أنت هنا

على نهج الحسين.. وعمر
22 صفر 1434
موقع المسلم

خرجت جموع العراقيين الشرفاء تهدر في شوارع بغداد والفلوجة والرمادي والموصل وتكريت.. وسائر المدن الثائرة في جمعة "الصمود على نهج الحسين" رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وتعلن أن الشعب العراقي الأبي سيكسر قيود الاحتلال الفارسي عنه ويشرع في وضع الأمور في أنصبتها الصحيحة.

 

"على نهج الحسين" خرجوا، وعلى خطى الفاروق عمر رضي الله عنهما سينتصرون، وستدول لهم البلاد بإذن الله..

 

طريق الثورة العراقية المباركة شاق، وطويل، لكن الرواد خطوا فيه الأمتار الأولى، يدركون عقباته وصعوباته لكنهم واثقون بموعود الله.. يدركون أن للثورة ثمنها، لكن متى كان الخضوع بلا ثمن؟! في العراق النموذج الأوضح على أن السكون والاستكانة لا تمنح أصحابها لا أمناً ولا استقراراً ولا اقتصاداً ولا معيشة كريمة..

 

إن الذين هتفوا في عواصم دول الربيع "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية"، لم يكونوا بأسوأ حالاً من العراقيين الذين تنتهب ثرواتهم وتقسم على أحذية الاحتلال وأدواته، والذين صرخوا "الشعب يريد إسقاط النظام" لم يعانوا من نظام فاشي بأفظع مما عاش العراقيون تحت نيره وسطوته.

 

ولذا؛ فإن ثورة العراقيين الشرفاء لم تكن اعتباطية ولا استثنائية؛ فهي تسير وفق التطور المنطقي لنقاط الظلم الخانق في عالمنا العربي؛ وهتاف أصحابها "هيهات منا الذلة"، هو هتاف يخرج من حناجر مكلومة، وينطلق من بين أضلع كسيرة، تستشعر مرارة الظلم والهوان والاستعباد.. إن المظلومية الحقيقية هي تلك التي تعيشها تلك المحافظات التي خرجت منها الثورة، بل حتى التي لم تخرج تعاني تهميشاً لحساب "المستوطنين" الفرس الجدد القادمين من خلف الحدود الشرقية، لكنها تقدم الاستكانة على حب الحرية والانطلاق..

 

أنت هنا في العراق، حيث تسمع لكلمة "الحرائر"، و"الماجدات" رنة في أذنيك لا يفهمها القادمون من وراء الحدود الشرقية، وتعرف لها صداها الذين يفجر ألف ثورة، لا ثورة واحدة في ربوع العراق، لذا؛ فإن ساكني المنطقة الخضراء الذين لا يعرفون إلا لغة القمع والقهر والتعذيب والاستعباد سوف لن يقرؤوا ما بين سطور الربيع العراقي، وبرغم خبث سياستهم وطرقهم الالتوائية الكثيرة، إلا أنهم ستعييهم الحيل حيال هذه الثورة الفتية، فلن تهديهم قريحتهم إلا إلى زناد بنادقهم، فيشرعون في حفر قبورهم بأيديهم..فبرغم خبث السياسة الفارسية إلا أنها حين الملمة لا تعرف إلا لغة الدم.. فأما الدم؛ فهو وقود الثورة المتدفق، وحين يلجؤون إليه فثَم وجه الانتصار.

 

إن الرقعة الجغرافية للثورة العراقية تشي عن طبيعة معركة الثورة العراقية القادمة، وحجم المأزق الذي سيجد الحاكمون في العراق بأمر قم وطهران، أنفسهم فيه، حيث إن وعورة طريقهم، والظروف الإقليمية المحيطة تتطاير معها أوراق لعبتهم الخسيسة، واحدة تلو الأخرى، فلا تبقى في أيديهم إلا تسيير المظاهرات الطائفية المضادة، أو استخدام العنف المفرط، وكلاهما سيصل بهم لطريق مسدود بحول الله وقدرته..