مجزرة بورسعيد وفرصة المجلس العسكري الأخيرة
12 ربيع الأول 1433
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

خرجت شعوب دول الربيع العربي بالملايين إلى الشوارع من أجل أن تغير حياتها وحياة أولادها وتضمن معيشة كريمة في ظل مناخ حر ينقلها إلى مصاف الدول المتقدمة إلا أن طيور الظلام ما زالت تعشش في جنبات هذه الدول وتأبى أن تتركها تواصل طريقها؛ فكل يوم نسمع عن سقوط ضحايا جدد ثم ننتظر حتى ينزل القصاص بالجاني فلا نرى قصاصا ولا جاني ويختفي المسؤول عن الاحداث في ظروف غامضة حتى بدأت هذه الشعوب تتساءل هل هذا عقاب لنا على ثورتنا ضد الظلم والاستبداد؟ هل هذه رسالة إلى الشعوب المضطهدة الاخرى حتى ترضى عن حالها ولا تفكر في تغييره؟ هل كتب على الشعوب العربية الذل والمهانة أو القتل في الطريق كالخراف؟ هل الحرية والعدل التي تتمتع بها الدول الغربية رفاهية لا تليق إلا بالشعوب البيضاء؟ من الذي يريد أن يرد الاوضاع إلى ما كانت عليه؟ عشرات الاسئلة تتدافع في رؤوس البسطاء والفقراء والارامل والثكالى..

 

إن الاحداث التي شهدتها مصر مؤخرا والمجزرة المروعة التي رآها الملايين على شاشات التلفاز وعلى مواقع اليوتيوب داخل ملعب لكرة القدم قتل فيه أكثر من 70 شخصا وأصيب المئات بعد حوادث شبيهة مرت بها البلاد منذ قيام الثورة ضد نظام مبارك الفاسد ولم يتخذ أي إجراء رادع ضد المسؤولين عنها ليؤكد الفشل الذريع في ادارة شؤون البلاد من قبل المجلس العسكري وحكومته التي أصر على تشكيلها بمفرده بعيدا عن القوى السياسية التي قامت بالثورة ..حاول المجلس العسكري في كل مرة يسقط فيها في اختبار الحكم أن يلقي بالتبعات على الآخرين ولم يعترف مرة واحدة بالمسؤولية ولو على سبيل تطييب الخواطر وإن اعترف أحيانا بعدم خبرته في السياسة وهو أمر مفهوم ولكن غير المفهوم أن يتمسك بالعمل السياسي ويصر على اختيار رئيس الوزراء رغم وجود برلمان منتخب عمله السياسة فلماذا لا يترك للحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية مهمة تشكيل حكومة وطنية منفردا أو مؤتلفا مع غيره كما يحدث في الدول الديمقراطية ويبتعد هو ما دام لا يعرف في السياسة ويكتفي بحماية حدود الوطن حتى يتم انتخاب رئيس جديد على أن يتم هذا الانتخاب في ظل الحكومة المنتخبة لأن إجراء انتخابات رئاسية في ظل هذه الإدارة ينذر بكارثة جديدة خصوصا أن الامر سيحتاج إلى وقت وترتيبات لن تقل عن شهر..المجلس العسكري الذي يعترف بعدم معرفته بالسياسة ما زال يصر على إطالة الفترة الانتقالية عن طريق انتخابات عقيمة لمجلس الشورى لا فائدة من ورائها ..

 

إن هذه الممارسات جعلت الشك يسود والتهم تلقى تباعا على المجلس بشأن تعمده إطالة المدة ومجاملته للنظام البائد وعدم رغبته الحقيقية في إزالة النظام القديم ولكن فقط إجراء إصلاحات جزئية بمعنى آخر أراد أن يوجه الثورة للطريق الذي يريده ولا يخدمها للوصول لأهدافها رغم أن الثورة هي التي كلفته بالمسؤولية ..

 

هذه الحالة من الريبة والشك والاتهامات مهما بعدت أو اقتربت من الحقيقة إلا أنها تصب في النهاية إلى ضرورة تخلي الجيش عن المسؤولية السياسية تماما ليس لمجلس رئاسي لان ذلك سيزيد الفترة الانتقالية كما انه سيختار على الاغلب مجلس على هواه يطبق رؤيته كما فعل في رئاسة الحكومة, ولكن لحكومة منتخبة تطهر اركان الفساد التي ساهم المجلس بقصد او دون قصد في بقائها بل وحماية نفسها طوال عام كامل..قبل المباراة الاخيرة التي شهدت المجزرة طالب الجميع بالحذر وتامين الجمهور كما طالب الجميع قبلها ومع تجدد حوادث الانفلات الامني بمزيد من التطهير والاصلاح في وزارة الداخلية التي تمثل اكبر عش للدبابير في البلاد ومع ذلك ظل الضباط والجنود يشاهدون الاحداث مثل الجماهير تماما حتى أن بعضهم أخرج تليفونه المحمول وأخذ يصور الاحداث..لا افهم كيف تظل الحكومة باقية في موقعها حتى ولو كانت منتخبة فما بالك وهي ليست كذلك كما لا أفهم كيف يواصل المجلس الدفاع عنها وعن نفسه حتى هذه اللحظة وبنفس العبارات القديمة..المجلس العسكري يقدم من حيث لا يعلم أكبر مبرر لاصحاب الاجندات المتطرفة من اليمين واليسار الذين يريد تخريب الدولة والانقلاب على خيار الشعب في الانتخابات الاخيرة ..

 

فات الوقت لكي نطلب من المجلس العسكري الاصلاح والتحسين وجاء الوقت الذي ينبغي فيه الرحيل بشكل سلمي وتكليف حكومة منتخبة ومنح رئيسها كافة الصلاحيات بما فيها صلاحيات رئاسة الدولة وليعود الجيش الى ثكناته سريعا حفاظا على هيبته وسمعته..إن أي تاخير في تسليم السلطة بعد هذه الارواح التي أزهقت يفتح الباب واسعا امام التكهنات التي تقول إن المجلس سيتدخل بشكل أو آخر في تحديد الرئيس القادم ياتي ذلك في وقت بدأ الحديث عن خلافات داخل المجلس العسكري بخصوص هذا الشأن على أثرها تم استبعاد اللواء اسماعيل عتمان من المجلس بحجة وصوله إلى سن المعاش, وهو الذي صرح في وقت سابق بأن الجيش سيسلم السلطة على طبق من ذهب للرئيس القادم وأنه لا وضع مميز للجيش في الدستور القادم.