4 جمادى الثانية 1433

السؤال

السلام عليكم عقدت على فتاة منذ نصف سنة، أنا طالب علم في إحدى الجامعات الإسلامية وأنا من أسبانيا. قبل العقد كنت على علاقة محرمة مع فتاة لمدة ست سنوات وكنت أريد أن أتزوجها لكن هي من أسرة غنية وأنا متوسط ولذلك رفضتني أمها، بعد هذا قبلت في الجامعة الإسلامية وخشيت الوقوع في الحرام ولكي أنسى تلك الفتاة عقدت على فتاة متدينة، يوم العقد لم أكن سعيدا بل كنت خائفا ومترددا من العقد لكن الآن لا أحس بالسعادة مع تلك الفتاة رغم أنها متدينة بل لا أحس حتى في رغبة بالجماع معها، هي لازالت بكرا. لست سعيداً معها. فأنا في هذه الحالة: أحس أن أولادي سيكونون مع أم طيبة ويكون عندي راحة في البيت لكن من ناحية عاطفتي ورغبتي في تلك الفتاة لا أحس شيئا، فماذا أفعل؟ هي تحبني كثيرا لكن أنا لا.

أجاب عنها:
يحيى البوليني

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
أخي الكريم:
نشكر لك تواصلك الكريم مع موقع المسلم، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل الحق على ألسنتنا وقلوبنا، وأن يرزقنا الهدى والرشاد والعمل بهما، كما أسأله سبحانه أن يهدينا لأحسن الأقوال والأعمال التي لا يهدي لأحسنها إلا هو وان يصرف عنها كل سيئ من الأقوال والأفعال والعلاقات التي لا يصرف عنها إلا هو، وأن يعيننا جميعا على أنفسنا:
الأخ السائل:
ذكرت في رسالتك أنك:
1- طالب علم في إحدى الجامعات الإسلامية في أسبانيا، لكنك لم تذكر كونك عربي أو أسباني مسلم وإن كانت لغة الرسالة تدل على كونك عربي.
2- كنت على علاقة غير شرعية محرمة مع فتاة لمدة ست سنوات متصلة – قبل التحاقك بالجامعة الإسلامية -
3- طلبت الزواج من الفتاة التي عرفتها وعشت معها - ولم تذكر ديانتها - ولم يقبل أهلها للفارق المادي بينكما.
4- بعد قبولك في الجامعة الإسلامية طلبت الزواج للعفاف فاخترت فتاة متدينة وعقدت عليها.
5- لم تشعر بالراحة معها رغم مرور ستة أشهر ولا توجد عندك الرغبة فيها كزوجة وتقول أنها لازالت بكرا.
6- تشعر أن أبناءك سيكونون في أمان إذا اخترتها كأم لهم ولكنك لا تشعر بالسعادة معها وتخشى من الإقبال على الزواج.
لاشك أن رسالتك تحمل بين طياتها ظلاماً ونوراً، فأما الظلام فهو استمرارك ست سنوات في معصية كبيرة، وغضب الله العظيم، ثم في رسالتك بوارق أمل وخيوط نور في واقع مظلم، وينبغي الإشارة إلى تلك الخيوط لدعمها والإمساك بها للخروج من تلك الظروف التي كنت تعيش فيها، وبفضل من الله سبحانه أن يسر لك بابا للخروج منها، فادعوك للامساك بهذه الخيوط الدقيقة التي لازالت ضعيفة حتى تتقوى بها وتقويها، واعلم أن الله عز وجل قد أذن لك بالخروج منها فاستمسك بما منحه الله لك، ولا تحاول أن تعيد نفسك إليها واحذر على نفسك إن عدت إلى الظلام مرة أخرى.
أيها السائل:
أشعر في سؤالك بأنك قد مللت من تلك الحياة البائسة المظلمة العاصية التي كنت تعيشها، فعلى الرغم من زخرفها وزينتها إلا أنك لم تكن مستريحا فيها – كحال المؤمن دوما مع المعصية -، فأحببت الطاعة – وهذا دليل خير فيك – فأردت أن تتزوج تلك الفتاة التي أخطأت معها لمدة ست سنوات كاملة، والتحقت بجامعة إسلامية، ثم فضلت أن تتزوج بامرأة ذات دين، وكل هذا من دلائل الخير في شخصيتك فأشد على يديك فيها وادعوك لاستثمارها.
ولي معك عدة نقاط نتوقف حولها قليلا:
