20 رجب 1434

السؤال

السلام عليكم.. مشكلتي تنحصر في أن أمي كانت ألطف امرأة في الكون، رحيمة وعطوفة، ومربية عزيزة لكن المشكلة أنني أشعر أن والدتي شخصيتها ضعيفة بعض الشيء، أما أبي فلا مثيل له، أنجبت أمي تسعة.. خمسة من الفتيات وأربعة من الفتية، وعندما طلب أبي من أمي أن تنجب المزيد من الأبناء رفضت ونتيجة لذلك لقد تزوج والدي عليها كان ذلك قبل سنة تقريبا، فقد أعدل أبي بين أمي والزوجة الأخرى فأي شيء يكون عند زوجة أبي لابد أن يكون عند أمي مثله لكن بدأت والدتي بالتغيير تدريجيا، وذلك بشراء الكثير من مساحيق التجميل وصبغت شعرها حتى غيرت من طريقة كلامها وبدأت تغير من شخصيتها من الأم العطوفة إلى الشخصية العنيفة، فتصرخ في وجه أختي الكبيرة أو تهزئ إحدى أخواتي الصغار حتى أصبحت أضيق بها ذرعا ولكنها مازالت تحمل من جوانبها شخصيتها السابقة الرحيمة.
أمي ملتزمة لكن ما الطريقة الصحيحة التي يجب أن أتعامل بها مع والدتي؟ وكيف اخبرها أن قوة الشخصية ليست هي الشخصية العنيفة؟

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

كثيراَ ما تخجل الزوجة الأولي من نفسها عند زواج زوجها عليها، فتبدأ تضع الحجج وتتفنن في أسباب بعيدة عن السبب الأساسي لإتباع زوجها هذا الطريق، فتحدث أبناءها ومن حولها من الناس بذلك تاركة أصول القضية التي من سببها بحث الزوج علي غيرها.
لكنني أحب أوضح لك أيتها الابنة أنه ربما يكون السبب الأول لخروج الزوج وبحثه عن زوجة ثانية هو إهلاك تلك الأم لرعاية تسعة من الأبناء إضافة إلى مسؤولية الزوج وتلبية احتياجاته
ومهما كان عندها من الخدم فذلك لا يغني شيئا، فالدور الأول والرعاية الكاملة كان علي عاتق الأم، فقد حملها والدك حملاَ أكثر من طاقتها بكثرة رغبته في الإنجاب، مما أضعف قواها وأخمد طاقتها وطمس نضارتها، فما كان منها إلا أن تهمل نفسها حتى أنها أصبحت لا تجد وقتا لتنظر في المرآة.
نسيت أن لزوجها حقا، ولم تشعر بالتقصير إلا بعد ما نزلت عليها مفاجأة زواجه بأخرى والدليل علي ذلك ما اشترته من مساحيق التجميل بتلك الكثرة لذلك عليك أن تعلمي أن القضية التي من اجلها ذهب الزوج لقراره هذا ليست بسبب ميله لمولود جديد..
أما الشخصية العنيفة التي ظهرت على والدتك بعد أن كانت الأم العطوفة علي حد تصويرك فذلك أمر طبيعي فعليك أن تعلمي أن والدتك تمر بأزمة نفسية قوية وجرح عميق.
إنها تشعر أن تضحيتها كل هذه السنوات الماضية التي عاشتها مع والدك بحلوها ومرها كانت سراباَ، أيقنت بذلك بعد صدمتها بزواجه.
قد تجملت بدينها والتزامها وطاعته لكنها أهملت - رغم أنفها - نفسها بكثرة المجهود وكثرة متطلبات تلك التسعة من الأولاد.
هي الآن تحاول أن تلتزم بالصبر لكن بركان الحزن داخلها بشعورها بأن والدك باع سنوات عمرها فجأة يجعل تلك الثورة تبدو من حين لآخر، فلا تجد من تثور عليهم وتفرغ أحزانها فيهم إلا أولادها، لأنها لا تستطيع أن تثور علي ذلك الزوج بل وربما عندما تجده أمامها تظهر له علامات الود والطاعة والولاء رغم ما تعانيه من أحزان.
إذن الآن دورك أيتها الابنة أمام تلك الأم الجريحة ولعلك تعلمين كم هي تعبت من أجلك ومن أجل أخواتك وإخوانك فعلك أن تكونين لها كالطبيب بأن تعامليها وجميع إخوانك أيضا أحسن المعاملة.
فعندما تكون منفعلة أو غاضبة أن تلتزموا الصمت حتى تهدأ، ثم بعد ذلك قدموا إليها الاعتذار من وقت لآخر، وليحاول كل منكم أن يربت على ظهرها ويسترضيها وكأنه بذلك يواسيها.
وعليكم أن تهتموا بكل ما تطلبه منكم وأن تقوموا بالتخفيف عنها بالكلمات اللطيفة وليجعل كل منكم هذه الأم صديقته حتى تخرج من تلك الأزمة.
فحنانكم عليها والبر بها هو أول وسائل العلاج حتى تهدأ نفسيتها، ولابد من إقناع أخوالك أن يقفوا جميعا معها ليخفف عنها ما هي فيه.
ولو أمكن البحث عن أساليب مختلفة للوصول لقلبها عن طريق الهدية وغيرها مما يعبر عن معان لطيفة مؤثرة فسيعني لها الكثير ولست في حاجة أن أذكرك بالدعاء لأبويك ولأمك بالخصوص أن يهدئ الله بالها ويشفي صدرها ويعيد إليها السكينة.