29 رجب 1433

السؤال

أنا متزوجة من خمسة أشهر، وفي أول شهر زواج حدثت مشكله بين أهلي وزوجي، لأننا لم نزر أهلي أول أيام العيد، وزرنا أم زوجي للأضحية، علماً أن أمي هي من طلبت مني عدم الحضور في اليوم الثاني من أيام العيد لأنها كانت مشغولة، فأخرت زيارتي لها إلى اليوم الرابع، فتحدثت مع زوجي بأسلوب سيئ، ومع ذلك التزمنا الصمت، وحين أردنا الانصراف تصدى لنا زوج أختي ورفض أن يفتح لنا الباب، وقام بضربي علي وجهي، فتدخل هنا زوجي فحصلت شجار بينه وبين زوج أختي وأبي وقاموا بضربه، فوصل بهم الأمر إلى أن يشتكوا للشرطة، وبعد فتره تم التنازل، إلا أنني لم أكلمهم، وعلم بعد ذلك زوجي بأنه محكوم عليه بشهر حبس، فاشتكاهم ثانية للشرطة، وحاولت أن أتدخل لحل المشكلة، فطلبت من أهلي الصلح والتنازل عن القضية، ولكن أمي صممت على أن تفصل بيني وبين زوجي وتثير بيننا المشاكل، إلى أن وصل بنا الحال إلى أن يفكر زوجي بطلاقي، ويخيرني بينه وبين أهلي، وأنا أحب زوجي وأكره الانفصال عنه فما الحل؟

أجاب عنها:
صفية الودغيري

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: أختي السائلة الكريمة، أنوه بجهودك في التواصل مع موقع المسلم للحفاظ على العلاقة التي بينك وبين أهلك وبينك وبين زوجك، وأسأل الله أن يوفقني إلى مساعدتك.
أما عن مشكلتك فتتلخص في أمور منها:
- حياتك مع زوجك في أول منعطفها التاريخي تتعرض لمشكلة لستما السبب فيها
- الإهانة لشخصك ولزوجك في أول مناسبة عيد، وتضخيم المشكلة لتتحول لخصومة وشجار وضرب، وقضية طلب رد الاعتبار والشكاية في قسم الشرطة، والحكم بالسجن على زوجك.
- معاناتك النفسية وترددك في تحديد مصير علاقتك بزوجك وأهلك، وأيهما تختارين، وكلاهما له مكانته في قلبك.
- تعرض حياتك الزوجية لعاصفة تهددها بالطلاق، بسبب تدخل الأسرة، وتحكمها في علاقتك بزوجك، وإثارتها للمشاكل والأحقاد والكراهية بينكما.
أما الحلول التي أقدمها لمشكلتك فتتلخص في أمور أساسية وهي:
أولا: عليك أن تعلمي بأنك في مرحلة تأسيس أركان بيت الزوجية، وتثبيت دعائمها، وهذا يحتاج منك لطاقة من الصبر والتحمل والمجاهدة لتهنئي بحياة زوجية سعيدة.
ثانيا: حاولي أن لا تقحمي نفسك في الخلافات التي تجري بين زوجك وأهلك، وتُعَرِّضي حياتك الزوجية للانهيار، ولا تميلي كل الميل لطرف وتجوري على الطرف الثاني، بل اعملي على التوفيق بين كل الأطراف واحتوائهم جميعا، والتأليف بين قلوبهم، وتصفية نفوسهم، والسعي لإشاعة المودة والرحمة والمحبة بينهم.
ثالثا: احْرِصي على مراعاة مشاعر أهلك وزوجك معا، وأن تتجنبي ما يغضبهما معا، وتتودَّدي إليهم جميعا، بالهدية والكلمة الطيبة والثناء عليهم، وإكرامهم، واغتنمي المناسبات السعيدة، والأعياد، لتَصِلي أهلك، وتكسبي رضاهم، ولكن ليس على حساب رغبات زوجك وطاعته، وحفظ كرامته وهيبته.
رابعا: أنت خرجت من بيئة معينة وأسرة تتميز بطباع وعادات قد تختلف عن طباع وعادات زوجك، فيجب عليك أن تراعي هذا الاختلاف، وكل الفوارق التي بينهم في الثقافة والأسلوب والتعبير والمعاملة، وتعْمَلي على تحقِّقي بينهم التقارب والتوافق في جوانب تشعرين بإمكانهم الانسجام من خلالها، لتجنُّب مواطن ومواقف المعارضة والمشاحنة والمصادمة، وكوني فطنة في حماية نفسك وزوجك من المشاكل قبل وقوعها، وأن تساعدي زوجك في اختيار الأسلوب والطريقة المثلى في التعامل مع أهلك، بما يحفظ كرامتهم وكرامته، واحترامه واحترامهم.
خامسا: ابتعدي عن تحكيم العواطف في حَلِّ مشاكلك، وقدِّمي الشرع أولا ثم العقل والحكمة، فالشريعة تخبرك أنه لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق , وأن زوجك لو كان مظلوما وكان صالحا وكان طلب الطلاق هو لمجرد الخلاف بينهما لايحق لأمك أن تطلقك منه على الراجح من كلام العلماء , وكوني شخصية واثقة من نفسها، قوية وشجاعة وجريئة في الحق، لا تخاف أو تخجل إلا من ارتكاب المعصية وما يغضب الله تعالى، وتذَكَّري بأنك الآن صرت زوجة، ولزوجك المقام الأول في الطاعة والرضى، وأنَّك صاحبة إرادة حرة وسلطة مستقلة في اتخاذ قراراتك بنفسك، واختيار الحياة التي اخترتها، والشريك الذي ارتبطت به، فلا حقَّ لأحد أن يحجر على حريتك المشروعة، أو يؤثر عليك أو يفرض وصايته عليك، ولو كانت أمك لا تسمحي لها بأن تقودك وتقود حياتك للسقوط والانهيار، وإثارة المشاكل والفتن بينك وبين زوجك، بل تصرَّفي وفق مصلحتك ومصلحة زوجك وبيتك، من غير أن تخسري أهلك ولا رضا أمك، بل أُحْكُمي بالعدل والمعروف وإعطاء كل ذي حق حقه.