23 ذو الحجه 1433

السؤال

تزوجت في السر لاجتناب الزنا فأنا مطلقة منذ ٨ سنوات ولدي طفل وهو متزوج ولديه طفلان ولا يريد أن يعلنه لاجتناب مشاكل زوجته فما الحل أنا لا أقدر علي تركه لأسباب مادية فهو كريم معي جدا وأخلاقه طيبة..

أجاب عنها:
سميحة محمود

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا..
ابنتي الكريمة.. لقد قررتِ ونفذتِ (تزوجت) وذكرتِ السبب (لاجتناب الزنا) ورفضت مقدماً أي رأي يخالف ما أقدمتِ عليه (لا أقدر على تركه) معللة تمسككِ به (لأسباب مادية وأخلاقه طيبة) ثم تقولين ما الحل؟ فأي حل تريدين؟
على العموم ذكرتِ أن زواجكِ تم في السر، فالزواج له شروط يجب أن تتحقق فيه حتى يكون صحيحا، ومن أهمها الولي والشهود، لقوله صلّى الله عليه وسلم في الصحيح " لا نكاح إلّى بولي" رواه أبو داود والترمذي، وصححه السيوطي.
وقال عليه الصلاة والسلام: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل" رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني، وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نِكاحَ إلا بوَلِيّ وشاهِدَيّ عَدْل". فإذا تم هذا النكاح بإذن وليّكِ وحضور الشهود كان نكاحاً صحيحاً، ولا يعتبر نكاح سر، فإعلان النكاح مستحب وليس بواجب. كما يجب أن يوثق هذا الزواج لضمان حقوق الزوجة والأبناء، أما إذا تم النكاح بدون ولي أو حضور الشهود فهو نكاح باطل. فهل ما قصدته – ابنتي الكريمة - في سؤالكِ (تزوجت في السر) هو زواج السر الموثق أم الزواج العرفي الذي لا يتم توثيقه؟
فجمهور أهل العلم على أن المرأة لا يصح نكاحها بدون إذن وليها بكراً كانت أم ثيبا، خلافا للإمام أبي حنيفة.
وبناء على ذلك، فنكاحك بدون رضا وليك باطل عند الجمهور ويترتب على بطلانه ما يلي:
أنك إذا أردت تجديد النكاح فلا بد من أن يزوجك وليك الأحق بتزويجك ولا يشترط حضوره، بل يمكنه توكيل من يتولى تزويجك بواسطة الهاتف أو الفاكس، لكن يشترط تجديد العقد.
ولا حاجة لتصريح بفسخ أو طلاق، أما إذا أردت الزواج من شخص آخر فلا بد من فسخ أو طلاق.
لكن هذا النكاح يصح ويمضي إذا حكم بصحته قاض شرعي أو كنتم فعلتموه تقليدا للإمام أبي حنيفة.
مع التنبيه على أن توثيق النكاح وتسجيله لدى جهة رسمية ليس بشرط في صحته وإن كان الأولى توثيقه ضمانا لحقوق الزوجين.

ابنتي العاقلة.. ذكرتِ أن زوجكِ رفض إعلان هذا الزواج (لاجتناب مشاكل زوجته)، وقد رضيتِ أنت بذلك، وهنا أسألكِ:
ماذا لو رزقكِ الله بأبناء من هذا الزوج، هل ترضين لأبنائكِ أن يعيشوا في الظل كما تعيشين أنت؟
ابنتي.. فكري كثيرا في هذه الأسئلة فسعادتكِ لا يجب أن تعلو علي مصلحة أبنائكِ إن فكرتِ في الإنجاب من هذا الزوج، وهو أمر محتمل وفي علم الله، ولهذا أطالبكِ بالنظر لسلبيات هذا الزواج كما نظرتِ لإيجابياته، والقرار قراركِ وحدكِ.
وفي الختام.. أسأل الله أن يريكِ الحق حقا ويرزقكِ اتباعه، ويريكِ الباطل باطلا ويرزقكِ اجتنابه ونحن في انتظار جديد أخباركِ فطمئنينا عليكِ.