- ما حدث معك في علاقتك بتلك الفتاة الأولى ذنب عظيم وهو من كبائر الذنوب وخاصة مع استمراره لفترة طويلة، ولا أقول ذلك تثبيطا ولكني أقوله تذكيراً لك لاحتياجك – واحتياج كل مسلم كذلك - لدوام التوبة والمراقبة لله عز وجل، ولاستمرار استشعار الندم على هذا الفعل الشنيع، ومن ثم يجب عليك عند تذكر هذه العلاقة المحرمة أن تذكرها بالانكسار الذي يستوجب منك بغض وكراهية تلك الفترة بمن فيها وما فيها من معصية وأن تكره أن تعود إليها مرة ثانية، وبالتالي لا تتذكر شيئا من لذتها الوهمية التي كانت ستودي بك وتهلكك في الدنيا والآخرة لولا فضل الله عز وجل أن نجاك منها
- لا مقارنة البتة بين امرأة مؤمنة متدينة ذات خلق لم تمكن أحدا من نفسها إلا بحق الله سبحانه وبين أخرى فرطت في عرضها مرات عديدة وسنوات طويلة فلا مقارنة بينهما أبدا لرجحان كفة المؤمنة التقية الورعة على الأخرى، فلا تتصور أن في المرأة التي أخطأت معها سلفا ميزة عن زوجتك الحالية التي ربما قد لا تعرف أن تتجمل بالصورة التي ترضيك أو تتقعر في الكلام أو تتغنج كما الأخرى لاختلاف حالهما، فلا تعقد بينهما مقارنات.
- اعلم أن الفتاة إن كانت متدينة فإنها غير مجربة للرجال، وأنت كزوج أول تجاربها، فقد يصعب عليها أن تتصرف مع زوجها أو العاقد عليها التصرفات التي تحسنها غيرها ممن خبرن الرجال ويعرفن كيف يرضينه ويسعدنه، وهذا ما ستجده في زوجك بإذن الله ولكن بعد البناء فساعتها تستطيع الزوجة أن تقدم كل ما تستطيعه لإسعاد زوجها، فلا تقلق من ذلك.
- وعليك دور أخي الكريم في تهيئة زوجك باعتبارك أكثر خبرة منها، فتستطيع أن توجهها وتتحملها وتوصل لها ما تحبه وما تكرهه في المرأة وساعتها ستجدها لينة طائعة لك لا يهمها إلا إسعادك.
- أخي الكريم، لا تُحمل زوجتك فوق طاقتها بعبء ما فعلته أنت، فالزوج الذي ما عاش مع امرأة قبل زوجته يكون أكثر رضا بما يناله من زوجته، أما من عاش وجرب وتنقل من امرأة لأخرى، فرأى في كل واحدة منهن شيئا يعجبه، ثم يأتي بعد ذلك عندما يطلب الزواج من امرأة متدينة فيطلب أن تجتمع فيها كل خصال النساء اللاتي عرفهن في حياته!!، فيظلمها ويظلم نفسه معه، فأي امرأة واحدة - مهما كانت - فيها ميزة تختلف بينها وبين الأخرى ويستحيل أن تجمع كل مزايا النساء.
- احذر - أخي الكريم - من إطلاق البصر الحقيقي أو عبر الوسائط الالكترونية، فما تراه في النساء الأجنبيات هؤلاء – فضلا عن كونه معصية – يباعد بينك وبين زوجتك ويقللها في عينك وربما لا يجعلك ترى فيها ميزة فتزهد فيها.
- إذا كنت ترى أنها ذات خلق ودين وتشعر أن أبناءك منها ومعها سيكونون في أمان، وخاصة في المجتمع الذي تعيش فيه، فعليك بالتمسك بها وصرف كل امرأة محرمة من أمام ناظريك، ولتكن أمامك معادلة ستحسم لك الأمر، فزوجك التقية التي تقرب لك الجنة في كفة والأخريات الساقطات اللاتي يقربن لك النار في كفة أخرى، فانظر ساعتها إلى من تميل وأي كفة تختار.
- أنت الآن قد عقدت على زوجتك المؤمنة، وصارت زوجتك وتحت مسئوليتك، والشيطان يسعى دوما للتفريق بين المرء وزوجه، ويريدك أن تعود للحرام، فاحذر الشيطان وغالبه وأبعده عنك بكل طريقة تستطيعها ولا طريق خير من طاعة الله وذكره، كما أريد أن أنبهك إلى شروط ولي زوجتك في الدخول بها وموعد ذلك لأنك يجب أن تلتزم بتلك الشروط فكما في الحديث المؤمنون على شروطهم، ودخولك بها منوط بتحقيق شروط وليها وموافقته على ذلك سواء أكان ذلك تهيئة البيت أو مثله أو اكتمال تسليم المهر وغيره.