17 شوال 1434

السؤال

السلام عليكم, تعرفت بإنسانة، هي أخت لصديق، وزميلة في العمل في الوقت ذاته. بدأ يحدث بيننا كلام ، حتى تكلمت مع أخيها وصارحته، فوافق على أن نتحدث حتى أنوي الخطوبة، وكنا نتكلم ونخرج.
وهذا كان من وجهة نظر أهلي غلط شديد، وغير مقبول. مما جعلهم غير متقبلين للبنت من البداية، ولكني خطبتها. ولكني دائما كنت غير راضٍ عما فعلت، لإحساسي بانعدام الأصول والقيم والإرشاد في هذه الأسرة.
ولصراحة خطيبتي أنها كان لها بعض العلاقات قبلي، وبعلم أهلها، ولكني أكملت لأني كنت قد تعلقت بها، ولأنها وأهلها كانوا دائمًا يحيطون بي، من أجل إتمام الزواج، وكأنهم يقولون لي: بأنك مهما حاولت لن نعطي لك فرصة لتفسخ، مع علمهم بعدم تقبل أمي لبنتهم.
ولكني كنت دائم الاقتناع أننا أكيد لن نكمل لعدم ارتياحي، والذي كان يتسبب في كثير من المشاكل الصغيرة والكبيرة، حيث كنا نتعصب على بعضنا، وأحيانًا نغلط في بعض. حدث بيننا ما لا يرضي الله (مع كونها بنت). وندمنا كثيرًا وعدنا للمعصية مرة أخرى، ولكننا استطعنا في النهاية إيقاف هذا الخطأ.
ولكن أيضًا كان ينتابني إحساس دائم: هل هذا أيضًا حدث مع من كان قبلي؟!، أنا فسخت الخطوبة لإحساسي بعدم الارتياح، ولكنها إحقاقًا للحق كانت تحاول إرضائي، ولها كثير من المميزات (الصبر والحب والإخلاص والوقوف بجانبي في كل الأوقات).
فهل لها حق عندي، وعلي أن أتمم الزواج لما حدث بيننا؟، الفسخ حصل من شهر ونصف. وهي كانت تحاول معي للعدول عن قراري، ولكني كنت أرفض، ولما توقفت عن الكلام بدأت أشعر أني محتاج لها، ولا أستطيع أن أتخيل أنها مع إنسان آخر، ولا أن أخطب غيرها، لأن هذا قد يتسبب لها في صدمة شديدة.
أهلي لديهم إصرار أننا لو تزوجنا ستكون حياة غير سوية. أرجوكم سرعة الإجابة لاحتياجي الشديد للمساندة، واتخاذ القرار. شكرًا.

