23 صفر 1434

السؤال

أنا فتاه طالبة جامعية بكلية قمة وعلى مشارف التخرج، من أسرة طيبة متوسطة الحال ويشهد لي كل من يعرفني بالأخلاق الحميدة وحسن الخلق
وقد مَنَّ الله تعالى عليّ بالالتزام لكنني أرى في نفسي سوء وقبحا رغم أنني أتذكر قول الله تعالى: (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) وعندما أنظر إلى المرآة أشعر أن ذنوبي سودت وجهي، ولكنني كنت أتأثر بسهولة من أي منظر محرم لكن الله مَنَّ عليّ بأن هدأت نفسي واستكانت، وكلما جلست أرسم لنفسي خطة حياتي المستقبلية وجدتها خالية من صورة الزوج فأتألم، أنا أتحرق شوقاَ لارتداء النقاب والزواج طالبة العفاف والستر لكن طالت مدة انتظاري رغم صغر سني، أنا أتعذب ولكن الله رحيم بعباده وأرجو أن يجعلني منهم.

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

إن المرآة الحقيقية التي يجب أن ننظر إليها ليست المرآة التي تظهر صورنا وإنما هي مرآة الإيمان الذي يجب أن يملأ قلوبنا..
فتظهر المرآة قبيحة معتمة عندما يكون الإنسان بعيدا عن ربه تعالى، تاركا واجباته، مقصراً معه سبحانه، هاجراً لكتابه لكنها تظهر لامعة مضيئة عندما يكون الإنسان مواصلا حياة قلبه بربه خاشعا له محبا لكل ما يرضيه تعالى.
الأخت السائلة:
عليك أن تعلمي أنه لا توجد علاقة بين ارتباطك بالزواج بأي إنسان وبين شكلك وصورتك، فأنا أرى صورا كثيرة أمامنا لكثير من الفتيات كانوا يشعرن مثل ذلك الإحساس وكان اليأس مستوطنا في قلوبهن وقد أنعم الله عليهن بأزواج في غاية الخير والخلق وذلك ناتج من أن الجمال جمال الروح والطبع والدين والخلق.
وقد وضح النبي صلي الله عليه وسلم ذلك فقال" فأظفر بذات الدين تربت يداك " متفق عليه، ففي هذا الحديث وضح أن الجمال الذي ميز به الإسلام ليس أي جمال، فجمال المرأة المسلمة يغمر روحها ونفسها فينطبع على سلوكها وأخلاقها
فليست الصورة المزينة بمساحيق التزين هي التي تسعد زوجها، فكثير من النساء يتمتعن بالجمال لكن أزواجهن يعانون منهن أشد المعاناة.
فإن كنت تتمتعين - كما ذكرت - بذلك الجمال فذلك بابا من أبواب السعادة فقد قال النبي صلي الله عليه وسلم (ثلاث من السعادة وثلاث من الشقاء، فمن السعادة المرأة الصالحة تراها فتعجبك، وتغيب عنها فتأتمنها على نفسها ومالك، والدابة تكون وطيئة فتلحقك بأصحابك، والدار تكون واسعة كثيرة المرافق، ومن الشقاء المرأة تراها فتسوؤك وتحمل لسانها عليك، وإن غبت عنها لم تؤمنها علي نفسها ومالك، والدابة تكون قطوفا، فإن ضربتها أتعبتك وإن تركتها لم تلحقك بأصحابك، والدار تكون ضيقة قليلة المرافق) صحيح الجامع.
وعليك أن تعلمي أن السعادة أيضا تملأ القلب عندما يكون العبد قريبا من ربه أما الحزن والكرب والهم والوحشة فتملأ القلب البعيد عن ربه تعالى.
وأراك ذكرت كلمة من كلام الله تعالى في رسالتك وهي (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) وهذا معناه أنك مدركة ومؤمنة بأن الله تعالى خلقك في أحسن صورة ولكن الشيطان لعنة الله عليه يحارب ذلك الإيمان داخلك فلا تستسلمي لمكائده.
وأما عن تأثر نفسك بالمناظر، فعليك أن تفرغي تفكيرك وعقلك بعيدا عن كل ما يثيرك واشغلي نفسك بكثرة المذاكرة والقراءة وخاصة قراءة القرآن الكريم وذكر الله، وبعض الكتب الهادفة أو تفرغي طاقتك في مساعدة والدتك في أشغال وأعمال البيت حتى لا تتركي وقتا لدخول الشيطان عليك وأيضا عليك بالإكثار من الصوم فذلك يعد حصن لك وجنة.
أيضا قد علمت من رسالتك أنك طالبة جامعية بكلية قمة وهذا يوضح أنك تتمتعين بعقل وذكاء فلا ينبغي أن تستخدمي ذلك العقل والذكاء في أفكار هي أقل منك، وعليك بالأمل فيما عند الله تعالى، فلا تنظري للحياة من خلف نظارة سوداء فإن كنت تشعرين بالتقصير تجاه ربك وبكثرة الذنوب فباب التوبة مفتوح لكل عباد الله كل ليلة فيغفر لمن يستغفره ويعطي من يسأله فعليك أن تكثري من الاستغفار فالنبي صلي الله عليه وسلم كان يتوب في اليوم مائة مرة وهو النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وبجانب الاستغفار لا تتركي الدعاء لله تعالى بأن يذهب عنك ذلك الهم ويبدلك الفرح والسعادة التي تبحثين عنهما.
واعلمي أنه "من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب" فتقوى الله تعالى تفتح لك كل باب مغلق.
وإن كنت تحلمين وتشتاقين للبس النقاب فلا تحرمي نفسك من ذلك الحلم فسارعي بارتدائه.
وأما حلمك بالزواج فذلك الحلم ليس ببعيد عنك غن شاء الله، فكل شيء بقدر فإنك كما ذكرت تتمتعين بالأخلاق الحميدة وهذه شهادة من حولك وأسرتك أسرة طيبة وهذه صفات تجمل صاحبتها وهي أهم ما يبحث عنها الزوج الصالح فمنك الدعاء لله تعالى فسبحانه قريب مجيب الدعاء ولا يرد عباده المخلصين فليكن وجهك بشوش دائما مبتسم، وتجملي بحسن الظن بالله تعالى فإنه سبحانه عند ظن عبده به.