بين الجيش السوري الحر و"الجيش الوطني"
22 شوال 1433
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

نقلت وسائل الإعلام المختلفة أن اجتماعا حدث في تركيا بين مجموعة من القيادات العسكرية السورية المنشقة عن نظام بشار الأسد وأنها اتفقت على الاتحاد تحت اسم "الجيش الوطني السوري" بقيادة اللواء محمد حسين الحاج, ومن قبل ذلك أعلن العميد المنشق مصطفى الشيخ عن تشكيل "المجلس العسكري" بنفس الذريعة وهي" توحيد الثوار ضد نظام الأسد", وكل هذا جاء بعد فترة طويلة من الثورة ومن نشاط الجيش الحر وقائده العقيد رياض الأسعد والذي تمكن من تحقيق انتصارات كبيرة على الأرض رغم قلة الإمكانات..

 

والخطير في الأمر أن هذا يحدث في وقت دقيق للغاية تمر به الثورة السورية حيث يوشك نظام الأسد على الانهيار ويشهد انشقاقات حادة قد تودي به في أية لحظة؛ لذا فالموضوع لا يحتمل الخلاف والشقاق, وما نقله العقيد رياض الاسعد مؤسس الجيش الحر عن أجواء الاجتماع وملابساته تثير الريبة والقلق وتدعو للشك فقد قال الاسعد:إنه لم يدع للاجتماع في البداية لولا توسط بعض الاطراف وانه وجد السفير الفرنسي السابق في دمشق حاضرا للاجتماع, والمفاجأة أنه وجد من بين المجتمعين بعض الضباط الذين كانوا في الأسر تحت أيدي قواته, كما أنه تعرض لهجوم حاد من بعض الحاضرين, وان اللواء الحاج لم يكن يريد الحديث معه إلا بعد تدخل بعض الحضور, وأكد الأسعد أن ما ظهر له أن الاجتماع غايته اختطاف الثورة وإبعادها عن "توجهها الديني" ..

 

الأغرب أن العميد مصطفى الشيخ الذي أثار انشقاقه شكوكا واسعا, أعلن قبل الاجتماع في حديث مع بعض الصحف, أنه ينبغي أن يتولى مسؤلية الجيش المعارض لنظام الاسد الرتبة الأرفع من بين المنشقين دون اعتبار للكفاءة والأقدمية في الانشقاق والشعبية بين المقاتلين والأسبقية في الجهاد ضد الطغيان..العقيد الأسعد من جهته أعلن أنه لا يمانع في تولية الحاج المسؤلية ولكن بشروط قدمها في الاجتماع, ابرزها ان يكون الجيش السوري الحر هو الاساس في التنظيم الجديد وان تشكل قيادة مشتركة جديدة له بقيادة اللواء محمد الحاج علي، وتقديم الدعم الكامل لهذا الجيش حتى يحقق النصر, كما طلب تشكيل لجنة تكون مهمتها اختيار الضباط الذين ستتشكل منهم القيادة المشتركة الجديدة، وان يكون لقادة الوحدات في الداخل دور ايضا في هذا الشأن وان يكونوا مطلعين بشكل واضح وصريح على الهيكلية الجديدة التي نعمل على وضعها...وحذر الاسعد من وضع شبيه بسيناريو عائلة الاسد ايام الانتداب الفرنسي على سورية عندما طلب علي الاسد (الجد) من الجيش الفرنسي عدم مغادرة الاراضي السورية خوفا من استهداف العلويين بعد خروجهم....

 

إن توقيت الدعوة للاجتماع والبرنامج الذي سار عليه ونوعية الحضور والإسراع في إعلان البيان الختامي دون توافق قد يؤدي إلى تصدع الصف المقاتل على الأرض في وقت غاية في الحرج ويخدم في الاساس نظام الاسد الذي تتحفز القوى الموالية له في إيران وروسيا لدعمه بشتى السبل...أفهم أن توجد رغبة ملحة للاتحاد وتنظيم الصفوف ولكن ينبغي أن تحترم بقدر أكبرمن لهم أسبقية في الجهاد ولهم قواعد مقاتلة على الارض, كما أن القيادة لا تعرف "الرتب" ولكن تعرف الكفاءة والشعبية والصلاح والعمل....

 

ما أشار إليه العقيد الأسعد بشأن محاولة عزل الدين عن الثورة أمر شديد الخطورة فإن الدين لا يعني الطائفية ولكن يعني الإيمان وحسن اختيار المقاتلين على أسس قويمة ومحاولة عزله يأتي من قبل جهات غربية وأتباع علمانيين يسعون لتوجيه الثورات الشعبية بعيدا عن هوية الشعوب التي قامت بها وسلخها عن دينها, وهو أمر مرفوض تماما ولن يؤدي سوى لمزيد من الشقاق وإطالة أمد الصراع...

 

الشعب السوري يعيش ظروفا صعبة وكلما اقترب النصر ستزيد المحن وسيحاول الكثيرون ركوب الموجة وقد تتعرض الثورة للاختراق إذا ازداد الاختلاف ولم يتم تحجيمه والانصراف للهدف الاكبر الآن وهو إسقاط النظام.