29 شعبان 1433

السؤال

تزوجت قبل ما يقارب ٩ سنوات من فتاة اخترتها على غير أسس البتة؛ فقد تقدمت لأهلها بعد علمي بالموافقة المبدئية، من طبعي الخجل الزائد عن حده، لم تتح لي الفرصة لرؤيتها جيدا، وكان أخوها المسؤول لم يكن يريد ذلك، قبلت وكان هناك بعض الأحداث التي لم أكن أقبل بها لكنها لم تكن تؤثر على مشروع كهذا، وبحكم استيعابي لما يدور من حولي قبلت وأنا بكامل قواي العقلية.
الأمران المران اللذان تسببا لي بالمتاعب وانتكاسة في كل أموري هما: أن عمرها اكبر مني، الأمر الآخر وهو الأهم ليس فيها من الوسامة شيء أبداً وهذا هو سبب عدم قبولهم لنظرتي لها وحتى هذه اللحظة أحياناً لا أركز عليها بعض الأحيان أثناء جلوسنا مع بعض قد يقول قائل لماذا لم تطلق أو تتزوج من أخرى؟ أجيب عليه وأقول إن أموري المادية ضعيفة وإن زواجي هذا تم بالصعوبة البالغة والأمر الآخر وهو الأهم أنني شككت أن هذا هو الودم الذي يكون بين الزوجين الجدد وقلت ربما مع مرور الوقت يتحسن الحال ومع مرور كل هذا الوقت لم أطلق ولا استطيع أن أعدد المشكلة هي أنني وفي خلال السنوات الأول حدث لدي انقلاب تام في جميع أموري الدينية والدنيوية، قَلَّ ارتباطي بالله وأضعت صلواتي وضعف ديني فأصبحت لا أصلي إلا بالبيت جمع بلا قصر والمشكلة أنني ما زلت على ذلك ضاعت جديتي بالحياة فأصبحت أحس أنني بلا قيمة وأعيش ليومي فقط وقعت في عالم المكالمات والمغازل لكنني لم أتمادى به لأنني لم أجد ضالتي وخاصة أنه كله كذب بكذب عند مشاهدتي لزول امرأة يعجبني قدها أجلس ٣ أيام ونفسيتي في الحضيض لدي عضوية بجميع مواقع الزواج والطامة الكبرى التي لم أستطع الفكاك منها هو أنني مدمن مواقع إباحية ولهذا الأمر سببان السبب الأول وهو ما ذكرته بالأول والسبب الثاني هو جهل زوجتي بمسألة الجماع وهو أنها تعتقد أن الجماع خاص بالرجل فقط وما عليها إلا إن طلبها يجدها هذا هو فهمها للعلاقة الزوجية مع أني أوضحت لها ولكن لا حياة لمن تخاطب.. وللمعلومية علاقتي مع زوجتي أحسن بكثير من أي علاقة بين زوجين متحابين فالله يعلم أنني ألبي لها جميع مطالبها ولا أقصر معها بشي وكل مناسبة تحدث تكون هي أول الحاضرين.

