خفايا النصيرية قديماً وحديثاً
13 محرم 1434
منذر الأسعد

الكتاب: مدخل إلى المذهب العلوي النصيري
المؤلف: جعفر الكنج الدندشي
162 صفحة
منشورات الروزنا-إربد/الأردن

*******

 

أول ما يثير الانتباه في هذا الكتاب،الإهداء الذي يتصدر صفحاته،إذ يقول حرفياً:
 إلى شعبنا العربي على أمل أن يجد وحدته الوطنية الضائعة!!

 

وكأننا بالكاتب أسقط على رؤيته ما لديه من ضياع في بوصلته، وغبش في رؤيته لقضية شديدة الأهمية في حياة سوريا المعاصرة،وبخاصة في ظل الحكم النصيري الصريح منذ عام 1970م بزعامة المقبور حافظ الأسد ثم ولده المجرم بشار.وكان الظن بالكتاب أفضل مما نجده عليه، لأن المؤلف سليل الدنادشة وهم العرب الأقحاح وأهل السنة الملتزمين وأول من ثار على الغزاة الفرنسيين حتى قبل اجتياح غورو لسوريا!! والدنادشة يعرفون مخازي النصيرية بحكم الجوار الجغرافي لمناطقهم والاحتكاك المباشر!!

 

وفي تمهيده يرى المؤلف أن الصراع على سوريا –يقصد سوريا الكبرى أي بلاد الشام المقسمة الآن إلى أربع دول هي: فلسطين وسوريا الحالية ولبنان والأردن- صراع تاريخي مستمر ولن ينتهي إلا إذا توحدت مع شقيقاتها العربيات وليس مع تركيا منذ نبذت الأخوة الإسلامية وسارت وراء تعصبها الطوراني في ظل جمعية الاتحاد والترقي!!مع  العلم بأن تركيا المنسلخة عن أخوتها الإسلامية قسراً لا طوعاً،لا تختلف عن غلاة القومجية العرب الذين فرضوا على شعوبهم ما فرضه يهود الدونمة على الترك منذ الاتحاديين ثم خليفتهم أتاتورك الذي فاقهم شراً وحقداً.

 

ويجزم الدندشي منذ التمهيد بأن نسبة النصيريين" العلويين" في سوريا اليوم تعادل 12% من سكانها،من دون أن يضع بين أيدي قرائه أي قرينة تؤيد زعمه،ولا سيما أن أي إحصاء رسمي يبين الانتماء الديني أو المذهبي من المحظورات في سوريا منذ تسلط البعث كواجهة للأقليات الحاقدة في عام 1963م.

 

ويشير الباحث إلى الدراسات الحديثة التي تناولت العلويين ويصنفها إلى دراسات أو أعمال تثني عليهم وتزكيهم ، مثل : تاريخ العلويين لمحمد غالب الطويل – المسلمون العلويون من هم وأين هم لمنير الشريف -العلويون بين الأسطورة والحقيقة لهاشم عثمان، ودراسات تتهجم عليهم مثل: العلويون أو النصيرية لعبد الحسين مهدي العسكري والجذور التاريخية للنصيرية العلوية لعبد الله الحسيني وبحث في النصيرية العلوية لأبو موسى الحريري . ويؤكد الدندشي أن أصحاب هذه الكتب المناوئة تخفوا وراء أسماء مستعارة خوفاً من بطش النظام النصيري الحاكم في سوريا وهو كلام يسوقه بلا بينة ولعل اسم الحريري هو الاسم المستعار لأنه صاحب مؤلفات حاقدة على الإسلام ومتجنية على المسلمين وهنالك أدلة ترجح ذلك ليس ها هنا مكان تفصيلها.

 

أما الدراسات الموضوعية عن النصيرية فليس بينها كتاب باللغة العربية قبل كتابه بحسب قوله.ولذلك يهاجم كليات الشريعة التي تُخَرّج دعاة وواعظين وقضاة لكنها لا تمنحنا علماء في مقارنة الأديان بموضوعية!وهو الموضوع الذي درسه المؤلف في فرنسا وانبهر به،متناسياً أن معظم مفتريات المنصرين وغلاة المستشرقين على الإسلام وأهله،هي نتاج كليات ومعاهد مقارنة الأديان في الغرب!! وهل الملحد المسرف في علمانيته يمكن أن يكون موضوعياً وهو يبحث في مقارنة ملل لا يؤمن بها جملة وتفصيلاً؟

 

لكننا نحمد للكتاب ما فيه من معلومات غزيرة عن النصيريين وعقائدهم الضالة،أما ما نأخذه عليه فهو اضطرابه في الرأي وتقويم المعلومات واستخلاص النتائج من الوقائع.

 

فمن المعلومات المهمة في الكتاب ما رواه بعثي صحا عقله في ما بعد هو الدكتور سامي الجندي الذي صعقه اعتراف النصيري المتظاهر بالبعثية المتمركسة صلاح جديد في عام 1964م له في حديث لهما عن ظهور الطائفية عقب انقلاب 8 آذار 1963م بأنه ما زال يدفع زكاته لمشايخ الطائفة-والزكاة عند النصيرية تعني دفع خمس الكسب لرجال الدين فقط-.

 

كما يوثق الكتاب فضيحة من فضائح النظام المتشح بثياب علمانية وهو طائفي حتى النخاع، من خلال مظاهرات نظمتها سلطة البعث في حماة عام 1964م ردد فيها العلويون : يلعن يومك يا حطين والخاين صلاح الدين !!

 

ويكشف أن الشيخ العلوي صالح العلي ثار على الاستعمار الفرنسي فقط بعد مواجهات عنيفة بين النصيرية والإسماعيلية في عام 1919م وقف فيها الانتداب الفرنسي إلى جانب الإسماعيليين!!

 

ومن المعلومات المهمة كذلك ميل النصيريين الجلي إلى اليهود وتأثرهم ببعض أباطيلهم كادعائهم الباطل أن الذبيح هو إسحاق لا إسماعيل، وكذلك إقفال المذهب إلا أمام العجم لأنهم يؤمنون بتأليه علي!! والقوم الكفرة هؤلاء يسمون القرآن في كتبهم: الكتاب العربي والنبي : النبي العربي!!

 

ثم يفاجئنا الكاتب بلقاء جمعه عام 1990م في ألمانيا بالدكتور سعيد رمضان البوطي،إذ طلب الدندشي منه  أن يبدي علمه ورأيه في النصيرية  فيحيله هذا إلى كتاب مصطفى  الشكعة (إسلام بلا مذاهب) فيقول الدندشي: فغسلت يدي منه لأنه إما يجهل الفكرة الدينية الفلسفية للمذهب وإما أنه لا يريد الصدام مع نظام الحكم في دمشق.

 

لكن المؤلف الغريب في تفكيره المتناقض والهش ينتقل من موقفه الصارم من البوطي إلى تمييع القضية وتعميمها بزعمه أننا-معشر العرب- طوائف متباغضة وأن كل طائفة تتربص بالأخرى....

 

ألم يسخف البوطي لاحتمال جهله بالباطنية الفظيعة في الدين النصيري؟ وقبل ذلك اعترف الباحث بأن النصيرية تحالفوا مع الغزاة المغول وأشار إلى أن فرنسا حكمت بالإعدام على بيتان لتعامله مع المحتل النازي في الحرب العالمية الثانية مع أنه كان بطل فرنسا وقاهر ألمانيا في الحرب العالمية الأولى!!!