13 محرم 1434

السؤال

أدخلت وصلة الإنترنت وسمحت لأطفالي أن يلعبوا بعض الألعاب عليه وعند بحثي يوميا في تاريخ البحث وجدت أحد الصفحات الجنسية قد فتحت وسألت أمهم إنْ كانت ظهرت أمامها أثناء البحث والتصفح فهذا قد يحدث عفوا في بعض المواقع أم ظهرت أمام الأطفال أثناء البحث عن الألعاب فتعهدت أنهم لن يفتحوه إلا في وجودها وتحت مراقبتها لانشغالي في العمل ولكن هذا لم يحدث دائما لانشغالها مع الرضيعة أو نومها من الإرهاق واستيقظت مرة فوجدت موقع جنسي مفتوح أمام ابني الأكبر وعمره 13 عام وبحثت فوجدت أن صفحة واحدة فقط هي التي فتحت خلال الشهر وقد تكون بدون قصد كما قال بعد ذلك ولكني صممت علي منع النت من البيت وغضبت أمه وقالت ليس هذا حلا وأنه وسيلتها الوحيدة للمعرفة والأخبار ومهارات المنزل ولكن أليس حكمه مثل الفضائيات المختلطة وان لم أستطع مراقبته كليا ألست مسئولا عما يشاهدونه وإنْ كان يظهر عفواً؟ أفيدوني يرحمكم الله كيف أتصرف؟

