11 محرم 1434

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا فتاة أسعى ليكون خُلقي مع أهلي أفضل من خلقي مع الغير لأني أعلم أن خير الناس خيرهم لأهله فأحاول أن أخدمهم بقدر ما أستطيع وأن لا أنهر إخوتي أو أضربهم أو حتى أرفع صوتي عليهم... لكن مشكلتي حين يصيبني الملل أو حين أشعر بالتعب النفسي نتيجة ضغوط الحياة فحينها لا أتمالك نفسي حتى أنني قد أضربهم وقد أرفع صوتي على والدتي وقد أبدي الملل حينما تطلب مني بعض الأشياء.. نصيحتكم؟؟؟

أجاب عنها:
أسماء عبدالرازق

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وحياك الله في موقع المسلم.
أيتها الفاضلة إن رغبتك الصادقة هي أول وأصعب خطوة لبلوغ هدفك النبيل أسأل الله أن يقر عينك بتحقيقه.
لا شك أن كل عاقل يتمنى أن يكون من أحسن الناس خلقاً، لكن كما ذكرت أن كثرة المسؤوليات والضغوط المتتالية قد تدفع المرء للانفعال لأبسط الأمور والتي ربما لا يتأثر بها في حال فراغه وهدوئه، لكن هنا كما يقال بيت القصيد، فالحليم حقاً هو الذي يتمالك نفسه في أصعب المواقف، وغيره متحلم. كذلك كثير من الناس يتحمل الآخرين ويحسن إليهم، لكن يثور على أهل بيته لأبسط الأسباب، ربما لارتفاع الكلفة بينه وبينهم فيتصرف على سجيته، أو لأنه يشعر أن له نوع من السلطان والسيطرة عليهم، والتسلط على من تحت اليد صفة موجودة في البشر يكبحها الموفق، ويظهرها غيره.
المهم في الأمر أن مما يعين على التحلي بأحسن الخلال:
• استحضار عاقبة الخلق الحسن كلما انتابتك ثورة من ثورات الغضب: ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبعض الأصحاب رضوان الله تعالى عليهم: "أخبركم بأحبكم إلي، وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة؟ فسكت القوم، فأعادها مرتين أو ثلاثاً، قال القوم: نعم يا رسول الله. قال: أحسنكم خلقاً". [صحيح ابن حبان(2/235)]. وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة، فقال: "تقوى الله وحسن الخلق" [الترمذي (2004)].
• الدعاء: ولا يرفع البلاء كالدعاء. كان أبر الخلق وأحسنهم خلقاً صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم حسنت خَلْقي فحسن خُلُقي" [صحيح ابن حبان (3/239)، وصححه الألباني في إرواء الغليل (75)]. وكان مما يقوله عليه الصلاة والسلام في دعاء الاستفتاح: ".. اهدني لأحسن الاخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت" [مسند أبي عوانة (1/433)]. وكان يقول: "اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء" [ الترمذي 5/575 رقم(3591)].

• مجاهدة النفس ومحاولة تطويعها وحملها على كريم الخلال، والمجاهد الصادق معان، يقول تعالى: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا" [العنكبوت (من الآية 69)]. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يعطه، ومن يتوق الشر يوقه" [السلسلة الصحيحة للألباني 1/670 رقم (342)].
• العمل بالوصايا النبوية في إطفاء سورات الغضب بالوضوء، والسكوت، والجلوس إن كنت واقفة، والاضطجاع إن كنت قاعدة.
• الاستغفار والندم على كل تصرف غير مناسب والعزم على عدم العودة مرة أخرى.
• احتساب الأجر، وتذكر أن كظم الغيظ لا يحتاج لأكثر من صبر دقائق وبعد ذلك الأجر العظيم بإذن الله.
• يمكن طلب الإعانة من الوالدة والأخوات وتلطيف الجو كلما غضبت فلا تتمادين فيما أنت فيه.
ويمكنك التفكير في غير ذلك من الأسباب والوسائل التي تعينك على السيطرة على تصرفاتك مهما كانت الظروف. وللشيخ محمد بن إبراهيم الحمد رسالة جميلة بعنوان: الأسباب المفيدة في اكتساب الأخلاق الحميدة، يمكنك الاستفادة مما فيها.
أسأل الله أن يهدينا وإياك لأحسن الأخلاق ويصرف عنا سيئها، آمين.