10 ربيع الأول 1434

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 27 سنة كنت على علاقة مع رجل تقريبا لمدة سنة وتركنا بعضنا حينما أخبرته بأنه تقدم لي رجل من نفس قريته لخطبتي لأني والله العظيم أخبرته لأني كنت أريده بالحلال لكن هو صرح لي أنه لا يستطيع الزواج بي بسبب معرفته السابقة بي, الرجل الذي تقدم لي عمره 42سنة متزوج وله 17 سنة زواج ولم تنجب زوجته أبناء وتقدم لي الآن أنا محتارة من جميع الجهات: هل أوافق وفارق العمر تقريبا 15سنة وهل أستطيع أن أعيش بسلام بدون خوف وخصوصا هذا الرجل من نفس قرية الذي كنت معه على معرفة رغم أنه قال لي بالحرف الواحد (لا تظني أني سأخرب عليك حياتك والله أني فرحت لك وأتمنى تتزوجين اليوم قبل بكرة) وحلف لي أنه لا يعرفه ومرة أخرى قالي لي أعرفه فلم اعرف ماذا أفعل؟ هل أوافق هل أرفض هل أترك الموضوع برمته هل أستعيض الله خيرا والله أني في حيرة..
أرجوكم الرد علي وجزكم الله خيرا ...

