29 شوال 1434

السؤال

زوجتي حدثت بينها وبين أخواتي مشكلة، وذلك في بداية زواجي، ولكن إلى الآن وعواقب هذه المشكلة أجنيها.. سؤالي: زوجتي لا تريد الذَّهاب إلى أهلي، ولا السَّكن معهم، وتخيِّرني إمَّا أن أطلِّقها أو لا نذهب إلى أهلي، بحجَّة أنَّهم لا يحترمونها، ليس أبي ولكن أخواتي، علمًا بأنَّ أخواتي متزوِّجات، فكيف الحل؟

أجاب عنها:
سعد العثمان

الجواب

الحمد لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه...
أخي الفاضل: أشكرك على ثقتك، بموقع المسلم، ومتابعتك له، ونسأل الله - عزَّ وجلَّ - أن يجعلنا أهلاً لهذه الثِّقة، وأن يجعلَ في كلامنا الأثر، وأن يتقبَّل منا أقوالنا وأعمالنا، وأن يجعلها كلَّها خالصة لوجهه الكريم، وألا يجعل فيها حظَّاً لمخلوق..آمين.
أخي الكريم: أنت تذكر أنَّ زوجتك تولَّد تنافر بينها وبين أخواتك، نتيجة مشكلة حدثت في بداية زواجك منها، وتفاقمت المشكلة إلى حدِّ امتناع زوجتك عن الذَّهاب إلى أهلك، والسَّكن معهم، ووضعت أمامك خياران أحلاهما مرٌّ، إمَّا عدم الذَّهاب لأهلك أو طلاقها، وحجَّتها في ذلك عدم احترام أخواتك لها، مع كون أخواتك متزوِّجات، أجيبك عن استشارتك من خلال النِّقاط الآتية:
أولاً: قال صلَّى الله عليه وسلَّم: " الرِّفق ما كان في شئ إلا زانه ".
اجلس مع زوجتك جلسة صفاء، وتحاور معها بهدوء تام، وناقشها بحبٍّ ووداد، وحاوِّل أن تسلَّ من نفسها صفة الحقد الأسود، الذي بقي معها هذه المدة الطويلة، وذكِّرها بالرَّجل الذي شهد له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالجنَّة لصفاء نفسه، فهلا عفت وصفحت زوجتك عن أخواتك لله رب العالمين، لعلَّ صفحها عنهن يكون سببًا لدخولها جنَّة النَّعيم.
ثانيًا: قال صلَّى الله عليه وسلَّم: " الدِّين النَّصيحة ".
إنَّ من أحقِّ النَّاس بنصحك أخواتك، فهلا جلست معهن، وفتحت باب المناقشة بينك وبينهن، وطلبت منهن أن يغيرن من معاملتهن لزوجتك، ويحتسبن الأجر عند الله تعالى، واستعن في إقناعهن بأبيك وأمك، فقد ذكرت احترام والدك لزوجتك، فاستعن به على أخواتك، وهو خير معين لك بعد الله تعالى على إقناع أخواتك، وكون أخواتك متزوِّجات فهذا يجعل الاحتكاك بينهن قليل، فلو قلت لأخواتك وزوجتك: لقاؤكن مع بعضكن ضعيف، وحضوركن يا أخواتي لنا في الأسبوع مرة، فلماذا لا تتحملن بعضكن؟، وتجعلون لقاءنا سعيدًا ومثمرًا ونافعًا، وهذه زوجتي وأم ولدي، فكن لي خير معين على اندماج زوجتي بكن، وقبولها للعيش والتعايش معكن، وستجد بعد دعاء الله واللجوء إليه استجابة سريعة من جميع الأطراف، فقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن، يقلبهما كيف يشاء، وبدعائك ربك أن يصلح لك أهلك وأخواتك وولدك، وتلح بالدعاء وتكرره صباح مساء، فتجد الثمرة والنتيجة الباهرة بإذن الله.
ثالثًا: عظ زوجتك.
ذكِّر زوجتك، وكرِّر على مسامعها حديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، الذي يقول فيه: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا في غَيْرِ ما بَأْسٍ، فَحَرَامٌ عليها رَائِحَةُ الْجَنَّةِ) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن. فالطلاق أبغض الحلال إلى الله، لأنَّه تترتب عليه مفاسد جمة، وإن كنت قادرًا على السَّكن مستقلا عن أهلك، وأهلك ليسوا بحاجة لقربك منهم، فلا تقصر في السَّكن لوحدك، والتَّردُّد بالزِّيارة على أهلك، ولا تكثر من أخذ زوجتك إلى أهلك كلَّما ذهبت أنت، بل خذها بين الفينة والأخرى، ولا تجبرها جبرًا فتكره أهلك، ولكن اصطحب أولادك معك دائمًا حتى يتعودوا على صلة الرحم.
رابعًا: وبضدِّها تتمايز الأشياء.
عندما تطلب منك زوجتك زيارة أهلها، أو حضور مناسبة عندهم، اعتذر منها، وتعلل بأن لديك شغل أو ظرف أو عمل، وعندما يتكرر ذلك منك، ستشعر بضيق وحرج كالذي يحدث لك عندما تمتنع هي عن زيارة أهلك، وهنا تعطيها درسًا عمليًا في طريقة التعامل في الحياة، ولكن بمجرد فهمها للدَّرس، ورجوعها للجادَّة، وتغيُّر معاملتها لأهلك، عد إلى طبيعتك السَّابقة.
خامسا: حاول تحسين علاقتها بأبيك وأمك فهو المهم، وتأتي علاقتكم بأخواتك في المرتبة الثانية، ولك أن تعلم أن لزوجتك حرية الاختيار في شكل علاقتها بأخواتك، وتقليل زيارتهن ولقائهن مادامت تحسن علاقتها بوالديك..فلا ترغمها على شيء تكرهه فذلك حقها، لكن حاول أن تصل لقلبها بالإقناع والتدرج كما سبق وبينت لك.. وفقك الله.