هل يصل الربيع العربي إلى موريتانيا؟!
26 جمادى الثانية 1433
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

حالة من التجاذب وبوادر صدام بدأت تلوح في الأفق مؤخرا بين المعارضة والسلطة في موريتانيا، فالأولى تطالب برحيل النظام، والثانية تتهم معارضيها بالسعي للفوضى في سيناريو أشبه بماحدث في دول الربيع العربي التي أطاحت شعوبها بنظمها الاستبدادية ، لكنه يثير التساؤلات بخصوص إمكانية وصول هذا الربيع إلى موريتانيا.

وتطورت هذه الحالة من الصدام منذ نحو يومين عندما اتهم مسعود ولد بلخير، رئيس الجمعية الوطنية في الجلسة الافتتاحية للبرلمان منسقية المعارضة ب“إثارة الفوضى والفتنة في موريتانيا لإسقاط نظام الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز"، تبعه انسحاب نواب المعارضة من الجلسة وكلهم تصميم على إسقاط النظام الموريتاني.

 

وبحسب نواب منسقية المعارضة التي تضم 10 أحزاب فإنهم انسحبوا من جلسة البرلمان احتجاجاً على مضمون خطاب رئيس البرلمان، وأوضح النائب الإسلامي المعارض محمد جميل ولد منصور، أن تصرفات القائمين على السلطة تؤكد "أنهم هم الذين يسعون للفوضى والتخريب من خلال قمعهم للاحتجاجات السلمية في العديد من مناطق موريتانيا، وداخل مؤسسات التعليم العالي" .

 

وجاءت تصريحات نواب من المعارضة منددة بخطاب مسعود الذي كان يجب أن "يوجه سهامه إلى النظام أو الجهات التي تقمع الحريات وتعطل المؤسسات الدستورية وتنهب الثروة في وضح النهار"، بحد قولهم ، مبدين إصرارهم على إسقاط النظام.

 

 وبعد هذه الإدانات، عاد مسعود ولد بلخير، ليقول إن خطابه لم يكن يهدف من خلاله للإساءة للمعارضة، لكنه تحدث مرة أخرى عن الفوضى والعنف، مشيرا إلى أنه لن يقبل ب"الثورة" التي تدعو لها المعارضة.

 

كما سار نواب الأغلبية الحاكمة بموريتانيا على نهج ولد بلخير، معتبرين أن انسحاب نواب المعارضة كان مبرمجا في الأصل ضمن حملتهم التصعيدية ضد النظام.

 

وولد عبد العزيز هو ثامن رئيس لموريتانيا منذ الاستقلال وسادس رئيس عسكري منذ إطاحته في انقلاب عسكري في 6 أغسطس 2008 بالرئيس محمد ولد الشيخ عبد الله بعدما قام الأخير بإصدار قرار رئاسي بخلعه من رئاسة الحرس الرئاسي، فانتفض جراء القرار وقام بوضع الرئيس تحت الإقامة الجبرية.

 

ورشح نفسه للانتخابات الرئاسية التي أجريت يوم 18 يوليو 2009 وهي الأولى بعد الانقلاب العسكري الذي قاده، واستطاع أن يحقق النجاح بها بعد حصولة على 52.58% من الأصوات، وسط اتهامات من المعارضة له بتزوير الانتخابات وعدم اعترافها بالنتائج النهائية.

 

وتعتبر تنسيقية المعارضة أن الرئيس ولد عبد العزيز "فقد كل شرعية لأنه تنكر لالتزاماته في إطار اتفاق دكار، حيث رفض الحوار الذي ينص عليه هذا الاتفاق واختار طريق التسلط والحكم الفردي"، بحسب تعبيرهم.

بينما يقول أنصار ولد عبد العزيز في المقابل إن "صناديق الاقتراع والديموقراطية سيبقيان وحدهما الحكم"، وإن "الواجب يفرض على السلطة تجنب الفوضى التي تأخذ المعارضة البلاد في اتجاهها".

وفي النهاية فإنه مما لايدع مجالا للشك أن ما يحدث في موريتانيا يختلف عما جرى من ثورات في تونس ومصر، فبحسب مراقبين فإن من يقود الحراك هنا هي الأحزاب السياسية يدعمها جزء كبير من الشباب الموريتاني، خلافا لتونس ومصر، حيث كان الشباب هو الذي يقود الثورة ومن خلفهم الأحزاب السياسية.
ولعل هذا ما قد يجعل الأحزاب قد تميل إلى البعد عن الصدام في الفترة الحالية حتى تحشد الموريتانيين بشكل قوي ضد النظام المتهم بالفساد للتخلص من الحكم العسكري للبلاد.