجة احتجاجات شعبية ضده.

 

ولعل أبرز ما سيحفظه التاريخ من سيرة مشرف تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة وموافقته على المطالب الأمريكية بالسماح باستخدام الأراضي الباكستانية في العدوان على أفغانستان.

 

ولعل واشنطن تدري أنه لا يوجد داخل باكستان من يصلح للقيام بدور شبيه بما قام به مشرف في سنوات سيطرته على صناعة القرار العسكري والسياسي في البلاد، لذا تسعى لعودته على اعتبار أنه الأصلح بالنسبة لها، لكن عودة مشرف قد تؤدي بالبلاد للدخول في دوامة من الصراعات بين مؤسساتها.