دعونا نربح جميعا
18 رجب 1433
د. محمد العبدة

شيء طبيعي أن تتشكل فصائل وتجمعات في الداخل السوري ( وفي خارجه أيضا ) ولكن من الطبيعي ومن الضروري أيضا أن تتقارب هذه الفصائل بالحوار والمشورة لتصل إلى مرحلة التنسيق والتعاون على الخير ثم إلى الوحدة إن أمكن ذلك ، فالدين يأمر أهله بأن يتعاونوا على البر والتقوى ، ولو اجتمع أهل الحق على حقهم لرأينا الباطل يسفل ويزهق ولرأينا نورا يبهر الأبصار ، ولانريد أن نكون كما قال تعالى ( كل حزب بما لديهم فرحون )
 

ولأهمية هذا الموضوع جاء في الحديث عن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اقرأوا القرآن ماائتلفت عليه قلوبكم فإذا اختلفتم فقوموا عنه " أي إذا اختلفتم في فهم معانيه فتفرقوا لئلا يتمادى بكم الشر .
 
لايكون التفرق إلا عن سببين رئيسيين هما : الجهل وقلة العلم كما قال تعالى ( فنسوا حظا مما ذكروا به ) أو الهوى والتعصب وما ينتج عنهما من قلة الإنصاف ، ويقال : عندما تحرك الإنسان أهواؤه فإنه يصبح مريضا عقليا . ونحن عندما نتحدث عن الوحدة أوالإتحادأوالتعاون وندعو كل الفصائل التي تتصدى للإجرام الأسدي ان تحقق ذلك ، فقد يفهم البعض أن المطلوب هو الوحدة الكاملة أو الإنصهار الكامل مع الفئة الأكثر عددا ، وهذا أمر مؤسف فلماذا لايفكر المسلمون بالحلول الوسط وبالحلول التدريجية ، مثل تشكيل مجالس مشتركة أو مجالس للحوار والتشاور في الأمور التي تهم الجميع . وكأن البعض لايفكر إلا على طريقة الشاعر عندما قال : لنا الصدر دون العالمين أوالقبر .
 

لماذا لم يأخذوا درسا من الاتحادات التي بدأت منذ زمن طويل وهي مستمرة حتى الآن لأنها مبنية على دراسة وتأمل وإنصاف ، كالإتحاد الذي وقع بين الولايات الأمريكية والمستمر إلى اليوم ، هناك نوع من الإستقلال لكل ولاية في أمور معينة وهناك أشياء مشتركة للجميع ، والمثال الأقرب هو الاتحاد الأوروبي الذي بدأ بالإقتصاد وانتهى بالسياسة .
 

في تاريخنا سنلاحظ أن أقاليما انفصلت عن جسم الخلافة العباسية وبقيت شكلا وصورة تحت مسمى الخلافة ولكنها لم تفكر أنه يمكن أن يكون هناك اتحاد حتى يبقى المسلمون في قوة ومنعة ، وقد يقال أن الأصل هو وحدة الخلافة وهذا صحيح ولكن الواقع كان غير ذلك فلماذا لانصحح الواقع بطريقة معقولة وسليمة .
 
إن الإسلام يأمر بالتعاون على ألخير فكل تعاون من هذا القبيل هو محمود ومطلوب .

 

 

المصدر/ لجينيات