سوريا بحاجة إلى موقف لا مبادرة وحلول
17 صفر 1433
حمزة إسماعيل أبو شنب

ما زال الشعب السوري يقود ثورته ضد النظام الأسدي المجرم والذي لا يرقب في قتل الناس إلاًّ ولا ذمة في محاولة منه إلى تكريس المبادئ التي عاشها منذ تولي حزب البعث، وهي القتل ومحاولة سحق الشعب السوري بكافة الحلول الإجرامية، ولكن الثورة مازالت مستمرة.

 

قد لا يكون النظام يعي أن الظروف تغيرت عن ثمانينيات القرن الماضي فلم تعد الدولة تسيطر على الإعلام ولم تعد الدعاية الرسمية هي المشهد الوحيد على الساحة، بل أصبح الآن كل مواطن هو عبارة عن ناقل أو مراسل صحفي وشاهد، وكما قال أحد قيادات الثورة في الداخل إن الشعبي السوري لا يتمن لأحد من الناس بقدر ما يمتن لمن صنع جهاز الاتصال الخلوي بالكاميرا.

 

هذه هي أجواء الثورة وفي خضم النزاع الذي يعيشه النظام السوري بسبب ثبات الثوار وصمودهم أمام الغطرسة السورية بدأنا نسمع عن بعض المبادرات (روسية – إيرانية) أو غيرها ولكن ما شكل منعطف هام هو دخول رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الأستاذ خالد مشعل على خط الوساطة والحلول في سوريا.

 

المديح والثناء الذي كاله رئيس الجامعة العربية نبيل العربي لدور الأخ خالد مشعل في إقناع النظام بالقبول بالتوقيع على برتوكول الجامعة والتسريع في نشر المراقبين في سوريا من أجل حل أزمة السياسيين يدل على أن النظام يتأثر في هذه المرحلة من مواقف حركة حماس، والتي يُخشى أن تغادر الأراضي السورية وهذا هو الهاجس الذي يؤرق نظام الممانعة والذي يحتضن المقاومة، فإذا خرجت حماس من هناك سقطت ورقة المقاومة كون حماس تعتبر عمود المقاومة في العالم العربي.

 

قد يكون موقف الأخ خالد مشعل من الحديث عن الحلول السياسية محاولة منه لينأى بسوريا عن الأيدي الخارجية التي تريد أن تسلب وتتسلق الثورة السورية وتستقوي بالقوات الخارجية لتصل إلى الحكم ثم لتقدم ما تريده منها هذه الدول من تنازلات في سورية، ولكن وجهة النظر هذه لا يمكن أن تكون مبرراً للحديث عن حلول سياسية في سوريا غير واضحة المعالم.

 

هذا الاجتهاد قد يكون صائباً لو كان في بداية الأزمة منذ اندلعت في درعا وقد قدمتَ النصيحة لهم ولم يسمعوا ولم يفكروا في التجاوب لنصيحتك، وكان جل تفكيرهم فقط في فن قتل الثائرين والتنكيل بهم، والآن عندما شعر النظام بأن السقوط قد أصبح قريباً بدأ في البحث عن حلول تنقذه من السقوط بعد فشل المحاولات العديدة لإخماد الثورة التي تتزايد كل يوم وتدخل المناطق المحرمة سابقاً كوسط حلب ودمشق.

 

الشعب السوري الآن وهو يقترب من تحقيق النصر وبعد وصوله إلى مرحلة ألا عودة لا ينتظر منك يا أخي أبو الوليد موقفاً يسجله التاريخ لأنهم لا يريدون أن تتلوث سمعتك وسمعة حركة المقاومة الإسلامية حماس بهذا النظام الذي لم يبقي أي مجال للحلول أو التفاهم مع الشعب بل ذهب للبحث عن المد الخارجي من قبل إيران والعراق وحزب الله.

 

إن كان النظام اليوم بحاجة إلى دوركم في الوساطة والحلول السياسية فحماس اليوم بالخارج إذ تمتلك قراراً بالخروج من هناك فالأبواب مفتوحة أو أقل القليل قبل الحديث دور الوساطة كان من المفترض وبالحد الأدنى أن يوقف النظام القتل ويفرج عن المعتقلين بدلاً من منحه غطاءً للاستمرار.

 

موقفكم أخي أبا الوليد ليس موقفنا وكلامك ليس كلامنا فنحن من قُتل آباؤنا وإخواننا وهدمت البيوت فوق رؤوس أصحابها، نحن الذين عانوا من الحصار الصهيوني ووقفنا صادمين في وجهه لا يمكن أن نقبل أن يذبح أهلنا في سوريا على يد النظام تحت اسم الممانعة والمقاومة، فكيف يحمي نظام المقاومة وهو يقتل شعبه، أخي أبا الوليد لقد قال الحجاج في أهل الشام "وإن قاموا على رجل ما تركوه إلا وقد قطعوا رأسه".

 

أهلنا في سوريا: نحن في غزة معكم ومع ثورتكم فلا تتراجعوا، لقد وقفت غزة في وجه العالم والفسفور الأبيض يتساقط كالمطر علينا ولكن لم ننكسر.

 

فنحن معكم فسيروا على ما أنتم عليه ولا تعولوا على الحلول أو التدخل الخارجي، فرغم الألم ورغم قسوة ما تتلقون ولكن قدرتكم بأيدكم وبثورتكم حتى تقطعوا رأس النظام.