أحداث الاحتساب في الجنادرية وتداعياتها
27 ربيع الأول 1433
محمد لافي

أثار مهرجان الجنادرية بالرياض وما تضمنه من منكرات ومظاهر مخالفة للتعاليم الدين الإسلامي حفيظة الغيورين من العلماء والدعاة والمحتسبين، فدفعهم ذلك إلى المسارعة إلى بالوقوف في وجه هذه المنكرات والمبادرة إلى إنكارها والتحذير منها، خاصة وأن دماء المسلمين تسفك على مقربة عن هذا البلد الآمن ويتخطف الناس من حوله.

 

وكان من هذه المواقف أن توجه عدد من المحتسبين للحضور إلى موقع المهرجان لمقابلة مسؤوليه وإبداء بعض الملاحظات عما يجري داخل قرية الجنادرية ومنها اختلاط الرجال بالنساء وارتفاع لأصوات الغناء ورقص وسفور من بعض النساء.

 

إلا أن محاولة المحتسبين لدخول الجنادرية ومقابلة مسؤوليه وافقت الأيام الأخيرة للمهرجان والتي خصصت للعائلات دون الشباب، الأمر الذي منح للمعنيين بأمن المهرجان مبرراً لمنعهم من الدخول.

 

وقد استوقفت الجهات الأمنية ثمانية من المحتسبين لأخذ أقوالهم بشأن التجمع، ونقلوا لقسم شرطة الحمراء قبل أن تتم إحالتهم لهيئة التحقيق والادعاء العام، حيث تم أخذ أقوالهم وصدرت توجيهات بالإفراج عنهم. فيما سُمح لبعضهم بالدخول ومقابلة المسؤولين.

 

وأفادت بعض المصادر أن المحتسبين الذين من بين من تم الإفراج عنهم هم: الشيخ فهد القاضي، والشيخ فوزان الفوزان، والشيخ بلال الفارس.

 

ثم تجددت مساعي المحتسبين للدخول للمهرجان لإنكار بعض المخالفات وذلك ليلة الخميس التي تشهد حضورا غفيراً لزوار المهرجان، إلا أن الجهات الأمنية المختصة منعتهم من الدخول بنفس المبرر السابق كون ذلك اليوم من الأيام المخصصة لزيارة العوائل.

 

وذكرت مصادر صحفية أن قوات الأمن ألقت القبض على أكثر من 50 من المحتسبين الذين تواجدوا ذلك اليوم أما البوابة محاولين الدخول.

 

ويبدو أن مجرد تجمع المحتسبين عند إحدى البوابات وإبداء رغبتهم في مقابلة المسؤولين لم يكن ليشكل تجاوزاً لدى الجهات الأمنية، لكن وجودهم صادف تجمع لأعداد من الشباب الراغبين في الدخول للمهرجان، أدى لنشوب نوع من الفوضى مما دفع برجال الأمن لإيقاف عدد من المحتسبين بحجة أنهم السبب وراء ما جرى.

 

وتبذل السلطات السعودية سواء من رجال الأمن أو من أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جهوداً لمنع دخول الشباب إلى تجمعات العائلات وذلك للحيلولة دون مضايقتهم للعوائل في مثل هذه المناسبات.

 

إلا أن الأيام الأخيرة للمهرجان والتي خصصت للعوائل شهدت حضوراً لافتا للشباب الذين تمكنوا من الدخول للقرية الجنادرية سواء بتسور الحواجز الخارجية للقرية أو التسلل وسط العوائل عند البوابات.

 

ويحاول البعض لاسيما من التيار الليبرالي التقليل من شأن هذه المنكرات، وينكر البعض الآخر وجودها من الأساس فقد نفى مدير المركز الإعلامي بالمهرجان ما تردد عبر بعض المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام حول وجود بعض الظواهر والممارسات السلبية في المهرجان الوطني للتراث والثقافة "الجنادرية" وما تردد عن وجود رقص وسفور بين".

 

إلا أن الزائر لمهرجان الجنادرية، سوف يلحظ على الفور الازدحام والتواجد الكبير للرجال والنساء في أماكن مشتركة خاصة في المعارض والأركان التراثية واستياء أولياء الأمور من تواجد الشباب وسط العوائل.

