السنّة لا تُغالَب
12 محرم 1434
د. محمد العبدة

منذ اليوم الأول للإسلام وهو مستهدف من قبل المعاندين والحاسدين المتكبرين وهو شيء طبيعي، فالجوهرة الثمينة لا بد أن تثير شهية الطامعين والتغالب والصراع سنة من سنن الله تعالى، صراع بين الحق والباطل وهي دورة من دورات التاريخ يحاول الباطل فيها التمكن وزرع باطله في أرض إسلامية سنية ولكنه يفشل في كل مرة، ويعود الحق إلى نصابه، وينتصر أهله بعد طول معاناة، ويومئذ يفرح المؤمنين بنصر الله.

استطاع الباطنيون الذين يظهرون الاسلام ويبطنون الكفر، استطاعوا في فترة من فترات التاريخ الاستيلاء على جزء من الشمال الافريقي (تونس) ثم تحولوا إلى مصر وجعلوا القاهرة عاصمة لهم كان ذلك عام 297 وهم الذين يسمون أنفسهم (الفاطميون) ويسميهم المؤرخون: العبيديون نسبة إلى مؤسس هذه الدولة عبيد الله القداح الملقب ب(المهدي) وقد اتفق علماء أهل السنة على عدم صحة نسبة إلى فاطمة رضي الله عنها.

تستر هؤلاء فترة من الزمن ولم يظهروا عقيدتهم الفاسدة، ولكن عندما أظهروها قام لها أهل السنة في مدينة القيروان وأذاقوهم الأمرّين وقد كانت صرامة أهل السنة في هذا الجزء من المغرب الإسلامي صرامة من نوع خاص، جعلت أحد ملوكهم الملقب ب(المعز لدين الله) يفكر طويلا في العودة لإظهار خبايا دعوته كانت المقاومة في القيروان في البداية مقاومة (سلمية) حين امتنع أهلها عن حضور الجمعات التي يُسب فيها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من على المنابر، وكانت تمسك الشعب بالسنة تمسكا شديدا، ثم جهر العلماء بعقيدة أهل السنة وجابهوا عبيد الله في مناظرات مشهورة، وخاصة المناظرة التي كانت بين شيخ المالكية الامام ابن الحداد سعيد بن صبيح وبين عبيد الله ومن هؤلاء العلماء: ابن التبان الذي قال لهؤلاء الباطنيين "لو نشرت بين اثنين ما فارقت مذهب اهل السنة " وقد صمد هؤلاء العلماء رغم التعذيب والقتل، ولما قيل للإمام ابن البردون أترجع عن مذهبك؟ قال: أعن الاسلام أرجع، ثم صلب رحمه الله، كان ذلك عام 299 هـ. وأخيرا سقطت الدولة العبيدية إلى غير رجعة، ورغم بقائها فترة طويلة في مصر، ولكن بقي الشعب المصري سنياً لم يؤثر عليه وجود هذه الفئة بين أظهره.

في العصر الحديث استطاع الباطنيون (النصيرية) الاستيلاء على الحكم في سورية ورغم بطشهم وبقائهم في الحكم لمدة أربعين سنة ولكن لم تفتر عزيمة أهل السنة في مقارعتهم، فقامت حركات مقاومة في نهاية السبعينيات من القرن الماضي ولكنها انتهت عام 1982 حين ضربت مدينة حماة وقتل فيها الالاف كانت مقاومة من جيل من الشباب المؤمن المفعم بالايمان والاخلاق والعلم ،جيل قل نظيره.

واليوم تقوم في سورية ثورة باهرة عظيمة، ثورة شعب عاش حياة الظلم والقهر وإهدار الكرامة، عاش تحت ظل حكومة باطنية، أفسدت كل شيء، التعليم والأخلاق والاقتصاد وحاربت الدين.

قامت ثورة مباركة انطلقت من المساجد وصاح الناس: نريد الحرية، نريد الكرامة ثم حملوا السلاح دفاعا عن الدين والنفس ودفاعا عن الأعراض والأموال. وستنتصر الثورة بإذن الله لأنها على الحق والفئة الحاكمة على الباطل وستنتصر على من يدعمون هذا النظام المجرم وأعني ايران بالدرجة الأولى، وإذا كان غضب الله سبحانه تعالى يلاحق اليهود فإن الخذلان وسوء المنقلب يلاحق هذه الفئة، فعدا عن عقيدته الفاسدة إنها فئة متوحشة حاقدة لا تعرف شيئا من الانسانية، فطريقة الدمار التي يمارسونها لا تعرف عند غيرهم في الحروب التي تقع بين البشر.

هم مخذولون، فالقرار التي اتخذ من يسمي نفسه (حزب الله) في لبنان بالوقوف مع نظام مجرم، جعل أكثر الناس يلعنونه بعد أن خدعهم فترة طويلة وظنوا أنه وطني ويحارب اسرائيل. وكذلك ايران التي استطاعت أن تخدع البعض بأنها تقف ضد المشروع الأمريكي وضد العدو الصهيوني هي الان تقف مع الظلم والإجرام وقد عرف الناس أهدافها التوسيعية وكذبها في إعلامها. أليس هذا من خذلان الله لها؟