أجاب عنها:
همام عبدالمعبود

الجواب

أخانا الحبيب:
السلام عليكَ ورحمة الله وبركاته، وأهلا ومرحبا بكَ، وشكر اللهُ لكَ ثقتكَ بإخوانِكَ في موقع (المسلم)، ونسأل الله (عز وجل) أن يجعلنا أهلا لهذه الثقة، آمين.. ثم أما بعد:
الإسلام دين عظيم، نزل من لدن حكيم خبير، وهو رب العالمين، وخالق البشر أجمعين، وهو سبحانه الذي يعلم ما يضرهم وما ينفعهم، وقد أنزل عليهم كتبه وأرسل إليهم رسله، ليستقيموا على منهجه سبحانه وتعالى، وقد وعد من استقام بالسعادة في الدنيا قال تعالى: {وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا} [الجن/ 16]. ووعد الذين انحرفوا عن منهجه وخالفوا هديه بالعذاب والثبور قال تعالى: {...وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} [الجن/ 17].
والإسلام دين واقعي، لم يأت لمحاربة الغرائز والشهوات، وإنما لتهذيبها وترشيدها ووضعها في الإطار الشرعي والصحي والسليم، وهو الزواج، فقال صلى الله عليه وسلم مخاطبة قطاعًا مهما من أمته وهو الشباب: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء). والحديث في الصحيحين.
ومن خلال قراءتي لرسالتك – أخي الكريم – اسمح لي أن أقف معك عند بعض الكلمات التي ورد على لسانك في رسالتك مثل قولك: "بدأ يحدث بيننا كلام " وهي بداية غير جيدة، بل إنها مدخل من مداخل الشيطان، حيث يستدرجه إلى ارتكاب المعصية، شيئًا فشيئًا حتى يوقعه في الفاحشة، وهو ما بان من قولك: "حدث بيننا ما لا يرضي الله"، وهنا تظهر لنا حكمة الشارع سبحانه وتعالى، وعظمة الإسلام في تحريم الاختلاط وإقامة العلاقات بين الجنسين إلا عبر الجسر الوحيد المشروع وهو الزواج، حيث يلعب الشيطان بالشباب إلا من رحم ربي، وقد ورد في رسالتك ما يؤكد هذا حتى بعد التوبة والإحساس بالخطأ حيث قلت: "وعدنا للمعصية مرة أخرى".
والحقيقة أنني ألومك لأنك عشمتها في الزواج، وأنت تعلم من البداية أن أهلك سيرفضون وهو ما أكدته بقولك عنهم: "مما جعلهم غير متقبلين للبنت من البداية"، وقولك "كنت غير راضٍ عما فعلت، لإحساسي بانعدام الأصول والقيم والإرشاد في هذه الأسرة"، فبماذا ارتبطت بها إذن طالما أن هذا موقف أهلك فضلا عن إحساسك.
كما أتعجب من ارتباطك بها وأنت تقول: "كنت دائم الاقتناع أننا أكيد لن نكمل لعدم ارتياحي"، وأنت تعلم "أنها كان لها بعض العلاقات قبلي، وبعلم أهلها"، وهو ما زرع الشك بداخلك من جهتها لدرجة أنك كنت تتساءل: "هل هذا أيضًا حدث مع من كان قبلي؟!"، ولا يبرر هذا قولك "كنت قد تعلقت بها"، فالزواج أخي الكريم أمر في غاية الأهمية، والاختيار قرار مصيري، تتوقف عليه سعادتك.
أما عن سؤالك: هل لها حق عندي، وعلي أن أتمم الزواج لما حدث بيننا؟، فأنت فقط الذي تستطيع الإجابة عليه، لأنك وحدك – بعد الله عز وجل- الذي تعلم حقيقة وحدود ما حدث بينكما، فإن كان كما وصفت , فهو ذنب لايستهان به وعليكما التوبة والاستغفار والندم , وبالعموم وبعد وصفك فإن دينك يأمرك أن تتزوج صاحبة الدين , وهو مالايبدو من تلك الفتاة التي تتحدث عنها , خصوصا وقد زادت المشكلات بينكما ,فضلا عن رفض أهلك , فلا هي صلحت لك دينا ولا دنيا , لذلك فإنني أنصحك بعدم الزواج بها، وأن تتركها وشأنها، فالله أرحم بها منك، وسيرزقها الله بمن تستحقه ، وسيرزقك إن أنت تبت واستغفرت وندمت ولجأت إلى ربك بمن هي أفضل منها، خاصة وأنك تؤكد أن "أهلي لديهم إصرار أننا لو تزوجنا ستكون حياة غير سوية".
وقبل الختام، فإنني أحذر أبنائي وبناتي من مخالفة هدي رب العالمين، والسير في طريق إغواء الشيطان، فإن الشيطان يترصد بكم ليغويكم، ويبعدكم عن نهج ربكم، فاتقوا الله في أنفسكم، واتقوا الله في أهليكم، واتقوا الله بنات المسلمين، وشباب المسلمين، واعلموا أن الأمر جد لا هزل فيه، وأن الزواج هو الطريق الوحيد للتنفيس المشروع عن شهواتكم ورغباتكم، فإن لم تملكوا الباءة فعليكم بالصوم فإنه لكم وجاء وحماية من الوقوع في المعاصي.
وختامًا؛ نسأل الله (عز وجل) أن يغفر لك ما كان منك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يختار لك الخير، ويقدره لك، كما نسأله سبحانه أن يصرف عنك كيد الشيطان ومكره.. اللهم آمين.. وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.