انتخابات الجزائر .. وتأثير ما بعد الحدود!
15 جمادى الثانية 1433
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

تجري الانتخابات البرلمانية في الجزائر والمقررة في 10 مايو الجاري في أعقاب 3 ثورات عربية أطاحت بأنظمتها فيما تشهد دول مجاورة حالة من الحراك وعدم الاستقرار وهو ما يجعل هذه الانتخابات تكتسي أهمية كبيرة، بل تتجاوز أهميتها حدود القطر الجزائري لتشمل منطقة المغرب العربي والبلدان العربية والإسلامية ككل.

فعلى مدار عام كامل أو يزيد سقطت ثلاثة أنظمة استبدادية في البلدان المجاورة هي تونس، ثم مصر ثم ليبيا، فيما أجرت المغرب إصلاحات سياسية كبيرة، وهو ما جعل المراقبون يرون أن النظام الجزائري استبق موجة جديدة من الربيع العربي واتجه لإجراء انتخابات كبديل تعويضي عن الثورة، فرغم ما عرفته الجزائر طيلة السنة والنصف سنة الأخيرة من احتجاجات، نجحت النخبة الحاكمة في استيعابها وإحباط أي ثورة ممكنة كما حدث في دول الربيع العربي.

 

واتخذت الحكومة بعض الخطوات للحد من القيود السياسية، ورفعت حالة الطوارئ المستمرة منذ 19 عامًا، وسمحت بتشكيل أحزاب سياسية جديدة للمرة الأولى منذ أكثر من عشر سنوات.

 

وبحسب المراقبين فإن الانتخابات الجزائرية مناسبة لا مثيل لها، لتيسير مصالحة بين السلطة الجزائرية وشعبها وانجاز تحول جوهري في الحكم نفسه، من خلال إجراء تغييرات عميقة في أجهزة الدولة، وتحسين الأوضاع الاجتماعية والإسراع في تنظيم علاقات عادية وديمقراطية بين السلطة المركزية والشعب الأمازيغي مع وضع حد لسياسة تهميش المنطقة القبائلية.

 

وتتزامن هذه الانتخابات مع صعود النخب الإسلامية في تونس والمغرب ومصر، وحتى ليبيا من منطلق أن المجلس الذي يدير شؤون البلاد حاليا أغلب عناصره ذات توجهات إسلامية، وهو ما يعني أن الانتخابات التشريعية الجزائرية ستجرى في وقت يغلب عليه ربيع الإسلام السياسي مغاربيا وعربيا.

 

كما تأتي انتخابات الجزائر في وقت ازداد تدهور الوضع بالمحيط الجزائري في الفترة الأخيرة مع محاولة الانقلاب في مالي والمكاسب الإقليمية التي حققتها قوات الطوارق وهو ما يشكل خطرا مباشرا على سلامة الجزائر التي تتميز بثقل جغرافي وديمغرافي وسياسي.

 

وفيما يتعلق باحتمالية فوز الأحزاب الإسلامية في الجزائر على غرار نظائرها في دول الربيع العربي، فيتوقع المحللون أن تعارض شريحة واسعة من العلمانيين في المجتمع الجزائري بشدة تولي الإسلاميين السلطة، وهو ما قد يهدد بحدوث اضطرابات داخلية قد تنعكس على واقع المنطقة المغاربية بأكملها الذي يعاني بالفعل من توترات في مالي وازدهار لنشاط تنظيم القاعدة في بلاد المغرب.

 

وقد دعا تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، الجزائريين للثورة على النخبة الحاكمة، ومقاطعة الانتخابات البرلمانية، واصفًا الانتخابات بأنها "إصلاحات شكلية"، كما توقع التنظيم أن "تقوم الحكومة بتزوير الانتخابات من أجل عدم وصول الإسلاميين الذين من المفترض أن يبلوا بلاء حسنا، مدعومين بمكاسب حققها إسلاميون في دول أخرى بشمال أفريقيا، بعد الانتفاضات الشعبية."

 

ورغم تشتت الأحزاب الإسلامية وتشكك العلمانيين في تحقيق فوز كبير لها فيبدو أن الظروف مواتية لتحقيقها مكاسب كبيرة ، في وقت يجب أن تكون السلطة الحاكمة بزعامة عبد العزيز بوتفليقة صادقة في إجراء الإصلاحات الديمقراطية التي وعدت بها كي لا تصبح هذه الانتخابات الشعلة التي تفجر الوضع داخل الجزائر بل والمنطقة المغاربية بأكملها وتدخلها في دوامة قد تكون دامية.