أجاب عنها:
سميحة محمود

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد.
مرحبا بكِ وسط أهلكِ وأحبابكِ، ونشكر لكِ ثقتكِ وندعوكِ دوما للاتصال بنا وتصفح موقعنا ونسأل الله أن يدبر لكِ أمركِ، ويصلح لكِ شأنكِ، ويكتب لكِ السعادة ويعينكِ علي طاعته.
ابنتي الحبيبة.. ذكرتِ في رسالتكِ أنكِ (كنت على علاقة مع رجل تقريبا لمدة سنة) ثم تركتيه بعد أن تقدم لكِ رجل من نفس قريته، أي أن الذي كنتِ تعرفينه ليس من قريتكِ؛ فكيف إذن عرفتيه؟ وكيف كان التواصل بينكما الذي استمر عاما كاملا؟ أغلب ظني أنكِ تعرفت عليه عن طريق الإنترنت، والتواصل أيضا كان عبر نفس وسيلة الاتصال. ومع الأسف الشديد أجد الكثيرات من الفتيات يقعن فيما وقعتِ فيه، فالبداية كما يذكرن تكون مجرد مشاركات عامة علي الإنترنت، ثم يحدث تعارف بين فتي وفتاة، ثم تواصل، ثم وعد بالزواج، وربما تنتهي العلاقة بمأساة وفضيحة، ومن كانت أفضل حظا تنتهي بمجرد افتراق وكل طرف يذهب إلي حال سبيله، بعد أن تكون الفتاة قد خُدعت بأوهام الحب والزواج وأكون في انتظار اليوم الموعود الذي يطرق فيه الشاب بابها طالبا يدها.. وهيهات.. هيهات أن يحدث هذا، فالشاب الذي يريد الزواج يبحث عن صاحبة الدين والأخلاق التي ترفض الحديث وإقامة أي علاقة مع شاب لأنه سيأتمنها علي عرضه وشرفه، وتكون هي الأم الصالحة التي تربي أولاده، فكيف يختار ويأتمن من فرطت وتهاونت وأقامت علاقة مع أجنبي عنها لمدة عام كامل؟!! وهو صادق وصريح عندما قال لكِ ودون خجل: (أنه لا يستطيع الزواج بي بسبب معرفته السابقة بي). بل حتي في حالة إتمام زواج بعد مثل هذه المعرفة سيكون الشك والريبة مسيطرا علي قلبه ولسان حاله يقول له كل يوم: كما أقامت علاقة معك، ما المانع أن تقيم علاقات أخري مع آخرين غيرك؟!! أليس كذلك؟؟
لهذا نصيحتي لكِ -ابنتي المؤمنة- أن تقطعي صلتكِ بهذا الرجل تماما، وطي هذه الصفحة تماما من حياتكِ، بل جاهدي نفسكِ عن نسيانها، سواء تم زواجكِ من الرجل المتقدم لكِ أو لم يتم، واحذري أن يتواصل معكِ أو يحاول أن يعرف أخباركِ بحجة الاطمئنان عليكِ، فمثل هذا لن ينسحب بسهولة، ودون وضع ضغوط عليكِ لابتزازكِ، فاحذري من التواصل معه علي أي شكل، وإن كنت تحادثيه عبر الإنترنت، فاغلقي جهاز الكمبيوتر تماما في هذه الفترة، أو ضعيه في مكان واضح أمام أعين أسرتكِ حتي تتحسبي للعيون من حولكِ، وعين الله – سبحانه وتعالي – هي الرقيبة عليكِ في سركِ وجهركِ، فاحذري أن تجعلي الله أهون الناظرين إليكِ.
ابنتي الكريمة.. لابد أن تعترفي بينكِ وبين نفسكِ أن ما فعلت معصية لله تستوجب التوبة، فاقصدي الله في توبة صادقة نصوحة وأكثري من الاستغفار، واحمدي الله كثيرا أن الأمور لم تتطور إلي ما لا يحمد عقباه، وتقربي إلي الله بالمحافظة علي الصلوات في أوقاتها، وقراءة القرآن الكريم؛ وحبذا لو تلتحقي بدار لتحفيظ القرآن، تتعرفي من خلالها علي الفتيات الصالحات، وليكن لكِ نصيب في صيام النوافل، وقيام الليل والدعاء في الثلث الأخير من الليل .
ابنتي الفاضلة... جميل منكِ أن تستشيري في أمر الزواج الذي يترتب عليه أسرة وحياة وأبناء، والاستشارة منهج نبوي حث عليه الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم، ولهذا سنحلل هذا الأمر سويا حتي نصل إلي نتيجة مرضية بإذن الله تعالي بعيدا عن أمر الرجل الذي ذكرتِ أنكِ تعرفينه والذي اتفقنا علي قطع الصلة به وحذفه تماما من ذاكرتكِ، وثقي أنه لن يفعل شيئا سوي أنه سيبحث عن غيركِ للتسامر وإضاعة الوقت..
بالنسبة للرجل المتقدم للزواج منكِ والذي يكبرك بـ 15 عاما، والذي أشرتِ أنه متزوج ولكنه لم ينجب، لم تذكري يا عزيزتي أي معلومات عنه سوي عمره وأنه متزوج وزوجته لم تنجب؛ فهل هو رجل ملتزم دينيا؛ بمعني أنه محافظ علي العبادات ويتحري الحلال ويبتعد عن الحرام؟
هل هو صاحب أخلاق جيدة بمعني أنه كريم، سمح، طيب المعشر، هين لين وليس فظا غليظا؟
هل هو قادر ماديا حتى يؤسس لكِ بيتا مستقلا عن بيت زوجته، وسيوفر لك كل ما تحتاجه الحياة الزوجية الكريمة المحترمة وسيكون لك الزوج والسند وما إلي ذلك من مقومات الرجولة الحقة ؟
هل هو سيبقي علي زوجته أم سوف يطلقها؟
بالطبع الأخلاق والمروءة تدعوه أن يبقي علي زوجته الأولي من باب الوفاء (ولا تنسوا الفضل بينكم)، وليس من حقكِ أن تطالبيه بأن يترك زوجته الأولي لأن هذا ظلم لها.
وإن أبقي علي زوجته الأولي، فإنه غالبا في مثل تلك الزيجات، تبدأ الزوجة الأولي في الغيرة من الثانية حتى وإن كانت موافقة في البداية، ثم يعقب الغيرة وضع الخطط والمكائد للإطاحة بالزوجة الثانية، وخاصة أن الأولي صاحبة العشرة وإن لم يكن لها منه أبناء، فالزوج يحفظ لها الود والوداد، وهي صاحبة مكانة في قلب أهل الزوج، فربما هذا يجعل كفتها هي الراجحة، وأحيانا لا يستطيع الزوج أن يصمد أمام هذا التيار العاتي خصوصا إن تأخر حمل الزوجة الثانية، وقتها لابد له من التضحية، والتضحية دائما ستكون بمن أضعف شكيمة، وقتها ستكونين أنتي الضحية.
معني ذلك أن تدرسي هذا الوضع جيدا قبل أي قرار، وأنت وأسرتكِ أدرى بشخصية هذا الرجل والظروف المحيطة به، فالصورة لابد أن تكون واضحة أمامكم حتي تأخذوا القرار الصحيح، فالصورة إما تكون دافعا لترجيح كفته للارتباط بكِ، أو تكون دافعا قويا للرفض وإنهاء هذه الزيجة.
وفي الختام: أسأل الله أن يختار لك الصالح في أموركِ كلها ويوفقكِ لما فيه الخير.. كل الخير. ونحن في انتظار جديد أخباركِ.