أجاب عنها:
يحيى البوليني

الجواب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين أما بعد:
حياك الله أخي الكريم وأسال الله أن يجري الحق على ألسنتنا وقلوبنا وان يرضينا جميعا بما قسم لنا، كما نشكر لك أخي الكريم تواصلك مع موقع المسلم وثقتك به وبمستشاريه.
وبعد أخي الفاضل:
فكل إنسان منا تمر به لحظات فرح وسعادة ينسى فيها أو يتناسى آلامه، وتمر به كذلك لحظات حزن وغضب فيتذكر فيها كل ما يؤلمه دفعة واحدة، وليس يوجد إنسان في الكون لا تمر به مثل هذه اللحظات، ولكن المنهج القويم لكل منا أن نعلم انه لابد في لحظات الغضب والرضا أن نتوازن ونعدل فلا نبالغ في المدح إذا كنا راضين كما لا نبالغ في الذم والقدح إذا غضبنا.
ولاشك أن مسلك الغلو في المدح والذم وخاصة بين الزوجين مسلك يغذيه شيطاننا، حين يصور لنا أن علاقة الرجل بزوجته لم تمر يوما بلحظة سعادة عند غضبنا منها، فيتذكر حينها الزوج كل سوءاتها ومشكلاتها – التي لا تخلو منها زوجة ولا يخلو منها كل إنسان أيضا – فتتراكم عليه الهموم ويتصور انه وقع في براثن قبضة حديدية من الهموم يريد أن يتخلص منها.
هذا هو حالك أخي الكريم، فبعد عِشرة هذه السنوات وعند حدوث عارض كدر عليك صفو حياتك إذا بك تتذكر أنك لم تختر زوجتك عن قناعة ورضا، وأنها كانت بها عيوب كثيرة مثل فارق السن أو أنها ليست على مستوى الجمال الذي كنت تنشده، على الرغم من انك تعود وتذكر أن علاقتك بزوجتك على خير ما يرام وأنكما تعيشان حياة كأفضل من أي زوجين متحابين، وهذا يؤكد لي أنك تبالغ كثيرا في سرد مشكلتك وان المشكلة الطارئة عليك هي التي دفعتك لتذكر كل عيوبها مرة واحدة.
وأحب أن الخص كلمتي لك في نقاط:
- لم يكن الجمال الظاهري الشكلي يوما هو المعيار الوحيد لتقييم الزوجة، فهذا الجمال بالذات سرعان ما يعتاده الإنسان لدرجة انه قد لا يشعر به بعد فترة، لكن هناك أنواعا من الجمال لا تذبل، فجمال الخُلق وحسن المعاشرة والتلطف واللين وجمال طاعة المرأة لزوجها وحسن تبعلها له جمال لا يقدر بثمن ولا يشعر به إلا من حُرم منه، وكثير من الناس قد يندم كثيرا بعد فترة من اعتباره أن جمال الشكل هو المعيار الوحيد الذي اختار عليه زوجه، قد يندم لذلك الاختيار ويغبط كثيرا من انتبه لعوامل الجمال الأخرى، بل ويعتبر الزوج الآخر أكثر حظا وأعظم رزقا منه.
- لم يكن سن الزوجة دائما عقبة كأداء في علاقة الزوج بزوجته، فالمشكلة لا تكمن في السن عندما تحسن المرأة علاقتها بزوجها وتحترم رأيه وتقدره وتراعي زوجها في كل أحواله وتحترم أهله وتحسن تربية ولده وتقوم بدورها كزوجة ناصحة مخلصة، ولك في المثل الأعظم خير قدوة حيث كانت سيدة نساء العالمين أكبر من زوجها نبي هذه الأمة صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر عاما كاملة، ورغم ذلك لم يشعر نبينا صلى الله عليه وسلم بثمة مشكلة في ذلك، بل كان يعتبرها اقرب زوجاته إلى قلبه حتى بعد وفاتها لدرجة أن غارت منها اصغر زوجاته السيدة عائشة بدون أن تراها من كثرة ذكره لها.
- لقد علمنا ديننا الحنيف أن اللجوء للذنوب والمعاصي لن يكون يوما حلا للمشكلات، بل أؤكد لك أن فعل الصواب والتقرب من الله سبحانه هو الباب الذي يلتجئ إليه لدفع المضرات، ولكن شيطان الهوى هو الذي يصور للإنسان أنه حينما يكثر من الذنوب ويستغرق فيها سيفر من مشكلته ويعالجها، بل سيسخطه أكثر على واقعه ويتسبب في تعميق مشكلته أكثر فأكثر وسيكون كالمستجير من الرمضاء بالنار.
ولهذا يجب عليك التوبة من هذه الذنوب التي تقف حائلا بينك وبين الشعور بالسعادة، لأنك لن ترضى بزوجك ولن تقبل بها إذا كنت تتنقل في الحديث الهاتفي أو عبر الإنترنت أو تشاهد هذه المواقع المنحطة لهؤلاء النساء الفاجرات الممتهنات للمهنة القذرة، وبالتالي كيف تقبل بزوجتك في تلك اللحظة وأنت تقارنها بكل هؤلاء وتريدها أن تكون مثلهن؟!، وستجدها بلا شك لا تحسن أن تلبي لك تلك الرغبة التي تراها في هؤلاء النسوة، وبالتالي تدور أنت في حلقة مفرغة لن تستريح فيها أبداً حتى لو تزوجت أربعة نسوة دفعة واحدة.
- وتأكد أخي الفاضل أن للذنوب شؤما وآثارا، وأنها دوائر تتسع شيئا فشيئا، تضعف همتك للعبادات ابتداء ثم تجعلك تستثقل العبادة وتزهدك فيها وتجمع الصلاة على الصلاة، ولن تستمر على هذا فحسب، فستتسع الدائرة وربما تترك عبادتك بالكلية، وتقترب من كبائر الذنوب والمعاصي في تسلسل متتالي لن تخرج منه إلا بالانقطاع الكامل مرة واحدة، وتجرع ألم الابتعاد فترة قليلة اضغط فيها على نفسك والزم ذكر ربك واستعن به حتى تجد لذة في عبادتك له سبحانه تنسيك لذة المعصية السابقة، وستجدها بإذن الله أعظم حلاوة في قلبك من لذة المعصية.
- ومع ذلك حاول أن تتحدث مع زوجتك لشرح ما خفي عنها من أمور تحبها وتريدها أن تفعلها وعلمها واصبر عليها - إذا لم يكن فيما تطلب معصية لله سبحانه – فما ذنبها أن كانت سيدة فاضلة لا علم لها بهذه الأمور؟ ولا سبيل لها بمعرفتها إلا بتعليمك لها وتنبيهك إياها لكي تفعل ما تحب وتتجنب ما تكره، لأنه من الغريب أن يحب الرجل ويرحب بالفتاة البكر حين يشرع بالزواج، ويطالبها بعد ذلك أن تكون خبيرة في أمور لا تعلم عنها أي شيء حتى يعلمها هو، فان كانت مقصرة في ذلك فالتقصير يقع عليك قبلها لأنك لم ترشدها.
وفقك الله أخي الفاضل إلى طاعته والابتعاد عن معصيته كما أسأله أن يخلي قلبك من الشهوات المحرمة وان يرزقنا ويرزقك حبه وحب من يحبه وحب كل قول وعمل يقربنا إلى حبه.