 

كما أن أصوات الغناء تعلو في أرجاء القرية من خلال شاشات كبيرة ومكبرات الصوت، والتي تشيع بدورها جواً من الانفلات يظهر أثره واضحاً لدى بعض الشباب في رقص وصراخ هستيري، وتزامن ذلك مع أداء الصلوات في المصليات كما يظهر أثر ذلك أيضاً لدى بعض النساء على شكل تمايلات ورقصات على أصوات الغناء.

 

وقد انبرى لمثل هذه المخالفات والمنكرات عدد من العلماء الأفاضل الذين أخذتهم الغيرة على دين الله فحذروا من تفشي هذه المنكرات ومن الاستهانة بها، منبهين إلى ما يترتب على ذلك من عواقب.

 

فقد بادر فضيلة الشيخ ناصر العمر المشرف على موقع المسلم باستنكار ما يحدث في الجنادرية من رقص ولهو لا يتناسب ونزيف الدم الحادث في سوريا واعتبر ذلك تناقضاً عجيباً.

 

وربط فضيلته بين هذا الأمر وقوله تعالى: "فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم.."،

 

واستغرب اجتماع الأمر بالاستسقاء والتوصية بالتوبة والاستغفار مع ما قال عنه فسق ومنع للعلماء من دخول المهرجان لنصح الناس بل وإيقاف للمحتسبين".

 

وناشد الداعية الشيخ عبد العزيز الطريفي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز عضو مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني إلى وقف ما يحدث بمهرجان الجنادرية من فعاليات تصاحبها عزف للموسيقى ورقص من الجنسين وغير ذلك مما يشاهد من السفور من قبل بعض النساء الزائرات للمهرجان.

 

واستغرب أن يحدث ذلك ودماء المسلمين تسفك من حولنا إشارة إلى الأوضاع الدامية في سوريا دون أي مخافة لله أو إحساس بمشاعر الأمة وجعل ذلك الفعل محاربة لله ولمشاعر الامة.

 

وفي تسجيل صوتي لفضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر البراك انتقد مهرجان الجنادرية وما يجري فيه، واصفا هذا المهرجان بأنه عيد جاهلي ليس يوم واحد وإنما أيام، تنفق عليه الأموال الطائلة ويستقدم للحديث فيه عناصر منها المعروفة ومنها المشبوهة. ويفتح فيه به الباب للغناء واختلاط الرجال بالنساء.

 

وكان ممن أنكر بشدة ما احتواه المهرجان من منكرات, الأمير نايف بن ممدوح عضو الهيئة العالمية للتعريف بالرسول صلى الله عليه وسلم ونصرته الذي قال على حسابه في تويتر أنه يبرأ إلى الله مما يحدث من منكرات في مهرجان الجنادرية، معتبرا أن الواجب على الجميع تقوى الله والتوبة من ذلك ومن كل مايسخط الله, و بذل الجهد والنصيحة أكثر.

 

وقال أن أحد المشاهد المصورة لما يجري في المهرجان قد أبكاه, مستغرباً أن يكون هذا الضياع في بلاد الحرمين ومنبع العقيدة وقبلة المسلمين"

 

وعلق فضيلة الشيخ ناصر العمر المشرف على موقع المسلم في إحدى تغريداته ، متسائلا "هل يستطيع المسؤول في(الجنادرية) الذي كذب الشيخ عبدالعزيز الطريفي ووصفه بـ(الصفاقة) أن يكذب الأمير نايف بن ممدوح أو يصفه بذلك؟

 

كما أكد الدكتور عبد العزيز بن فوزان الفوزان أن المنكرات في مهرجان الجنادرية وموثقة بالصوت والصورة، ويشهد عليها الكثير من الناس ممن حضروها أو صوروها.

 

وبين أنه لا يجوز السكوت على هذا المنكر، مبديا تعجبه  من استمرار هذا المنكر مع الدعوة لصلاة الاستسقاء التي هي إعلان للتوبة والانخلاع من جميع الذنوب والمعاصي.

 

ووجه دعوة للجهات الرسمية ولعامة الناس إلى ضرورة معالجة الأمور بالحكمة وحسب الضوابط الشرعية .