4 شعبان 1433

السؤال

أخي ما شاء الله عليه، حافظ للقرآن، وممتاز في دراسته، وكلُّ شيء فيه طيِّب، إلا أنَّه كثير الخصام للنَّاس، ولا يعرف الصَّحيح من الخطأ، أرجوك أن تردَّ عليَّ، ضروري.

أجاب عنها:
سعد العثمان

الجواب

الحمد لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه...
ألخِّصُ لك - أخي الفاضل - جواب استشارتك في النِّقاط الآتية:
أولاً: أشكرك على ثقتك، بموقع المسلم، ومتابعتك له، ونسأل الله - عزَّ وجلَّ - أن يجعلنا أهلاًّ لهذه الثِّقة، وأن يجعلَ في كلامنا الأثر، وأن يتقبَّل منا أقوالنا وأعمالنا، وأن يجعلها كلَّها خالصة لوجهه الكريم، وألا يجعل فيها حظَّاً لمخلوق..آمين.
ثانياً: أنت تذكر – أخي الحبيب - أنَّ أخاك حافظٌ لكتاب الله، وحريص على دراسته وتفوُّقه، وفيه كثير من الصِّفات الطَّيبة؛ إلا أنَّه شديدُ الخصام، ولا يعرف الخطأ من الصَّواب.
لا تقلق " كلُّ مشكلة لها حلٌّ "، فأخوك ليس الوحيد والفريد في هذا الزَّمان، الذي يتصف بما ذكرت من محامد ومثالب، فكلُّ البشر – إلا من رحم ربُّك - فيهم صفات حسنة وأخرى سيئة، وعلى الإنسان أن يحمد الله على ما آتاه من خلق حسن، وأن يدعو الله أن يبعد عنه الأخلاق المذمومة.
ثالثاً: قال الشَّاعر: عن المرءِ لا تسلْ وسلْ عن قرينِه فكلُّ قرينٍ بالمقارنِ يقتدي
أرى أن تبحث لأخيك عن رفقة صالحة، ذوي أخلاق عالية، وصفات حميدة، فهذا سبيل وطريق لأن يتحلَّى أخوك ويأخذ من صفاتهم وأخلاقهم وسلوكيَّاتهم، فمن صادق الكريم تعلَّم الكرم، ومن صادق الحرَّ الشَّريف تعلَّم العفَّة والإباء والأنفة، ومن صادق الحليم تعلَّم الهدوء والأناة والرَّويَّة.
رابعاً: قالوا في المثل: " المجالس مدارس ".
ولذلك أنصحك بأن تصطحب أخاك معك إلى مجالسك مع الرِّجال، وتجعله يجالس ويشارك برأيه في الحوارات والمناقشات التي تجري في مجالس الرِّجال، وانتق من مجالس الرِّجال أجودَها وأحكمها وأحلمَها، فهذا سبيل آخر لك لأن تعالج أخلاق أخيك السَّيئة، فإنَّه سيسمع ويرى ويشاهد في مجالس الرِّجال أخلاق الرِّجال ومواقفهم، فيدعوه ذلك إلى حبِّ الأخلاق العربيِّة الإسلاميَّة الأصيلة، ونبذ الأخلاق المشينة الرَّذيلة.
خامساً: قالوا في المثل: " التِّكرار يعلِّم الشُّطَّار ".
لا تكل ولا تمل من دوام نصحه، ولفت نظره إلى خلقه السَّيئ، وليكن ذلك بعد فترة من تصرُّفه، وتخيَّر الوقت والمكان المناسب لنصحه، وإيَّاك من نصيحته وهو غضبان، أو نصيحته أمام النَّاس، أو تعنيفه أمام أهلك وإخوتك وأخواتك، حتَّى ولو كنت أكبر منه سنَّاً، فلربَّما أخذته العزَّة بالإثم. ونوِّع النَّاصحين له، ولا تكن وحدك السَّاحة، مرة أنت، ومرة أمك، ومرة أختك..
سادساً: قالوا في الحكمة: " العلم بالتَّعلُّم، والحلم بالتَّحلُّم ".
كلِّف أخاك ببعض المهمَّات، وعوِّده على أن يأخذ القرار المناسب، وإذا أخطأ في شئ نبِّهه وقوِّمه بلطف، واعتمد عليه في قضاء بعض المصالح، من أجل أن يتعلَّم الخطأ من الصَّواب، ويعرف ما ينفعه وما يضرُّه، ولكن عليك بالتَّدرُّج في التَّعليم، فابدأ بتكليفه بأمور صغيرة، ثمَّ بالمتوسطة، ثمَّ بالكبيرة؛ عندما تجده قد عقل ورشد، وعرف عزائم الأمور.
ثامناً: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن، يقلِّبهما كيف يشاء) رواه مسلم.
وقلب أخيك تحت قدرة الله وإرادته ومشيئته، فعليك بالدُّعاء له بظهر الغيب، أن يهديه الله تعالى لأحسن الأخلاق والأعمال، وأن يصرف عنه سيئ الأخلاق والأعمال، واطلب الدُّعاء له ممَّن تتلمَّس منهم الصَّلاح والتُّقى، واطلب من والديه أن يدعُوَا له بصلاح دينه وخلقه وسلوكه.