أجاب عنها:
يحيى البوليني

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
نشكر لك أخي الفاضل تواصلك مع موقع المسلم سائلين الله تبرك وتعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل والسداد والتوفيق.
ملخص المشكلة:
دخول شبكة الانترنت للمنزل ووجود بعض الصور السيئة عليه.
وجود مراهق في المنزل مع عدم القدرة على المراقبة الكاملة.
ويسأل هل يلغي اشتراك الانترنت أم يبقيه؟
ولأجيب أخي الكريم الفاضل على ما سأل ينبغي التوقف عند عدة وقفات منها:
- هذا العصر الذي نحياه يتسم بسمات التسارع في انتشار التكنولوجيا الحديثة بأدواتها وأجهزتها الكثيرة والمتنوعة، وصار الأمر اكبر واخطر وأكثر تعقيدا من محاولة التصدي أو المنع، ولاشك أن تدخل الانترنت في حياتنا صار ضرورة حياتية للكثير منا وأصبح منعه أو عدم توصيله لا يعتبر حلا ناجعا وناجحا لمشكلاته وأصبح الآن ضرورة الوصول لأدنى قدر من مشكلاته والحصول على أقصى استفادة من مميزاته هو الأليق والأنسب.
- للرجل قوامة في بيته له أن يتابع زوجته وأبناءه في كل ما يفعلون، وليس في ذلك نوع من الاتهام، بل هو نوع من قيامه بواجبه الشرعي الذي أمره الله به حين قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}، وعليه فلابد وأن يقوم بذلك الواجب، وقد لا يتم هذا الواجب إلا بالتحاقك بدورة لتعليم الانترنت، فأظن أنك لابد وان تتعلمه حتى تقوم بدورك وقوامتك
- قبل كل شيء إذا أراد الإنسان أن يقوم أسرته فعليه بداية أن يلزم نفسه بتقوى الله سبحانه، فتقوى الله هي الأساس لصلاح الذرية كما قال الله سبحانه: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً}، ويجب أن يعلم كل إنسان أن الله يحفظ العبد المؤمن في ذريته ويعاقب المسيء – إن شاء - بان يريه في أهله وذريته مثل ما كان يتعامل مع حرمات الله وأعراض الناس.
- ذكر الأخ السائل مشكلة من مشاكل وجود الانترنت وهي مشكلة الصور الخليعة الفاجرة على جهازه، وهذه الصور ربما تأتي بقصد أو بغير قصد على الجهاز، فلا دليل فيها على عبث أو نية عبث فربما تفتح موقعا عاديا غير ملتزم مثل مواقع الأغاني وغيره، وتأتيك مثل هذه الصورة كفتحة إجبارية كنوع من الدعاية لتلك المواقع الفاجرة، ولهذا فلن تكون تلك الصور دليلا واضحا على عبث أو سوء استخدام حقيقي للانترنت.
- ومن الممكن منع ظهور هذه الصور بسهولة عن طريق شيئين، أولهما تعديل اختيارات بحث جوجل ليتم التعامل مع الصور بالوضع الآمن المتحفظ من خلال رابط خاص على صفحتهم يسمى "تغيير إعداد البحث الآمن"، وثانيهما بتنزيل برنامج على الجهاز ويمكن إيجاده بسهولة على شبكة الانترنت ويسمى "برنامج منع المواقع الإباحية" ومن أشهرهم برنامج "anti-porn"، فيمكن لهذا البرنامج أن يمنع ظهور أية صفحة فيها صورة فاجرة.
- لا أعتقد أن الانترنت وحده يُمكن الزوجة أو الأبناء من متابعة الأخبار ومهارات المنزل، فقنوات التليفزيون التي تزيد عن 800 قناة في قمر واحد فيها من التنوع ما يغني عن ذلك، ولكني في الوقت ذاته أتيقن أن للإنترنت رغبة ومتعة لما فيه من التفاعل والسؤال والرد والمحاورة في ذات الخبر، وهذا ما يفتقده التليفزيون، ولهذا لابد من تقنين ومتابعة الإنترنت للجميع للأبناء والزوجة؛ فهذا واجبك الذي سيسألك الله عنه.
- ذكر السائل خطر الصور الخليعة والفاجرة، وأنا من إقراري بخطورتها وعظم ضررها على المسلم صغيرا أو كبيرا رجلا أو امرأة إلا أني لا اعتبرها اخطر ما في الانترنت، فهي لن تعدو كونها صورا جامدة، إنما الخطر الأشد والتخوف الأكبر يأتي من إدمان برامج الحوار (الشات) وهي التي تستطيع أن تجعل من بعض الأبرياء الأبرار يتحولون إلى أشقياء فجار بعد فترة من اعتيادهم لها وتنازلهم يوما بعض يوم، فالشات أغلبه كذب صريح أو مستتر في المعلومات والأفكار والسمات والمشاعر، فالشيخ الفاني يضع صورة لشاب وسيم، والعجوز الشمطاء تدعي أنها فتاة صغيرة باهرة الجمال، والفقير يدعي الغنى والقاسي القلب يدعي أنه ودود ولطيف، ومعظم هؤلاء يكذبون ويعلمون أنهم يكذبون ويعلمون أيضاً أن من أمامهم يكذبون ولكنهم يعيشون في وهم يصنعونه بأنفسهم.
هذه هي النقطة الأشد خطراً والتي يجب التصدي لها والتخوف منها والحرص على عدم وقوع الزوجة والأبناء فيها.
- يجب أولا وضع جهاز الكمبيوتر - إن كان ثابتا - في مكان عام وليس في غرفة مغلقة وأن يفتحه من يفتحه أمام الجميع دون أن يستتر بما يراه أو يفعله، وتكون المشكلة أصعب إن كان الجهاز محمولا أو صغيراً لوحياً أو من هاتف محمول فحينها تكون الأمور أكثر صعوبة.
- لابد – إن كان هناك برامج حوارية – أن يكون لكل من يدخل على تلك البرامج بريد واحد معلوم كلمة السر فيه وأن يضع علامة حفظ كلمة السر أمام الاسم والبسوورد لكي يكون كلامه ظاهرا للجميع دون خشية، فالخشية هنا وحذف كلمات السر هي موضع شك وريبة، وظهور بريد آخر غير معلومة بياناته يدخل به الإنسان على تلك البرامج موضع شك وريبة.
- وكذلك يجب أن يتم التعامل كذلك مع أي موقع يتم الدخول عليه ببريد وكلمة سر مثل المواقع الاجتماعية مثل الفيسبوك وتويتر، فالأصل أنه لن يتتبع أحد أحدا ولن يتدخل في خصوصياته، ولكن الريبة تكمن في التخفي والاستتار، وليكن كل شيء في النور لا الظلام.
- يتم الحذر من أدوات التحدث بالصوت أو الصورة "المايك والكاميرا" فوجودها واستعمالها مع الغرباء ضار ومريب، ويمكن السيطرة عليها أن كانت منفصلة، أما أن كانت مدمجة كما في الحواسب المحمولة فيجب الانتباه لها.
- قبل كل شيء وبعده وأثناءه يجب استمرار التربية الإيمانية للأبناء، لأنه مهما بلغ الإنسان مبلغه في المراقبة والمحاسبة يستطيع أي إنسان أن يغافله ويفعل أي شيء فلا نتيجة إلا باستدامة الطاعة والحث عليها وكثرة تذكير الأهل والأبناء بتقوى الله وبفعل الصالحات وبترك المنكرات وتذكيرهم دوما بعاقبة المحسن والمسيء أمام الله عز وجل فهو العاصم من كل خطر وضرر، وبعد ذلك التوكل على الله والدعاء أن يحفظ الله ذريتنا فهو ولي ذلك والقادر عليه.